7قصص فساد.. والنتيجة خسارة شركة النايلون 65 مليون ليرة

11-08-2008

7قصص فساد.. والنتيجة خسارة شركة النايلون 65 مليون ليرة

بعجز مالي تجاوز المليار ليرة سورية وتاريخ حافل بالفساد والسرقات والتجاوزات تجر الشركة العامة الصناعية لخيوط النايلون والجوارب أذيال الرجاء نحو أفق يبدو لبعض العاملين فيها أفضل.. ولآخرين «لا يصلح العطار ما أفسده الدهر»..

الحقيقة أن الشركة تخوض معركة البقاء بالمعنى الواسع لهذه الكلمة حيث تبذل كل شهر أقصى درجات الكد والجهد وأحياناً التوسل لدى بعض الجهات العامة الأخرى من أجل توفير رواتب العاملين وفي أحسن الأحوال شراء مواد أولية تساعد على استمرارية العملية الإنتاجية بالحد الأدنى.. ‏

وقبل الخوض بواقع الشركة حالياً لابد من الإشارة إلى بعض التصرفات السلبية والمخالفات التي ارتكبتها الإدارة السابقة بحق الشركة وتواطؤ المحامي المسؤول عن تحصيل حقوق الشركة مع بعض التجار لتحصيل منافع شخصية عوضاً عن المصلحة العامة.. ‏

- حيث تشير المعلومات والوثائق التي بين أيدينا إلى قيام الإدارة السابقة لشركة النايلون بالتعاقد مع التاجر «ن.ج» لتوريد /6/ أطنان من مادة الشمع السائل غير المطابقة للمواصفات القياسية ودفتر الشروط الفنية ولذلك رفضتها لجنة الاستلام رغم الضغط الذي مارسه عليها المدير العام السابق «ف.ع» وفرضه العقوبات المتتالية بحق أعضائها دون فائدة.. فما كان منه إلا أن قام بتشكيل لجنة استلام بديلة استلمت الشمع المخالف والذي هو في الحقيقة عبارة عن فازلين لا يتجاوز سعر الطن الواحد منها 30 ألف ليرة سورية وليست شمعاً سائلاً الذي حدد سعره العقدي بـ 395 ألف ليرة للطن الواحد وبذلك يكون فارق السعر في هذه الصفقة المخالفة حوالي 2.2 مليون ليرة ذهبت لجيوب المخالفين. ‏

وفي عملية أخرى قام رئيس لجنة المشتريات بالشركة «م.س» بشراء معظم مواد ومسلتزمات الشركة من التاجر «ن.ج» بأسعار أعلى من الرائج وبعروض أسعار وفواتير وهمية وبأسماء مختلفة وأختام مزورة كانت بحوزة التاجر «ع.ع» مقابل مبالغ نقدية يتقاضاها المذكور بالاشتراك مع رئيس لجنة المشتريات رغم أن التاجر «ن.ج» محروم من التعامل مع جهات القطاع العام. ‏

وعمد رئيس لجنة المشتريات أيضاً بالاشتراك مع الموظف في الشركة «م.ع» باستجرار /4/ آلاف ابرة صينية على أنها نوع اكسلتور كندية بمغلفات كسلتور مزورة من ذات التاجر «ن.ج» بفاتورة باسم التاجر «ع.ع» وبسعر 16 ليرة للابرة الواحدة في حين سعر الابرة الصينية 5,3ليرات وهنا أيضاً تتجاوز قيمة الصفقة المخالفة حدود الـ 50 ألف ليرة. ‏

- ولم يكتف المدير العام السابق بذلك بل تابع مسيرة المخالفات ولكن هذه المرة بالتعاون مع مدير الإنتاج بالشركة «ب.ج» حيث قاما بالتعاقد مع التاجر «أ.ن» لتوريد كونات بلاستيكية بسعر 6.75 ليرات للكونة الواحدة واستلامها رغم مخالفاتها للمواصفات الفنية المطلوبة متجاهلين وجود كميات من ذات المادة «الكونات» لدى شركات القطاع العام التي تستخدم الخيوط والتي عرضت بيعها للشركة بسعر ليرة واحدة للكونة الواحدة. ‏

