خطط واشنطن : التقارب السوريّ – التركي ممنوع

27-07-2024

خطط واشنطن : التقارب السوريّ – التركي ممنوع

مع كل حديث عن تقدّم الجهود في مسار العلاقات السورية-التركية، تظهر إشارات أمريكية قوية تدل على انزعاج واشنطن من أي حلول أو تسويات قد تنهي الحرب في سوريا، أو تعيد سيادة الدولة السورية على كامل أراضيها، أو تطور علاقات دمشق مع جيرانها بما يخدم مصلحة الشعب والدولة في سوريا، وحتى دول المنطقة.

مؤخراً، ازدادت هذه الإشارات مع تصاعد الجهود والمساعي التي تبذلها موسكو وبغداد وطهران لتقريب وجهات النظر السورية-التركية، وتحقيق انفراجات في العلاقات بين الطرفين.

تزامن ذلك مع صدور بيانات سورية-تركية إيجابية، ما أثار قلق واشنطن بشكل واضح.

الإشارات الأمريكية لم تقتصر على البيانات أو التصريحات العلنية التي تعارض أي تقارب سوري-تركي، وربط أي علاقات دولية مع دمشق بشروط أمريكية وغربية، مثل تنفيذ القرار الأممي رقم 2254.

أحد المسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية أكد مؤخرًا أن بلاده “لن تطبّع العلاقات مع دمشق”، ودعا “كل الدول” للضغط على دمشق لتنفيذ هذا القرار، في تعليق على احتمال حصول تقارب بين سوريا وتركيا.

واشنطن لا تكتفي بالكلام، بل تتخذ خطوات عملية على الأرض، خاصة في الشرق السوري.

تعزز وجودها العسكري هناك، وتستقدم أسلحة ومعدات جديدة إلى قواعدها، وتحرك أدواتها في المنطقة مثل “قسد”، بهدف توسيع الهوة بين شرق سوريا والدولة السورية، وتسهيل العمليات الإرهابية ضد الجيش والمدنيين السوريين.

في هذا السياق، أعلنت “الإدارة الذاتية” في شرقي سوريا عن نيتها إجراء انتخابات محلية، ثم أُجبرت على تأجيلها تحت الضغط. “قسد” منعت مؤخرًا إجراء الانتخابات التشريعية الخاصة بمجلس الشعب السوري في تلك المناطق، ثم أصدرت عفوًا عامًا عن مئات السجناء المحكومين بتهم مختلفة، بما في ذلك الإرهاب والاتجار بالمخدرات والتواصل مع جهات خارجية.

عمليات الإفراج بدأت بالفعل في عدة سجون شرقي البلاد.

العفو الصادر عن “الإدارة الذاتية” يعزز الشكوك حول نواياها الانفصالية، ويكشف انغماسها في المشاريع الأمريكية الخاصة بسوريا.

تصريحات القائد العام لـ “قسد”، مظلوم عبدي، أكدت تمسك الإدارة الذاتية برؤاها، وشروطها للحوار مع دمشق، مثل الاعتراف دستورياً بالإدارة الذاتية وخصوصية “قسد”.

تلك الشروط تشكل عائقًا أمام أي حوار مع دمشق، التي تسعى لاستعادة سيادة الدولة السورية على كامل أراضيها.

في المقابل، تريد “قسد” انسحاب القوات التركية من مناطق عفرين وعين العرب “كوباني” وتل أبيض، التي تعتبرها جزءًا من الإقليم الكردي المفترض.

واشنطن تدعم هذا التوجه الكردي، وتعلن عن تصاعد نشاط “داعش” في سوريا والعراق، وتتخذ خطوات لتعزيز وجودها العسكري في شرق الفرات، مثل إقامة أبراج مراقبة في ريف دير الزور الشرقي.

من الواضح أن واشنطن تسعى لعرقلة التقارب السوري-التركي، ولن تسمح بمروره دون أثمان باهظة في جبهات أخرى، وستفعل كل ما يمكن لضرب النجاحات المحتملة.

دمشق وحلفاؤها يدركون هذا جيدًا، لذا يعززون عملياتهم في البادية السورية ويدعمون انتفاضة العشائر العربية في الشرق ضد “قسد”.

من المتوقع أن تزيد الخطط الأمريكية من تعقيد الأمور في الشرق السوري، وقد تصل إلى عمليات عسكرية ضد الجيش السوري وقوى المقاومة، مما سيؤدي إلى ردود عسكرية ضد قوات الاحتلال وأدواتها في المنطقة.

الأمور ستتضح أكثر بعد أول لقاء رفيع المستوى بين مسؤولين سوريين وأتراك.

الميادين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...