الجسم البشري يكدّس الضغط العصبي
الضغط العصبي Stress يرفع من احتمال إصابة شخص سليم بأمراض القلب والشرايين التاجية بنسبة 19% ويرفع من احتمال إصابة مرضى القلب بنوبة قلبية بنسبة 24%، هذا ما بينته الأبحاث التي أجراها البورفسور يوشي شيدا وفريقه من جامعة University College في لندن، ونشرتها مجلّة Journal of the American College of Cardiology. قد يبدو للوهلة الأولى أنه باستثناء الأرقام والنسب المحدّدة لا جديد في هذه النتائج، إذ لطالما أكّد الاختصاصيون أن الضغط النفسي ليس جيّداً للقلب ويُنصح المرضى الذين يعانون أمراضاً في القلب والشرايين بتجنبها، لكن الجديد واللافت في النتائج التي توصّل إليها فريق شيدا هو التأكيد على قدرة حالة الضغط العصبي المزمنة stress على تغيير مرفولوجيا الصمّام والشرايين التاجية وإصابتها بحالة مرضية رغم غياب عناصر أخرى مسبّبة لذلك. يؤكّد أعضاء الفريق أن هذه القدرة على تلف خلايا وأنسجة القلب والشرايين لدى حالة الضغط العصبي تعود على الأرجح إلى قابلية الجسم البشري على تكديس الضغط العصبي وتأثيراته على الوظائف الحياتية المختلفة داخل أنسجته وخلاياه على أنواعها، ومن ضمنها القلب والشرايين. لكن كيف يحصل ذلك؟ وما هي مراحل هذه العملية التدميرية للجهاز الدموي وتفاصيلها؟ في هذا المجال يبقى شيدا حذراً ولا يقدّم أية تفاصيل توضيحية. لكنه يشدد على ضرورة النظر بجدّية إلى أي عارض من عوارض الضغط النفسي المزمن لدى أي شخص منذ بداية تمظهرها واتخاذ الإجراءات الضرورية لمعالجتها. ويورد كأمثلة عن هذه العوارض الغضب الشديد المتكرّر والمزاج السيّئ المزمن. يقول الباحثون « إننا قادرون كبشر على تحمّل الكثير وكبته حتى يأتي اليوم الذي ينهار فيه القلب كعضلة والشرايين كذلك». الـ stress هو نتيجة أو ردّة فعل على حالة محدّدة يواجهها الإنسان، وهو يمثّل عبئاً جسدياً ونفسياً على هذا الإنسان. هذه الأعباء النفسية والجسدية تُعرف باسم عناصر الضغط أو facteurs de stress ويواجهها الجسم البشري بأساليب مختلفة، منها الطرق المتعلقة بالجهاز العصبي، أو المتعلقة بمجموعة الغدد وإفرازاتها الهرمونية التي تتحكّم بمعظم الوظائف الحياتية الأساسية داخل الجسم البشري ومن ضمنها القلب والشرايين. إن صعوبة إعطاء وصف مادي دقيق للتأثير المباشر للضغط العصبي على الصمّام والشرايين التاجية تعود إلى طبيعة الضغط العصبي الذي لا يمكن تحديد نسبته المادية مثل الكوليسترول وغيره مثلاً. بالرغم من ذلك أظهرت بعض التجارب التي أجريت على عددٍ من المتطوّعين أن تطور أمراض الصمّام والشرايين التاجية يتمّ بسرعة أكبر لدى الأشخاص الذين يظهرون استجابة cardio-vasculaire أقوى خلال خضوعهم لفحوص الضغط العقلي tests de stress mental. تحتاج هذه الأبحاث والدراسات إلى المزيد من الوقت والجهد والتعمّق من أجل استكمال المعطيات الفيزيائية والمرفولوجية التي تحدّد ماهية الصلة القاطعة بين أمراض الصمّام والشرايين التاجية وحالة الضغط النفسي المزمنة. وتكمن أهمية تحديد هذه الصلة وضرورته في حقيقة أن أمراض القلب والشرايين ما زالت السبب الأول للوفاة في العالم، لا سيّما بين الرجال، وأن نسبة هذه الأمراض قد ارتفعت في السنوات الأخيرة في معظم البلدان وأنها لم تعد حكراً على فئة عمرية محدّدة بل باتت تصيب الشباب في سنٍّ مبكرة جدّاً، حتى أن بعض الأطفال والمراهقين باتوا يعانون من أنواع كثيرة منها. في المجال نفسه تجري تجارب ودراسات متنوّعة منذ زمن بعيد نسبيّاً من أجل تحديد طبيعة العلاقة القائمة بين النظام الغذائي والحياتي المتّبع من بعض الأشخاص واحتمال إصابتهم بأمراض القلب والشرايين ومن ضمنها التاجية.
غادة دندش
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد