مياه الشرب بدمشق مرشحة لزيادة ساعات التقنين
نظراً للتضخم السكاني السريع والتوسع العمراني الكبير الذي تشهده مدينة دمشق، بات من الضروري اتخاذ وتنفيذ خطوات حاسمة وحقيقية لحماية نبع الفيجة من الانحسار والتدهور.
باعتباره المصدر الرئيسي الذي يغذي مدينة دمشق بمياه الشرب منذ آلاف السنين، بالاضافة الى ان المواصفات الفيزيائية التي تتمتع بها مياه النبع تجعله واحداً من أنقى وأعذب الينابيع في العالم.
وتتفاقم أزمة المياه في دمشق مع الانخفاض الواضح الذي شهدته معدلات الأمطار والهطولات الثلجية خلال السنوات الثلاثة الماضية من جهة ومع تزايد كميات استهلاك المياه في جميع المجالات من جهة أخرى.
في ظل هذا الوضع هناك العديد من التساؤلات تطرح نفسها أهمها:
ـ ما هي الاجراءات التي اتخذتها المؤسسة العامة لمياه الشرب لتخفيف الضغط عن نبع الفيجة وهل المصادر الاحتياطية كافية لتغطية العجز الحاصل؟
ما هي طبيعة الخطوات التي تقوم بها المؤسسة للحد من الهدر؟ وكيف تواجه التجاوزات غير القانونية على خطوط الشبكة الرئيسية لمياه الفيجة؟
ـ ماذا عن المشاريع المستقبلية باعتبار ان الاجراءات الحالية قد تعطي نتيجة على المدى القريب ولكن لا تنهي المشكلة على المدى البعيد؟
للإجابة عن هذه التساؤلات ومناقشتها توجهنا الى المؤسسة العامة لمياه الشرب بدمشق باعتبارها الجهة المعنية بهذا الموضوع، حيث التقت تشرين الدكتور موفق خلوف المديرالعام للمؤسسة ليلقي الضوء على مختلف جوانب هذه المسألة الهامة:
عجز مائي واضح!!..
يقول د. خلوف: إن نبع الفيجة يستطيع ان يؤمن احتياجات المدينة من المياه بشكل كامل في فصل الفيضان «آذار ـ نيسان ـ أيار» أما بقية الأشهر، فإن تصريف النبع يتدنى ما يضطر المؤسسة الى تأمين المياه عن طريق المصادر الاحتياطية المتمثلة بآبار نبع بردى والتي عددها /38/ بئراً وآبار مدينة دمشق البالغ عددها /163/ بئراً، وآبار وادي مروان التي تؤمن المياه الى التوسعات السكانية الجديدة في منطقة قدسيا ومحيطها.
مع بداية عام 2003 بدأت المؤسسة بإعداد الدراسات من أجل استثمار مصادر إضافية في قطاع الحرمون، وقد تم مؤخراً حفر مجموعة من الآبار في منطقة معدّر ـ جديدة يابوس ـ ودير العشاير ـ لتحقيق أعلى قدر ممكن من الأمن المائي وتلبية حاجات السكان المتزايدة من مياه الشرب.
وان مواصفات المياه في جميع هذه الآبار مطابقة للمواصفات السورية ومواصفات منظمة الصحة العالمية.
التقنين والحد من الهدر..
وللحد من هدر المياه قال د.خلوف: قامت المؤسسة خلال السنوات القليلة الماضية باستبدال كل الأجزاء المعطوبة من الشبكة وإجراء صيانة دورية عليها، كما تم استبدال العدادات القديمة.
ومع بداية فصل الصيف زدنا عدد ساعات التقنين ليصبح من الساعة التاسعة مساء ولغاية الخامسة صباحاً.
وان هذه الزيادة سببها الانخفاض الشديد بغزارة مياه النبع حيث هبط منسوب الحوض أسرع من المتوقع وتظهر المؤشرات ان نسبة الهبوط مرشحة للتزايد خلال الأيام القادمة بسبب انخفاض الهاطل المطري والثلجي خلال الموسم الماضي وقد استخدمت المؤسسة جزئياَ بعض مصادر المياه الاحتياطية ولم تستخدم بكامل الطاقة تحسباً للأيام القادمة.
ويبلغ معدل الاستهلاك اليومي للمياه في مدينة دمشق حوالي /603/ آلاف م3 خلال شهر حزيران و/460/ ألف م3 في شهر كانون الأول.
