نحن اخترنا نتنياهو ..اخترنا الانتحار..
روغل ألبرـ هآرتس:
بنيامين نتنياهو ليس كارثة حدثت للتّو لدولة إسرائيل. هذا ليس حظا سيئًا. فهو في نهاية المطاف ليس شيئاً استوردته اسرائيل من الخارج، أو فرضته عليها أطراف أجنبية. كلا. والقاعدة المعروفة في التاريخ هي أن القادة يقودون أقل بكثير مما يبدون عليه. فللمواطنين الذين ينقادون وراء القادة وزن أكبر بكثير في اتخاذ القرارات مما ينسبونه لأنفسهم. نتنياهو هو عمل من أعمال التدمير الذاتي الوطني. إنه انتحار جماعي. من الواضح بالفعل أنه لا يمكنك التغلب عليه. فقط ان تخسر.
تخسر إسرائيل مع نتنياهو منذ عقد على الأقل. هناك شرعية واضحة لحكمه: كل شيء يزداد سوءًا. إن ما تفعله إسرائيل بنفسها من خلال نتنياهو تصاعد في السنوات الأخيرة إلى حد التعذيب الفعلي.
إن السنوات التي قضاها في السلطة كمشتبه به جنائي وكمتهم كانت ولا تزال بمثابة الجحيم، وبلغت ذروتها (حتى الآن) في مذبحة 7 أكتوبر.
بلغ الاحتقار لنتنياهو الرجل ذروته. كثيرا ما أجد نفسي أفكر، في نوع من العلاج، ماذا كان سيحدث لو اختار نتنياهو مهنة مختلفة في سن مبكرة، أو لو قرر أفيخاي ماندلبليت إغلاق كل الملفات في القضايا المرفوعة ضده، أو لو فاز شمعون بيرس على نتنياهو في حينه (في انتخابات 1996)، بعد مقتل رابين، لتدحرجَ كل شيء بشكل مختلف. لكن نتنياهو اختار إسرائيل وإسرائيل اختارت نتنياهو. نتنياهو غير موجود في عالم آخر محتمل، بل في هذا العالم. يوميًا أقرأ زملائي يكتبون: لقد تم اختطافنا. إنهم يرددون المشاعر السائدة في بث الاحتجاج منذ فترة طويلة: لقد تم اختطافنا.
لا، نتنياهو لم يتربع في السلطة ولو لثانية واحدة ضد القانون. لم يتم اختطافنا. لقد اخترنا ذلك كأمّة. والآن أصبحت إسرائيل متشتبهة بارتكاب جرائم إبادة جماعية. إن الدولة التي أنشئت أصلًا كنتيجة مباشرة للمحرقة، والتي كان سبب وجودها هو منع القضاء على الشعب اليهودي، متهمة بارتكاب إبادة جماعية من قبل محكمة العدل الدولية، التي أنشئت أيضًا كعبرة من المحرقة.
هل هذا بسبب نتنياهو فقط؟ إن الأمر يتعلق بهذا الشعب بأكمله، كل شعب إسرائيل. جميع الاقتباسات المتعلقة بروح الإبادة الجماعية من كبار المسؤولين الإسرائيليين تعكس بأمانة روح الشعب وروح الجيش.
لا يمكن الانتصار مع نتنياهو. وهذا أيضاً ما تقوله الادارة الأمريكية. ووفقاً لاستطلاعات الرأي، فإن غالبية الجمهور يفهمون ذلك أيضاً. ومن المفترض أن الأغلبية في الكنيست تفهم ذلك. غالبية ضئيلة. لكنها غالبية. ومع ذلك، فقد رأونا. هؤلاء نحن. وها نحن في عهد نتنياهو.
إنه يماطل في قضية المخطوفين. إنه يطيل الحرب. ويضر بالعلاقات مع الولايات المتحدة. وكل ذلك من أجل البقاء في السلطة. لكن العامل الرئيسي الذي يبقيه في السلطة طوال هذه السنوات هو شعب إسرائيل.
إنكم تدركون إلى أين يتجه هذا، أليس كذلك؟ أنتم تعرفون. الى اتجاه واحد فقط. الاتجاه الثابت والمستمر منذ عملية الجرف الصامد. إلى الأسفل. إلى الهاوية.
كل شيء يزداد سوءًا. فماذا سيكون؟ أسوأ. تجاه الدول العربية المعتدلة، تجاه أوروبا، تجاه الولايات المتحدة الأمريكية، في الاقتصاد، في الضفة الغربية. في غزة. كل شيء. نحن نفعل هذا لأنفسنا. ومن الواضح أن نتنياهو يدمر إسرائيل بشكل منهجي، وإذا سُمح له بالاستمرار، فلن ينتهي الأمر في النهاية إلى الانتصار الكامل بل إلى الخراب الشامل.
لقد رأينا بالفعل ما يكفي – في كورونا، وفي خمس جولات انتخابات، وفي الانقلاب القضائي – لنعرف على وجه اليقين أن الأمر سيكون أسوأ. وبالمناسبة، هذا ليس كل شيء. الولايات المتحدة الأمريكية تختار أيضًا الانتحار. مع دونالد ترامب. ولن يكون لإسرائيل معها تحالف دفاعي، بل تحالف انتحاري.
هآرتس 29.1.24
إضافة تعليق جديد