وقصة الفساد الرابعة التي حدثت في الشركة وربما تشترك بها جهات أعلى هي أنه في العام 2005 تم جرد قسم الساتان في الشركة وتبين نتيجة وجود نقص في الموجودات بكمية 9 أطنان من الخيوط تقدر قيمتها بـ 2.7 ملايين ليرة وتمت لفلفة الموضوع وطيه على أمل أن تبتلعه الأيام ويصبح رهن النسيان دون أن يتم محاسبة أحد على هذا النقص. ‏

- وأيضاً بحسب الوثائق فقد قامت الإدارة السابقة للشركة بالإعلان عن مزاد لبيع عوادم وخيوط دكمه ورسا المزاد على التاجر«ع.خ» بسعر 33 ليرة لكل واحد كيلو غرام رغم تقدم التاجر «س.ع» بطلب لاستجرارالكمية الموجودة بالشركة بسعر أعلى 38 ليرة للكيلوغرام الواحد وفعلاً تم تسليم التاجر «ع.خ» خيوط نخب ثان ذات السعر الأعلى حوالي 500 ليرة للكلغ الواحد ـ وليست دكمه وذلك بتدخل مباشر من قبل مدير الإنتاج «ب.ح» وموافقة المدير السابق مقابل رشاوى تقاضياها من التاجر المذكور الذي استلم الخيوط. ‏

ومن فصول مسرحية الفساد أيضاً قيام الشركة سابقاً باستلام كميات من خيط اكرليك نمرة 34/1 موردة من التاجر «م.ح» مخالفة للمواصفات كانت لجنة الاستلام قد رفضت استلامها سابقاً عند توريدها من قبل التاجر «ن.ج» وكل ذلك تم بعلم المدير العام السابق. ‏

فضلاً عن قيام رئيس لجنة الإصلاح بالشركة «م.ع» بالتلاعب في فواتير الإصلاح وعروض الأسعار وتزوير تواقيع أعضاء اللجنة والمدير العام السابق وتنفيذ الأعمال المطلوبة بأسعار مضاعفة لتحقيق المنفعة الشخصية. ‏

- ‏ ولما كان الأمس هو استمرار لليوم زمنياً فإننا نشير إلى أن تلك المخالفات والأخطاء المذكورة أعلاه كانت السبب الرئيس في خسارة الشركة حوالي 65 مليون ليرة مع نهاية العام 2007 وعلمت «تشرين» أن هناك قراراً صدر بصرف أحد المخالفين من الوظيفة وهناك ثلاثة قرارات ستصدر لاحقاً بحق الباقين. ‏

وبالعودة إلى إحصائيات الشركة عن النصف الأول من العام الحالي ومقارنتها مع ذات الفترة من العام 2007 نجد: ‏

ـ تراجع مبيعات الشركة من حوالي 42 مليون ليرة إلى 35.9 مليون ليرة أى ما يعادل 14.5% ‏

ـ لم تتجاوز نسبة تنفيذ خطة المبيعات 23% في حين كانت خلال ذات الفترة من العام السابق 28%. ‏

وقد بررت الشركة تراجع قيمة المبيعات إلى ارتفاع الأسعار وعدم التوريد لإحدى الجهات العامة في بداية العام 2008.. مشيرة إلى أنها تسعى لفتح أسواق جديدة لها حيث تعمل على التعاقد مع شركة المطاحن وقامت بمراسلة شركات المؤسسة العامة للصناعات النسيجية لوضع منتجات الشركة من الجوارب في صالاتها. ‏

وقالت مديرة التخطيط في الشركة: إنه تم إبرام عقود مع بعض التجار لبيع خيوط وجوارب نسائية من المخزون وتم تشكيل مكتب تسويق جديد لتفعيل عملية التسويق. ولفتت لوجود بعض المشكلات التي تعاني منها الشركة وتتمثل بعدم تقدم التجار إلى المناقصات.. والشركة حالياً بصدد حل مشكلة تأمين المواد الأولية حتى لا تتوقف العملية الإنتاجية. ‏