وأضاف د. خلوف: إن المؤسسة تقوم بحملات إعلانية في وسائل الاعلام المقروءة والمرئية لتذكير المواطنين بأهمية ترشيد استخدام المياه وعدم هدرها وإبلاغ المؤسسة في حال وجود اي خلل في خطوط الشبكة لإصلاحه فوراً.
وسيتم قريباً نشر إعلانات طرقية متمثلة بـ «بوسترات» حول ترشيد استخدام المياه، حيث ان الدعوة الى ترشيد الاستهلاك لا يقصد بها الحرمان من استخدام المياه بقدر ما يقصد منها العمل على تربية النفس والتوسط وعدم الإسراف فالترشيد هو الاستخدام الأمثل للمياه بحيث نستفيد منها بأقل كمية وبأرخص التكاليف المالية الممكنة في جميع مجالات النشاط.
منسوب الحوض ومعدلات الأمطار..
ويؤكد د. خلوف: ان نسب المياه في نبع الفيجة وفي آبار مدينة دمشق ترتبط ارتباطاً وثيقاً ومباشراً بكميات الهطول المطري خلال العام، فقد بلغ معدل الأمطار على حوض الفيجة لهذا العام /439/ مم في حيث ان المعدل الوسطي العام /516/ مم.
وبلغ معدل الهطول المطري على مدينة دمشق /173/ مم في حين ان المعدل الوسطي العام هو /213/ مم، ويبين المخططان البيانيان تغيرات الهطول السنوي على هذين الحوضين:
ضبط المخالفات وسلامة المياه..
وعن آلية ضبط المخالفات قال د. خلوف: انه تم مؤخراً وبعد صدور قانون التشريع المائي تشكيل ضابطة عدلية في المؤسسة مهمتها متابعة حالات التعدي على خطوط الشبكة وتنظيم الضبوط اللازمة بحق المخالفين واحالتهم الى القضاء المختص حسب الأصول القانونية.
ولضمان سلامةالمياه وصلاحيتها تقوم عناصر دائرة التحليل والتعقيم في المؤسسة يومياً بمراقبة المياه من كافة النواحي الكيميائية والفيزيائية والجرثومية يومياً ومطابقتها مع المواصفات القياسية لمياه الشرب، حيث تؤخذ عينات يومية في نهايات أطراف الشبكة، وإجراء الاختبارات لها وان كافة التحاليل تدل على ان مواصفات المياه مطابقة للمواصفات القياسية السورية ومواصفات منظمة الصحة العالمية، ولا يوجد أي آثار لمواد نفطية أو شوائب في المياه. وان وجدت بعض الحالات فهي فردية ومرتبطة بنظافة الخزانات الخاصة بالمواطنين وليس بالشبكة لأنها تخضع للرقابة الدائمة من قبل موظفينا ومخبريينا.
المشاريع المستقبلية مجرد دراسات!!..
وحول خطة المؤسسة يقول د.خلوف: بالنسبة لمشروع جر فائض مياه الساحل الى دمشق، فقد تم انجاز دراسات المرحلة الأولى والثانية لهذا المشروع بعد دراسة الجدوى الاقتصادية له، بحيث يخدم المشروع /136/ تجمعاً سكنياً بالاضافة الى مدينة دمشق.
أما بالنسبة لتنفيذ الدراسة فهو مرتبط بالخطط الاقتصادية والاستثمارية للدولة. وهناك أيضاً مشروع الفرات يتم حالياً إعداد الدراسات النهائية لمشروع جر المياه من بحيرة الأسد كمشروع رديف لمشروع الساحل، وتم مؤخرا استلام المرحلة الأولى للجزء الثاني من الدراسة، وبوشر في المرحلة الثانية والأخيرة.
كلمة أخيرة:
إن التركيز على المشاريع المستقبلية ذات البعد الاستراتيجي وعدم اهمالها والاسراع في تنفيذها هو الضمان الوحيد لاستدامة هذه الثروة وتحقيق الأمن المائي، فإلى متى تبقى هذه المشاريع مجرد دراسات ومقترحات!!.. خاصة ان هناك الكثير من الآبار المحيطة بدمشق جفت نهائياً، ما يستدعي حلولاً جذرية بشكل أو بآخر، في حين نرى ان الدول الأخرى تتسابق على انجاز المشاريع المائية الكبرى ذات التقنيات العالية.
بالإضافة الى أهمية زيادة الوعي لاستهلاك المياه بشكل منظم واستخدام الأساليب الحضارية في ذلك لأن هذه المسألة تحتاج الى تضافر الجهود الجماعية ليكون المستقبل أكثر أمناً.
هيلانة الهندي
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد