الإحتلال الأمريكي : هل ينسحب أم لن ينسحب من شرقي سوريا؟

09-03-2024

الإحتلال الأمريكي : هل ينسحب أم لن ينسحب من شرقي سوريا؟

يتحدث الأمريكيون بشكل متزايد عن الانسحاب من مناطق الجزيرة السورية وخط الفرات، ولكن رغم هذا، يظهر في الميدان ازدياد وجود القوات الأمريكية وتعزيز تسليح “قسد”.

يتم التداول بشكل متكرر في الكونغرس والبنتاغون، ويُكتب في المجلات الأمريكية حول هذا الانسحاب المحتمل، ولكن يبدو أن هناك نوعًا من التناقض بين التحليل الزائد والتطورات الفعلية على الأرض.

يثير هذا الوضع العديد من الأسئلة حول مستقبل المنطقة وتوزيع القوى والسيطرة، وكيف ستتأثر دمشق وأنقرة وطهران وموسكو وغيرها، ومصير “الإدارة الذاتية” و”قسد”؟

يتسم الحديث عن الانسحاب بتناقضات، إذ تزداد أعداد القوات الأمريكية وتسليح “قسد”، مما يشير إلى أن الإعلان عن الانسحاب قد يكون وسيلة لتغطية المزيد من التورط غير الشرعي والإجرامي في الأزمة السورية.

في الحقيقة، يشكل وجود القوات الأمريكية هاجسًا لدمشق وطهران وموسكو، وحتى بالنسبة لأنقرة التي تحتفظ بتحالف عميق مع الولايات المتحدة. تظهر التوترات بينهم وفي النهاية يتحدون تحت راية العداء لسوريا.

تظل الخلافات حول “الإدارة الكردية” و”قسد” محددة ضمن إطار التحالف بينهما، وتظهر قوة هذا التحالف على الرغم من الاختلافات.

يواجهت دمشق صعوبات وتحديات كبيرة في التعامل بشكل فعال مع الوجود الأمريكي غير الشرعي في منطقة الجزيرة والتنف، حيث يتوقع أن تؤثر هذه الوجودية في توازن القوة والإمكانيات.

في هذا السياق، تُعد عمليات الانسحاب والترتيب لها عملية قائمة على “قابلية محلية”، فهي تعتمد على التوازنات المحلية والأحوال المناسبة لدفع العملية نحو إقامة كيان خاص. وتشمل هذه التوازنات مناطق شمال غرب سوريا والمناطق التي تسيطر عليها تركيا والميليشيات الموالية لها، إضافة إلى التوترات في المنطقة الجنوبية.

تُظهر هذه العمليات تغييرات في ميزان القوى والتوترات السياسية والعسكرية، وتستلزم الدعم الأمريكي المباشر أو غير المباشر لتحقيق وجود مستدام. تتطلب الخرائط الجديدة للسيطرة والانتماء دعمًا أمريكيًا مستمرًا.

يُرى من الجانب الأمريكي حتى الآن أن عائدات وجودهم تفوق التبعات، إذ لا تواجه القوات والمصالح الأمريكية تحديات أو مخاطر كبيرة بشكل مباشر. قد تشهد الهجمات من قبل المقاومة زيادة، ولكن التقديرات الأمريكية ما زالت تميل نحو بقاء القوات.
 
على الرغم من ذلك، يظل هناك تناقض بين تصاعد حديث الانسحاب وبين التطورات الفعلية على الأرض، مما يثير العديد من التساؤلات حول مدى جدوى الخطط المعلنة وتوجهات السياسة الأمريكية.

في الختام، تظهر الدروس المستفادة من أفغانستان وكيف تم التعامل مع انسحاب القوات الأمريكية. يُرى الأمريكان أنه بالتعامل مع التهديدات بحكمة وتوازن، يمكن تجنب الأخطاء التي وقعت في أفغانستان وتحقيق انسحاب أمريكي أكثر نجاحًا وفعالية.

رغم عدم امتلاك طالبان قوة تدميرية كبيرة ضد الولايات المتحدة، إلا أن لديها قوة استراتيجية وتكتيك بعيدة المدى جعلت البقاء أمرًا صعبًا للغاية. ورغم بداية مؤشرات التسوية بين الولايات المتحدة وطالبان، فإن الانسحاب الذي حدث كان مفاجئًا ومدمرًا لحلفاء الولايات المتحدة في أفغانستان.

هل كانت طالبان تعمل بمفردها؟ بالطبع لا. كانت هناك تشابكات متزايدة بين طالبان وروسيا والصين، مما زاد من مدى تأثيرها وزاد من تهديداتها للولايات المتحدة. وبالطبع، كانت هناك عوامل أخرى أثرت في المواجهة النهائية.

رغم عدم قدرة دمشق وحلفاؤها على طرد الولايات المتحدة بقوة، يمكنهم العمل على تغيير الميزان في الميدان، مما يجعل تفضيل الولايات المتحدة للاستمرار في سوريا أمرًا صعبًا وتكلفة أكبر.

يمكن أن لا تكون جميع الجهود تتسبب مباشرة في التأثير على القوات الأمريكية، ولكن من المهم العمل على احتواء السياسات والرهانات في المنطقة، سواء كانت محلية أو أمريكية أو تركية، وتحفيز التغييرات التدريجية:

إحداث بيئة غير آمنة وتهديدات مستمرة، مع تغيير تدريجي في نمط التهديدات والخسائر الأمريكية.

بناء بنية تواصل عبر المناطق والجغرافيات المسيطر عليها، تتحرك في إطار المجتمع والدولة.

تغيير في القابلية الاجتماعية والسياسية لوجود الولايات المتحدة، وتوضيح للمتعاونين مع الولايات المتحدة أن لا مستقبل لوجودها في البلاد.

قد لا تكون المهمة سهلة، ولكن مع عوامل أخرى، يمكن أن تدفع واشنطن لإعادة تقييم الموقف وتعديل السياسات والرهانات، مما يزيد من احتمالية الانسحاب.

التبعات غالبًا ما تكون المحور الرئيسي في قرارات الانسحاب الأمريكي من أي منطقة في العالم.

يشير التزايد في هجمات القواعد الأمريكية في شرقي سوريا وخط الفرات إلى تغيير في مدى التهديد-الفرصة للفواعل المعادية للولايات المتحدة، وعلى الرغم من أن الهجمات قد تكون نتيجة للتوترات الأمريكية-الإيرانية، يمكن أن تكون أيضًا متصلة بتقديرات مختلفة للموقف الأمريكي في منطقة الجزيرة وخط الفرات في سوريا.

بشكل لا يُنكر، يُظهر درس الانسحاب الأمريكي من أفغانستان أهمية فحصه لتطبيقه في سوريا، وتهيئة الظروف لانسحاب محتمل من شرقي سوريا.

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...