كيف نجح بوتين في استعادة عظمة روسيا بالعالم؟
بفوز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (71 عاما) بولاية رئاسية خامسة بعد حصوله على نحو 87.29 بالمئة من أصوات الناخبين، بات القيصر الذي أعاد هيبة بلاده بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في 26 ديسمبر 1991، يتفوق على جوزيف ستالين، ليصبح أطول زعماء روسيا بقاء في المنصب منذ أكثر من 200 عام.
وعزز بوتين، الذي تولى رئاسة روسيا بالإنابة في ديسمبر 1999 بسبب الاستقالة المبكرة لبوريس يلتسين، على مدار أكثر من ربع قرن، قبضته على الحكم، معيدا للبلاد هيبتها في محيطها الإقليمي والدولي.
أبرز المحطات في حياة بوتين السياسية
• في يناير عام 1990، أنهى بوتين رحلة عمل إلى ألمانيا وعاد إلى لينينغراد، ووفقا له رفض الانتقال للجهاز المركزي للاستخبارات الأجنبية للـ”كي جي بي” في موسكو، والتحق بجهاز المخابرات الداخلية في الاتحاد السوفيتي، فرع لينينغراد.
• منذ فبراير 1990، عمل كمساعد لرئيس جامعة ولاية لينينغراد للشؤون الدولية، ثم مستشارا لرئيس مجلس مدينة لينينغراد أناتولي سوبتشاك ، عمدة سانت بطرسبرغ في 1991-1996.
• في يونيو 1991، تم تعيين بوتين رئيسا للجنة العلاقات الخارجية في مكتب رئيس بلدية سانت بطرسبرغ.
• في ديسمبر 1999، أصبح بوتين رئيسا بالإنابة لروسيا بعد استقالة يلتسين.
• تم انتخابه رسميا لمنصب الرئيس في مارس 2000.
• خدم فترتين رئيسا لروسيا من 2000 إلى 2004 ومن 2004 إلى 2008، قبل أن يتنحى تماشيا مع الحظر الدستوري الروسي على ثلاث فترات رئاسية متتالية لتولي منصب رئيس الوزراء.
• أعيد انتخابه في مارس 2012، ليتولى فترة ولاية أخرى رئيسا لروسيا حتى 2018، وذلك بفضل التعديل الدستوري الذي أقرّه الرئيس آنذاك ديمتري ميدفيديف في ديسمبر 2008 لتمديد الولاية الرئاسية من أربع إلى ست سنوات.
في عام 2020 عُدّل الدستور الروسي مرة أخرى لتمديد فترة الولاية الرئاسية مرتين، وبالتالي، بات بمقدور بوتين حاليا أن يحصل على فترتين رئاسيتين على الأقل، أي حتى 2036، وبذلك يتخطى الرقم القياسي الذي حققه ستالين بحكمه البلاد 29 عاما.
واستفاد بوتين من كونه عميلا في المخابرات ليبقي طموحاته الخاصة طي الكتمان، كما استغل الفرص التي أتيحت له، وفق مؤسسة “بروكينغز”، التي أضافت أنه:
– أولى اهتماما وثيقا بالأفراد الذين يعزّزون مسيرته المهنية، لقد درسهم، وعزّز علاقاته الشخصية والمهنية معهم، وقدم لهم المعروف، وتلاعب بهم.
– حين كان يناور للفوز بمنصب حساس سمح للبعض بانتقاده ليراكم بهدوء قوة حقيقية.
ويتسم حكم بوتين بالقومية الروسية المحافظة، وبه أصداء قوية لحكم القياصرة، كما يحظى بتأييد الكنيسة الأرثوذوكسية، وفق ما ذكرته شبكة “بي بي سي”.
الأكثر نفوذا وشعبية
• يعتبر بوتين السياسي الروسي الأكثر شعبية منذ 1999، كما يعتقد أكثر من نصف الروس الذين استطلعت آراءهم مؤسسة الرأي العام، أنه “خلال فترة وجوده في السلطة، تمكن من تحقيق الأهداف التي حددها لنفسه بالكامل”.
• في عام 2007 اختارته مجلة تايم الأميركية “شخصية العام”.
• حلّ بالمرتبة الأولى في تصنيف الأشخاص الأكثر نفوذا في العالم من قبل مجلة “فانيتي فير” بعام 2008.
• في الأعوام 2013 و2014 و2015 و2016، تصدّر قائمة الأشخاص الأكثر نفوذا وفقاً لمجلة “فوربس” الأميركية.
