مستقبل السياسات الأمريكية بقيادة باراك أوباما (2)

06-11-2008

مستقبل السياسات الأمريكية بقيادة باراك أوباما (2)

الجمل: بانقضاء يوم أمس تأكدت حقيقتان على الصعيد السياسي الأمريكي تفيد من جهة تأكيد صعود الديمقراطيين إلى البيت الأبيض وتعزيز سيطرتهم على الكونغرس، ومن الجهة الأخرى لتحول الجمهوريين باتجاه المعارضة، فهل ستنجح أجندة الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي التي يعتمدها الديمقراطيون في مواجهة أجندة الأمن القومي والسياسة الخارجية التي يعتمدها الجمهوريون؟
* ماذا تحمل حقيبة الرئيس الديمقراطي باراك أوباما إلى البيت الأبيض؟
تقول المعلومات بأن حقيبة الرئيس الديمقراطي الجديد ستحمل العديد من أنواع الأجندة المتنوعة التي تعمل جميعها لجهة الإصلاح ومحاربة الفساد وتعزيز قوة أمريكا الداخلية والخارجية بالاعتماد على خيار السياسة الداخلية الرشيدة كأساس لتوجيه السياسة الخارجية الأمريكية، وبهذا الخصوص فإن أبرز أولويات أوباما ستتضمن ما يلي:
• وضع وتحديد جدول زمني لانسحاب القوات الأمريكية من العراق.
• تعزيز القيود الفيدرالية على الميزانية الأمريكية والأنشطة المالية الأخرى وعلى وجه التحديد بالتركيز على مجالات تجارة الخدمات المالية.
• تحفيز ديناميكية الاقتصاد الأمريكي عن طريق:
- رفع معدلات الإنفاق على البنيات التحتية الأمريكية.
- تخفيض الضرائب والرسوم.
- تشجيع قدرة الشركات الأمريكية على الاستثمارات الخارجية العابرة للحدود.
- توسيع فرص العمل والوظائف أمام الأمريكيين وعلى وجه الخصوص خارج الولايات المتحدة الأمريكية.
• توسيع برامج الرعاية الصحية بدءاً بزيادة تقديم المعونات الفيدرالية الداعمة لبرامج تأمين رعاية صحة الأطفال.
• التحرك الجاد باتجاه انتهاج المساعي والأساليب لجهة القضاء على التبعية التي تعاني منها أمركا في الحصول على النفط والغاز وذلك عن طريق:
- تشجيع عمليات الحفر والتنقيب عن النفط والغاز في العديد من الأماكن الجديدة وعلى وجه الخصوص في مناطق أعالي البحار غير التابعة لأحد.
- دعم برامج الاكتشافات والاختراعات العلمية الساعية إلى تطوير واختراع مصادر الطاقة البديلة بما يؤدي إما إلى الاستغناء عن النفط أو تقليل الاعتماد عليه بأقل ما يمكن.
• تفعيل التشريعات المتعلقة بتقديم الدعم والتوسع في تقديم التمويل الفيدرالي لمشروعات تطبيق برامج الخلايا الجذعية.
• انتهاج توصيات تشريعية – قانونية معتدلة إزاء قضايا حق الإجهاض.
• إصدار التشريعات التي تتيح للعاملين حق التنظيم إذا أرادوا تكوين اتحاد أو نقابة خاصة بهم بشرط أن يكون الراغبين في ذلك كبيراً بما فيه الكفاية.
نلاحظ أن أولويات أوباما تبدو أكثر انكفاء نحو الأوضاع الداخلية وإصلاح ما خربته إدارة بوش الجمهورية التي أدارت ظهرها لأجندة السياسة الداخلية وركزت على السياسة الخارجية وقد فسرت بعض التحليلات مصدر تركيز إدارة بوش على السياسة الخارجية بأنه:
• الاستعجال في فرض السيطرة على النظام الدولي ونشر الهيمنة الأمريكية بشكل كامل غير منقوص.
• ارتباط النخبة التي تسيطر على صناعة القرار بأجندة السياسة الخارجية الأمريكية وعلى وجه الخصوص جماعة المحافظين الجدد المرتبطة بالمشروع الإسرائيلي والشركات النفطية والعسكرية الساعية للحصول على العائدات والأرباح بفعل السياسات الخارجية التدخلية.
