قصة "جيش الرب" وصراع الكنيسة في إفريقيا
الجمل : في سيتمبر عام 1994 اجتمع ممثلي عدد من الكنائس الإفريقية بمدينة نيروبي،عاصمة كينيا وذلك في المؤتمر الثاني لزعماء الكنائس في إفريقيا جنوب الصحراء ، وكان من بين الموضوعات التي تم التطرق لها، الصعوبة التي تواجه المسيحيين الأفارقة في فهم الكتاب المقدس من جراء البنية السردية الأوروبية، وضعت وفقها تفسيراته وشروحاته .
وبعد مجادلات كثيرة توصل المؤتمر الذي كان يضم 70 أسقفا وبطريركاً أفريقياٌ إلى ضرورة التخلي عن البنية السردية الأوروبية، التي وضعت تحت إشراف الفاتيكان وأصبحت خاضعة لبنية الـ ( خطاب السردي الإنكليزي ) ، أجمع المؤتمرون على أن هذا المؤتمر يشكل عقبة ابسيتمولوجية معرفية أمام خصوصية العقل الأفريقي، إضافة على أنه أصبح لا داعي له , فقد اخذ الأوروبيون المسيحية من العرب ، وأقاموا مراكز تمثل مرجعيتهم الدينية،بحيث أصبحت الفاتيكان المرجعية الأساسية للأرثوذكس الأوربيون لذلك رأى القساوسة الأفارقة ضرورة العمل من أجل إقامة مرجعية أفريقية للمسيحية .
وقد تم تكليف 70 قساً من ابرز المختصين وذوي معرفة عميقة لإعداد كتاب شروحات وتعليقات وتفسيرات للكتاب المقدس، تلتزم حصراً بالطابع الإفريقي البحت إلى جانب استخدام النبية السردية الإفريقية .
عمد واضعو هذا الكتاب إلى دمج القضايا الاقتصادية و الاجتماعية والسياسية، التي تواجه المجتمعات الإفريقية ضمن هذا الكتاب وكان من أبرزها مشاكل اللاجئين، والصراعات العرقية، وقضايا الشعوذة والكراهية بين الجماعات السكانية، مما يؤدي لدفع المسيحيين الأفارقة إلى التخلي عن هذه الظواهر الاجتماعية السلبية.
يتكون الكتاب من 1616 صفحة ، تم نشرها موحدة في مجلد كبير، ويضم موضوعات تم تصميمها لتغطي حوالي 250 مجموعة ثقافية افريقية، بحيث تنسجم بنيته السردية مع البنيات السردية الخاصة بهذه المجموعات الثقافية .
بعد صدور الكتاب، ومما جمعه بعد القساوسة الأوربيين له، علق بعض القساوسة الأفارقة على ذلك الأمر منها تعليق القس توكونيسو اديبمو الذي قال : هذا الكتاب ليس بديلاً لكلمة الكتاب المقدس، وإنما يضم معاً كلمة الكتاب المقدس وكلمة أفريقيا كذلك أضاف القس توكونيسو أديبمو ، ولابد من ربط كلمة الله بالسياق الحياتي ، و انه عندما كان بولس الرسول يكتب لليهود فقد كان يكتب متأثراً وملتزماً بكافة بنيان وقيم الثقافة اليهودية ، دامجاُ في كتاباته ثقافة وعادت وتقاليد اليهود . وأن القساوسة والمبشرين الأوربيون حملوا هذه العادات والتقاليد إلى إفريقيا .. والآن بعد أن رحل المبشرين الأوربيون .. فإنه يتوجب علينا ,بل ومن حقنا أن لا نقبل بالعناصر الثقافية اليهودية، وان نبحث عن مخرج من هذه الورطة الثقافية والدينية . التي نفرت الأفارقة من المسيحية .. وبالتأكيد هذا ما قمنا به .. وما سوف نلتزم به .
وجدير بالذكر، أن هذه ليست أول محاولة للطلاق بين المسيحيين الأوربيين والمسيحية في افريقيا، فقد كانت هناك محاولة بواسطة قس كنغولي اسمه كبمبينغو، والذي أعلن عن تأسيس كنيسة أفريقية , وقام بمزج اللقاءات الحوارية الدينية المسيحية بالفلكلور الأفريقي، حيث يلتزم زجال الدين فيها بارتداء الملابس التقليدية الأفريقية .. وقد استغل الرئيس الكونغولي آنذاك موبوتو الفرصة في تصفية حساباته مع الأوربيون والفرنسيين، بحيث قام فوراً عندما اختلف معهم عن طرد كل المبشرين والقساوسة الأوربيين في الكونغو، و اعتمد كبمبينغو مرجعاً دينياً للدولة،وكان موبوتو ووزرائه يذهبون إلى الصلاة فيها كل احد وتحت تأثير نزعة كبمينغو التأصيلية أعلن موبوتو حركة التأصيل والأفرقة , فاصدر أمراً بتغيير اسم الدولة من الكونغو إلى زائير ( اسم لمملكة إفريقية قديمة في ما قبل التاريخ كانت في نفس منطقة الكونغو) كذلك اصدر أمراً لكل الموظفين والمسئولين وأفراد الشعب الكونغولي بتغيير أسمائهم وأعطى مهلة لكل شخص بأن يغير هويته ويختار اسماً إفريقياً خالصاً بدلاً عن الأسماء الأوروبية مثل هنري , لوران , ماتيوس .. وغيرها وذهب هو ووزراءه وكبار مسئولي الدولة وغيروا أسمائهم .. وحاليا ًيخوض ما يعرف بـ(جيش الرب) حرباً أهلية ، في أوغندا بدأت بسبب خلاف داخل الكنيسة البروتستانية ، تتزعمه إحدى الراهبات التي ادعت بأنها شاهدت (رؤيا) في منامها .. الأمر الذي أدى إلى غضب الدوائر الكنسية البروتستانية ، وتم تكفيرها، وتحريض السلطات التي وضعتها في السجن .. وحالياً يقود شقيقها جو معا كوني جيش الرب مدعياً أن حربه مقدسة ضد الحكومة البروتستانية التي يسيرها اليهود وهذا وقد قامت الولايات المتحدة مؤخراً بوضع جيش الرب على قائمة الإرهاب وطالبت الحكومة السودانية بإيقاف دعمه لأن ذلك يمثل دعماً ورعاية للإرهاب .
الجمل : قسم الدرسات والترجمة
المصدر : بي بي سي ـ زونديرفال ـ ايديتوربالسوتالكوم
إضافة تعليق جديد