استعادة مجد روسيا
بين الحرب على أوكرانيا والمواجهة مع الغرب واحتجاجات المعارضة، أبقى الفوز بوتين بالسلطة 6 أعوام أخرى، كقائد حربي يمسك بالسلطة بكلتا يديه، وفق وكالة “الأنباء الفرنسية”، التي أشارت إلى أن عهد بوتين شهد في عام 2020، تعديلا دستوريا يتيح له البقاء في الحكم حتى 2036.
وتميز حكم بوتين الآتي من صفوف جهاز الاستخبارات منذ وصوله إلى الكرملين بسمتين رئيسيتين: أولهما التصلب المستمر مع السيطرة على طبقة الأثرياء الأوليغارشية وحرب الشيشان الثانية ومراقبة الإعلام والمعارضة.
أما السمة الثانية فهي السعي إلى اكتساب سلطة جيوسياسية، من خلال الحرب في جورجيا (2008)، وضم شبه جزيرة القرم الأوكرانية (2014) والتدخل العسكري في سوريا (2015) وأخيرا الحرب على أوكرانيا في فبراير 2022.
وظنت أوروبا خطأ أنها قادرة على توجيه هذه الطموحات مراهنة على الاعتماد الاقتصادي المتبادل من خلال المشتريات الضخمة من الغاز الروسي، وفق “فرانس برس”، التي أضافت أنه:
• يواجه بوتين الكثير من الإخفاقات بحرب أوكرانيا، لكنه ما زال يصر على تحقيق النصر من خلال الاستنزاف، مراهنا على ميل الكفة لصالحه في الأشهر الأخيرة وإنهاك القوى الغربية الداعمة لكييف بالسلاح.
• بعد عامين على بدء الحرب، سيطرت قوات موسكو مؤخرا على بلدة أفدييفكا، وواصلت التقدم في مواجهة قوات كييف التي تعاني من نقص العديد والذخيرة.
• من أبرز تصريحاته أن الجيش الروسي لن يتراجع ولن يفشل، كما أن الحرب مسألة “حياة أو موت” لموسكو.
• يفتخر بوتين حاليا من أجل تحقيق أهدافه بالدعم الدبلوماسي الذي يحصل عليه من الصين، ويشير إلى أن آسيا، وفي مقدمتها الهند، تتهافت على النفط الروسي، وأن إفريقيا تعتبره حليفا ضد “الاستعمار الجديد” الغربي.
• بعد إخفاق الهجوم المضاد الأوكراني تمتع بوتين بهامش مناورة أكبر، مع انقسام الغربيين بشأن استمرار المساعدات العسكرية لأوكرانيا.
• عاد الرئيس الروسي رغم صدمة العقوبات للساحة الدولية بعد أن امتص الاقتصاد الروسي تلك الصدمات رغم التضخم والاعتماد على الإنتاج العسكري.
• رغم قوة الاقتصاد على مواجهة التحديات تظل قدرة الروس والنخبة والاقتصاد على الصمود بنزاع أوكرانيا على المدى الطويل يثير تساؤلات.
يقول المحلل الروسي فلاديمير إيغور، إن روسيا “تمر بواحدة من أدق مراحلها التاريخية” خاصة في ظل ما يطلق عليها بحقبة الدولة الروسية الوطنية التي بدأت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.
وأضاف إيغور أنه “رغم الثقة وعامل الاستقرار الذي يشهده الداخل الروسي حتى الآن، لاتزال الأزمة الأوكرانية تلقي بظلالها على المشهد العام جراء الهجمات في بعض الأحيان للمسيرات التي شهدتها بعض المدن الحدودية مع أوكرانيا”.
وتابع قائلا: “حقق بوتين لروسيا استقرارا اقتصاديا، رغم العقوبات الغربية على مختلف قطاعات الإنتاج، من الطاقة إلى الزراعة والتصنيع العسكري حتى النقل الجوي، وتمكنت روسيا من الحفاظ على مستوى الحياة العامة للمجتمع والفرد”.
وأشار إلى أن “نسبة التضخم بالأسواق الروسية سجلت الأقل مقارنة بدول أوروبية وزادت الثقة بالجهاز الحكومي”.
وأوضح أن “تقارير دولية أوردت توقعات متفائلة تفيد بنمو الاقتصاد الروسي، ومن أهمها تقرير البنك الدولي الصادر في يناير 2024 والذي رفع توقعاته لنمو الاقتصاد في عام 2024 إلى 1.3 في المائة، وفي 2025 إلى 0.9 في المائة”.
واختتم حديثه بالقول: “هناك تحديات كبيرة في انتظار حاكم الكرملين وفي مقدمتها التحدي الأمني المتمثل في الحرب الأوكرانية ومنع هجمات المسّيرات على المدن الروسية والعاصمة موسكو”.
سكاي نيوز عربية
إضافة تعليق جديد