برغم انكفاء أولويات أوباما على الداخل الأمريكي فإن ما هو هام ولافت للنظر يتمثل في ملف القضاء على تبعية أمريكا النفطية، وملف تشجيع الاستثمارات الخارجية الأمريكية، ويشير الملف النفطي إلى أن إدارة أوباما ستسعى للتخلص تدريجياً من ارتباطات إدارة بوش النفطية وعلى وجه الخصوص الأجندة التي تربط بين ملف الأمن القومي الأمريكي وملف مصالح الأمن القومي الأمريكي، أما ملف تشجيع الاستثمارات الخارجية فهو يشير إلى الطبيعة الاقتصادية التي ستتميز بها السياسة الخارجية الأمريكية وهذا معناه بوضوح العودة إلى برامج العولمة الاقتصادية التي سبق أن تبنتها إدارة كلينتون الديمقراطية الأولى والثانية ولم تكتمل مسيرتها بسبب صعود الجمهوريين مما أدى إلى استبدال ملف العولمة الاقتصادية بملف الحرب على الإرهاب كأساس للسياسة الخارجية.
* أجندة أوباما وإشكالية التحديات الماثلة:
تقول التحليلات بأن إدارة أوباما لن تستطيع تنفيذ أجندتها وتحقيق أهدافها وغاياتها على الوجه الأمثل إلا إذا استطاعت التغلب على عشرة تحديات هي:
• ملف الأزمة العراقية.
• ملف الأزمة الأفغانية.
• ملف أزمة الحرب ضد الإرهاب.
• ملف الأزمة الإيرانية.
• ملف أزمة عملية السلام في الشرق الأوسط.
• ملف أزمة الصراع مع روسيا.
• ملف الأزمة كوريا الشمالية.
• ملف أزمة العلاقات مع الصين.
• ملف أزمة تحويل السياسة الخارجية الأمريكية باتجاه دبلوماسية معالجة الأزمة المالية وأزمة الطاقة.
ويقول الخبراء أن تعامل إدارة أوباما مع كل واحد من هذه الملفات سيتطلب الدخول في الصدام والمواجهة مع الكثير من اللوبيات وجماعات المصالح التي سوف لن تتردد بالعمل لجهة عرقلة إدارة أوباما، وإغلاق المنافذ أمامها باستخدام شتى الوسائل السياسية والاقتصادية إضافة إلى الوسائل التنفيذية والتشريعية طالما أن الجمهوريين ما زال لهم حضورهم القوي في الساحة الأمريكية وبالذات في مجالات الإعلام والمال. وتشير التحليلات إلى أن التعامل مع ملف الأزمة العراقية سيترتب عليه مواجهة إدارة أوباما للشركات النفطية الأمريكية العملاقة والتعامل مع ملف أزمة عملية السلام والأزمة الإيرانية سيترتب عليه مواجهة أوباما لجماعات اللوبي الإسرائيلي ولمواقف الحكومة الإسرائيلية المتعنتة، والشيء نفسه ينطبق على توجهات إدارة أوباما الساعية إلى بناء الروابط والعلاقات الخارجية، فأمريكا إما أن تستخدم القوة لبناء علاقات الصراع مع العالم الخارجي، أو تستخدم المعونات لبناء علاقات التعاون مع العالم وبسبب تركيز إدارة أوباما على الأوضاع الداخلية فإنها ستعمل على إنهاء توجهات أمريكا الساعية لاستخدام القوة في حل الصراعات تحقيقاً لأهدافها الخارجية، ولكن في الوقت نفسه فإن إدارة أوباما لن تسع لتقديم المعونات لبناء علاقات التعاون وذلك لأنها ستركز القدرات والإمكانيات باتجاه الإصلاح الداخلي فهل سيضطر الرئيس الديمقراطي إلى انتهاج ما يمكن أن نطلق عليه تسمية "مبدأ أوباما" الذي يركز على العلاقات المتوازنة مع الخارج والتركيز على الإصلاح في الداخل كمذهبية للأمن القومي بدلاً من "مبدأ بوش" الذي ركز على استخدام مبدأ الاستباق كمذهبية للأمن القومي الأمريكي.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...