منير الشعراني وربع قرن في البحث الحروفي

09-03-2008

منير الشعراني وربع قرن في البحث الحروفي

عاد منير الشعراني إلى المشهد التشكيلي السوري، بعد ست وعشرين سنة من الهجرة والغياب حاملاً معه خبرة ربع قرن من البحث عن آفاق تزيد الخط العربي ألقاً ووضوحاً. محطته السورية الأولى غاليري «أيام» التي أقام فيها معرضه.

لمحيي الدين ابن عربي مقولة يقتنع بها الفنان الحروفي منير شعراني: «كلّ فنّ لا يفيد علماً لا يُعوَّلُ عليه»، واعتماداً على قول علي بن أبي طالب «الخط يزيد الحق وضوحاً» يستطيع الخط العربي بحسب الشعراني حل المعادلة التي بحث عنها فنانون كثيرون فهو تجريدي من حيث الشكل لكنه يوصل محتوى من خلال العبارة، والمتلقي يرى ما هو بصري أولاً، فإن شدّه يسعى إلى محتواه ليبــدأ دور الــعبارة التي تتــفاعل جـدلياً مع الشــكل ليـتحقق انســـجام أعـلى.

كيف يتلقى المشاهد لوحة الشعراني الحروفية؟ يجيب: السؤال ناتج عن معرفة المتلقي أنه يتعامل مع فنان يعمل انطلاقاً من الخط العربي، هناك متلقون يتعاملون مع الخط العربي كفن، يبدأون باللوحة الخطية من الجانب البصري وهذا ينطبق أيضاً على معظم الغــرباء عن اللــغة، وتــشدهـم العلاقات التــشكيلية الــتي يــقوم علــيها العمل أولاً، ثم يأتي دور المـعنى ليـزيد أو ينقـص من إعــجابهم بالـعمل..

وهل مضمون العبارة يحدد نوع الخط أو شكل الحرف؟ هنا يتحدث الشعراني عن جدلية الشكل والمضمون: الترابط بين الشكل والمحتوى أمر ضروري، وفي الخط العربي إمكانات تعبيرية عالية تنطوي عليها أنواعه، وما على الفنان إلا أن يحسن اختيار النوع الذي يمكن أن يحقق جماليات تنسجم مع روح العبارة فلا يمكن مثلا أن يتفاعل المتلقي بالمعنى النهائي مع عمل يحس معه بتناقض بين روح العبارة، والمثال على هذه الجدلية عبارة عن الحب التي لا تكتب بخط شديد الصلابة لأن ذلك يتنافى مع معنى الحب.

الوضوح وعدم اللجوء على ألوان كثيرة ما الهدف منه؟

يقول الشعراني: أتعامل مع كل عبارة بما يتلاءم معها من أنواع الخط ومن العلاقات اللونية وان بدت قليلة لكن استخدامها بأسلوب معين يتم من خلال ما يستدعيه العمل بصرياً من دون اللجوء إلى إبهار أو ثرثرات لونية ومن دون الحاجة إلى زخارف ومكملات من خارج الخط. الخط العربي فن تشكيلي قائم بذاته لا يحتاج إلى عكاز لا من الزخرفة ولا من التصوير ولا من تقنيات التي تتنافى مع جوهره وطبيعته.

يعود ذلك الى الشخصية العربية التي كان لها فضل التأسيس لهيكلة الخط العربي الذي أسهمت فيها لاحقاً شعوب استظلت بمظلة الحضارة العربية الإسلامية، فالذهنية العربية تجريدية، وللخيال مساحة واسعة فيها. هذا في الشعر العربي القديم وما نراه في الزخرفة العربية وما نراه في الموسيقى وفي جوانب فنية أخرى قامت عليها الثقافة العربية الإسلامية، ويضيف الخط العربي مسحات تنسجم مع موروث ثقافي من حضارات سابقة التي تماهى أهلها مع الحضارة العربية الإسلامية.

أحمد الخليل

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...