أما بالنسبة لمقارنة تنفيذ الخطة الإنتاجية لذات الفترة المذكورة سابقاً لاحظنا تحسناً طفيفاً بحدود 6% فقط حيث كانت نسبة التنفيذ للعام الحالي 37% مع الإشارة إلى أن عدد ساعات التوقف في الشركة بلغت خلال النصف الأول من 2008 وفق الآتي: ‏

ـ في قسم الساتان 825 ساعة توقف قسم. ‏

ـ في قسم الجوارب 48348 ساعة توقف آلة. ‏

وبالمقارنة مع ذات الفترة من عام 2007 نلاحظ انخفاضاً في ساعات توقف قسم الساتان بنسبة 44%.. وزيادة في ساعات توقف الآلة في قسم الجوارب بمعدل 12%. ‏

‏ - أما بخصوص الوضع المالي للشركة فيقول مديرها المالي إنها مثقلة بالديون خاصة تجاه شركات القطاع العام بسبب تراكم المديونية في السنوات الماضية والتي وصلت إلى حوالي 1.062 مليار ليرة. ‏

كما تعاني الشركة من نقص شديد في السيولة لدرجة أنها بصعوبة كبيرة تستطيع تأمين رواتب عمالها.. وهناك بعض حسميات الرواتب المتراكمة كديون على الشركة لصالح مصرف التسليف الشعبي ومؤسسة التأمينات الاجتماعية لم تسددها الإدارات السابقة بسبب نقص السيولة المالية للشركة.. كما لم تقم بتسديد اشتراكات صندوق نقابة عمال الغزل والنسيج عن العامين 2006 ـ 2007.. إلا أنه ومنذ استلام الإدارة الجديدة للشركة في 20/4/2007 ـ يقول المدير المالي ـ ورغم أن السيولة المالية بأسوأ حالاتها ولا تتجاوز 200 ألف ليرة ومع ذلك قامت الشركة بتسديد اشتراكات صندوق الوفاة عن 8 أشهر تعود للعامين 2007 و2008 تبلغ قيمتها بحدود 387 ألف ليرة. ‏

‏ - وبدل أن يقف العمال إلى جانب الشركة والعمل على تحسين واقعها فقد عمدت اللجنة النقابية في الشركة بتسطير تقارير تقول: إن الإدارة فرضت عقوبات بحق 23 عاملاً وعاملة هي عبارة عن حسومات بالراتب تراوحت ما بين 36 و1598 ليرة.. فضلاً عن قيامها بتزوير كشوفات الإنتاج لبعض العمال في قسم الجوارب الرجالي منذ تاريخ 1/11/2007 وما بعد الأمر الذي أدى إلى نقص كمية من الإنتاج الموجودة في البطاقة المسجلة من قبل العامل والموقعة من قبل رئيسي القسم والوردية.. علماً أن التزوير ـ تقول اللجنة ـ تم في كمية الإنتاج بالعدد وبقي الوزن على ما هو عليه ما أدى إلى ضياع كمية من الإنتاج وتدني حوافز عمال هذه الآلات حيث بلغت الكمية الناقصة بسبب التزوير حوالي 225 دزينة جوارب قيمتها حوالي 112.5 ألف ليرة. ‏

كما قامت الإدارة بإضافة أسماء عمال فنيين وسائقين وحراس وإدارة إلى قائمة عمال الإنتاج من أجل تبرير الكلف العالية في الإنتاج. ‏

ولدى سؤال رئيس اللجنة النقابية في الشركة عن صحة المعلومات الواردة أعلاه أكد أنها صحيحة.. ‏

وأضاف: هي عبارة عن ملاحظات شاهدتها اللجنة أثناء العملية الإنتاجية والإدارية وأبلغت إدارة الشركة عنها وتم تلافيها والآن وضع الشركة أفضل من ذي قبل. ‏

