لهذه الأسباب لا يستطيع بايدن وقف الحرب
منذ بدء عملية “طوفان الأقصى”، أظهرت الولايات المتحدة تعاطفًا كبيرًا ودعمًا لا محدودًا لـ “إسرائيل”، معلنة عن حقها في “الدفاع عن النفس ضد العمليات الإرهابية” التي ارتكبتها حركة حماس، الدعم الأميركي لـ “إسرائيل” ليس جديدًا، حيث كانت الولايات المتحدة الداعم الرئيسي لها سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا منذ تأسيسها، تاريخيًا، كانت الجمهوريين أكثر انحيازًا لـ “إسرائيل”، في حين كان دعم الديمقراطيين للكيان الصهيوني أكثر نعومة.
الرئيس بايدن، الذي يؤمن تاريخيًا بفكرة حلاً بحكم الدولتين، وجد نفسه في مأزق بسبب تطورات الأحداث، بما في ذلك صفقة القرن واعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لـ “إسرائيل”، إضافة إلى ذلك، تأثرت العلاقة بينه وبين نتنياهو بسبب إصلاحات حكومته وتصاعد التوترات.
نتنياهو، رئيس وزراء “إسرائيل” لفترات طويلة، أصبح ظاهرة في الساحة السياسية الإسرائيلية، وتحدّى بايدن من خلال مواقفه القوية وفكره الإيماني، بايدن، الرئيس الأكبر سناً في تاريخ الولايات المتحدة، وجد نفسه في موقف صعب، حيث تأثرت هيبة بلاده بسبب مشكلات صحية وتحديات داخلية وخارجية.
ردة فعل بايدن على “طوفان الأقصى” كانت كبيرة سياسيًا، لكن الأحداث الطويلة للحرب أظهرت ضعف “الجيش” الإسرائيلي وتأثرت الرأي العام العالمي والأميركي، طلب بايدن وقف الحرب أو تحويلها إلى عمليات استهداف قادة حماس بشكل أدق.
في النهاية، يبدو أن التحديات السياسية والاستراتيجية تزيد على بايدن، وهو في حاجة إلى التصدي لها بحذر وحكمة.
مع الوضع الاقتصادي في أميركا والعالم، ارتفع حجم المساعدات الأميركية لأوكرانيا خلال العامين الماضيين إلى 124 مليار دولار، وبلغ الدين العام للولايات المتحدة 2،3 تريليون دولار، بعد أن كان نحو 700 مليار فقط قبل الحرب في أوكرانيا، يظهر هنا تساؤل كبير حيال توجيه الدعم الأميركي والدين العام للمساهمة في تأمين الذخائر لأوكرانيا و”إسرائيل”، خاصة في ظل استهلاك غزة للذخائر الذي فاق التوقعات وفقاً لموقع الميادين.
هل ترغب الولايات المتحدة فعلاً في وقف الحرب في غزة؟ أم أن الحرب في المنطقة هي نتيجة لاستراتيجية أميركية ينفذها “إسرائيل”؟ ويبرز السؤال الأهم: هل يمكن للرئيس بايدن أن يضغط على نتنياهو لوقف الحرب في غزة، أم أن مزاعم اختلاف الرؤى بين أميركا و”إسرائيل” هي مجرد تقسيم للأدوار؟
في هذا السياق، يتقاطع الموقف الاستراتيجي الذي أعلنه بايدن مع موقف نتنياهو (ضرورة القضاء على حركة حماس)، ولكن يختلف في التكتيك (الوسائل وطريقة التنفيذ) لتحقيق الهدف المعلن، يظهر أن هناك خلافًا حقيقيًا ينبع من تصاعد سياسات نتنياهو التي تعرض مصالح الولايات المتحدة.
استطلاعات الرأي تشير إلى انخراط الشباب الأميركي ضد الحرب في غزة، مما يؤثر على شعبية بايدن ويزيد من صعوبة تعاطيه مع نتنياهو، تظهر العديد من العوامل التي تجعل من الصعب على بايدن فرض توقف الحرب، من بينها شخصيته ووضعه الصحي، وتأثره بشخصيات مثل نتنياهو وغولدا مائير، وضغوط اللوبي الصهيوني والكونغرس.
كل المعطيات تشير إلى أن نتنياهو أصبح عبئًا على المجتمع الدولي، والتخلص منه يخدم مصلحة الجميع، بدءًا من “إسرائيل” وصولاً إلى الولايات المتحدة الأميركية.
إضافة تعليق جديد