المخفي والمعلن في الأجندة الأمريكية
الجمل: أصبحت الولايات المتحدة الأميركية أكثر حرية في وضع أجندتها الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط عما كانت عليه من قبل في أيام الاتحاد السوفيتي والكتلة الشرقية. وحالياً تحاول واشنطن استخدام نفوذها من أجل القضاء على كل من يخالفها، وربما حتى من يؤيدها ولكنها لا ترغب فيه.
أصبحت الكثير من دول الشرق الأوسط ـ باستثناء أثنين أو ثلاثة، تتخوف كثيراً من مواجهة الأجندة الأمريكية الجائرة بالرفض خوفاً من انقطاع (المعونة الأمريكية) والإدراج على لائحة وزارة الخارجية الأميركية الخاصة بالدول الراعية للإرهاب.
السياسة الأمريكية الراهنة، تقدم على ازدواجية المعلن وغير المعلن، ودائماً يكون المعلن ـ بحسب معطيات منطق الإدارة الأمريكية ـ هو غير المطلوب.. بينما يكون الخفي وغير المعلن، هو المطلوب.. هذا، وإذا حاولنا أن (نفهم) ذلك، بدءاً بـ (المعلن)، نجد أن الإدارة الأمريكية تجاهر بالحديث حول ثلاثة أربعة مسائل، هي
• الإرهاب: تضم قائمة وزارة الخارجية الأميركية حالياً ثلاثة دول، وتعتبرها راعية للإرهاب، هي: سوريا، إيران، والسودان، وسبق أن كانت ليبيا من أكثر الدول التي تعتبر بحسب المنظور الأمريكي، راعية للإرهاب.. ولكن نتائج المفاوضات الثلاثية مع ليبيا بواسطة أمريكا وبريطانيا.. ثم رفع ليبيا من قائمة الدول الراعية للإرهاب. كذلك تضم القائمة كل الحركات الفلسطينية، والإسلامية، إضافة إلى حزب الله اللبناني.
• الديمقراطية: ظلت الإدارة الأمريكية تتحدث عن برنامجها لتطوير وترقية الديمقراطية، إلا أنها ظلت توجه، خطابها المتعلق بالديمقراطية ـ حصراً ـ إزاء البلدان التي لها خصومات وقطيعة طويلة مع الإدارة الأمريكية، وذلك بشكل جعل من برامج ترقية الديمقراطية الأمريكية، مجرد برامج تم تفصيلها خصيصاً للبلدان الرافضة للأجندة الأمريكية ـ الإسرائيلية، وقد أدركت حكومات هذه البلدان حقيقة ومغزى هذه البرامج، ومن ثم أصبحت بالمقابل أكثر تشككاً وعدم قبولاً للأطروحات الأمريكية حول ترقية وتطوير الديمقراطية.
• الأسلحة غير التقليدية: أدى امتلاك إسرائيل لأسلحة الدمار الشامل (بسبب المساعدة الأمريكية والغربية، لها في بناء ترسانتها النووية، بحيث بلغ عدد الرؤوس الحربية التي تملكها حوالي 200 رأساً نووياً) إلى جعل دول الشرق الأوسط الأخرى، تبدي رغبة أكبر من أجل الحفاظ على أمنها إزاء المخاطر والتهديدات التي نتجت في المنطقة من جراء بناء إسرائيل لترسانتها النووية. والآن أصبحت السياسة الأمريكية مطالبة ـ تحت تأثير الضغوط الإسرائيلية ـ بالعمل بكل قوة من أجل منع دول الشرق الأوسط باستثناء إسرائيل من الحصول على أسلحة الدمار الشامل. ومن ثم أصبحت الإدارة الأمريكية تمارس المزيد من الضغط على هذه البلدان،
وقد بدأ يتضح، يوماً بعد يوم، أن كل الأجندة التي وضعتها الإدارة الأمريكية، لم تحقق النجاح المطلوب، إضافة إلى أنها جلبت للولايات المتحدة الأمريكية المزيد من الخسائر التي ألحقت الضرر بمصالحها وسياستها الخارجية، لقد تبين تماماً أن توجهات الإدارة الأمريكية إزاء تطبيق النموذج الغربي للديموقراطية عن طريق الضغط الخارجي على حكومات الشرق الأوسط قد فشلت، ويبدو أن الإدارة الأمريكية قد أدركت وفهمت ذلك، فعمدت إلى المزيد من (تحفيز) جماعات المعارضة الداخلية، عن طريق تقديم الأموال والدعم الإعلامي والسياسي لقادة هذه الجماعات.. وقد فشل هذا التوجه أيضاً..
وأخيراً تقول: كم شخصاً سوف يموتون، ليعرف العالم الغربي وأمريكا حقيقة الشر الذي تمثله إسرائيل في الشرق الأوسط،.. ولتعرف أمريكا.. أن النجاح في تحقيق السلام في الشرق الأوسط يمكن أن يتم فقط عن طريق الوضوح والتخلي عن المعايير المزدوجة، ومواجهة الحقيقة بنزاهة وعدالة.
الجمل
إضافة تعليق جديد