‏ - من جانبه رد مدير عام الشركة على تلك الاتهامات قائلاً: إنه ومن خلال جولات قام بها على خطوط الإنتاج لاحظ وجود بعض العاملين المقصرين وبعد إحالة الموضوع إلى دائرة العلاوات قامت الأخيرة بتحديد نسبة تنفيذ كل عامل للخطة الإنتاجية اليومية وبعد متابعة هذا الأمر طيلة شهر نيسان الماضي تبين وجود 23 عاملاً وعاملة حققوا أقل من 50% من الخطة لذلك اقترحت الدائرة معاقبتهم كل حسب تقصيره وتم رفع الاقتراح إلى مدير الإنتاج الذي وافق عليه بدوره ورفعه إلى المدير العام وبتاريخ 22/6/2008 تم إصدار القرار رقم 508 الذي ينص على حسومات من رواتب هؤلاء العمال تراوحت ما بين 36 و1598 ليرة.. بغرض تنبيه العمال المقصرين وفعلاً تم طي القرار السابق وإصدار القرار 555 تاريخ 8/7/2008 بإلغاء الحسومات. ‏

أما بخصوص العمال الفنيين فقد صدر القرار 464 تاريخ 8/6/2008 الذي ينص على تبعية الفنيين في أقسام حياكة وإنهاء الجوارب إلى المديرية الفنية.. وحول تزوير الكشوفات قال المدير العام: إنه قام بإحالة الموضوع إلى التحقيق في الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش وحالياً في الشركة لجنة من الهيئة تحقق بالتزوير ونقص الجوارب. ‏

‏ - بدوره أشار المدير الفني في الشركة إلى أن ساعات التوقف تخص آلة واحدة من أصل 44 آلة ولمدة ساعة وليس قسماً بالكامل معتبراً أن هذه التوقفات أمر عادي إذا ما قورنت بالعام الماضي. وأضاف: بلغت التوقفات الفنية والإنتاجية خلال شهر حزيران للعام الحالي 7928 ساعة توقف بينما كانت في ذات الشهر من العام السابق 8632 ساعة أي هناك انخفاض بمعدل 10%. ‏

وأشار إلى أن الجزء الأكبر من هذه التوقفات ناتج عن توقف 10 آلات بسبب قدمها وعدم توفر قطع التبديل لها وانخفاض انتاجيتها من جهة ومن جهة أخرى أنها ضمن مقترح التنسيق.. لافتاً إلى أن ساعات توقف هذه الآلات تشكل 64% من إجمالي ساعات التوقف في الشركة. ‏

‏ - وأكدت معاونة المدير العام للشركة أنه تم خفض نسب العوادم في قسم الساتان من 14.5% خلال 2007 إلى 13.29% في النصف الأول للعام 2008 أي بمعدل 1.29% ما أدى إلى وفر بحدود 5 أطنان من الخيوط قيمتها 2.5 مليون ليرة. ‏

وخفض نسبة العوادم في قسم الجوارب بحدود 0.10% أي ما كميته 1200 دزينة قيمتها حوالي 600 ألف ليرة. ‏

وأوضحت المعاونة أنه تم خفض عدد العاملين في الشركة من 458 عاملاً وعاملة إلى 433 بسبب إنهاء العقود الشهرية وعددها 21 عقداً إضافة إلى الاستقالات وإنهاء خدمة التقاعد. ‏

‏ - وأخيراً لابد من القول: إن واقع الشركة ليس على ما يرام وخاصة أنها تعاني من اختناقات قاسية في خطوط الإنتاج ناتجة عن عمليات الاستبدال والتجديد غير السليمة التي تمت سابقاً.. فضلاً عن نقص السيولة الشديد في المال والمواد الأولية. ‏

لذلك فإن الشركة تحتاج إلى دعم مادي وفني وتطوير تقني وإعطاء الإدارة فيها مزيداً من الصلاحيات كون منتجات الشركة من الجوارب مطلوبة من قبل كافة المواطنين وإن الشركة هي الوحيدة في القطاع العام التي تنتج الجوارب. ‏

عمران محفوض

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...