باحث سوري يكتشف عقاراُ لأنفلونزا الطيور
الباحث عزام الزهراوي المولود في مدينة حمص والمقيم فيها ، عاد مؤخراً من مصر بعد أن تعاون مع المركز القومي للبحوث في إقامة تجارب عدة ، أثبت من خلالها اكتشافه دواءً لفيروس أنفلونزا الطيور H5N1 .
في سجل الباحث الزهراوي أكثر من اختراع واكتشاف ، فهو أول عربي يسجل السبق في إنتاج السماد العضوي السائل ( ماستر ) و زمرد2 ) ، كما اكتشف أسراراً كثيرة عن تحنيط المومياوات.
عن اكتشافه الجديد خص الزهراوي " تشرين " بالحوار الآتي:
* ما مدى مصداقية المضاد لفيروس أنفلونزا الطيور الذي توصلت له؟
* لا شيء يأتي اعتباطياً أو من فراغ. كل شيء له أساسيات يبنى عليها، وكل اكتشاف أو ابتكار غير مثبت بالتجربة هو مجرد ادعاء فقط. إن دوائي ويسمى RESOT 066-054 قد بني على بحث طويل وتجارب معقدة تمّت بالتعاون بيني وبين المركز القومي للبحوث في مصر. وقد أثبتت التجارب التي قمت بها في المركز القومي، نجاح هذا الدواء وفاعليته، وهذا مثبت بوثائق علمية.
* كيف بدأت باختباراتك، ولماذا المركز القومي للبحوث في مصر؟
* بدأت القصة في عام 2003 حينما بدأت أسمع عن إصابات في الشرق الأدنى، بأنفلونزا الطيور، وهذا يعني أن الفيروس قد ظهر من جديد، وكنت أعلم مدى خطورة مثل هذا المرض، وللحقيقة إن الفيروس H5N1 فيروس شديد الضراوة وهو أحد أضلاع «مثلث الجحيم» (الإيدز ـــ أنفلونزا الطيور ـــ الحمى القلاعية).
بدأت أتابع أخبار هذا الفيروس وأخذت بجمع المعلومات من كل الجهات حوله. ثم قمت بدراسة أنفلونزا الطيور دراسة مستفيضة وتفصيلية، فتعرفت على فيروس H5N1 أكثر، وفهمت آلية عمله، وبعد ذلك اكتشفت نقاط ضعفه، فقمت بتحضير الدواء من عناصر عضوية ـ نباتية، وبما أنني أتعامل مع الطيور وهي حساسة جداً. عملت على أن يكون هذا الدواء آمناً عند استعماله، وفعالاً في الوقت ذاته، بعيداً عن المركبات الكيميائية، والتي غالباً ما يكون ضررها أكثر من نفعها، فجاء الدواء عضوياً بسيطاً سهل الاستعمال، عالي التركيز ولا يترك أية أثار جانبية. وقد لجأت بداية إلى تجربته على الطيور السليمة بدءاً من عمر( 24 ساعة) وحتى 3) سنوات(وعلى عدة أنواع من الطيور. أخذت أراقب الدواجن والطيور المحقونة بهذا الدواء ثم ثبّتت تراكيز نسب العلاج، (الجرعة المجدية( وانتظرت الجيل الأول لكي أتأكد من أنه سليم على الأجنة، وحتى الجيل الثالث. وكانت هناك نتيجة إيجابية أخرى بالنسبة لي فقد ثبت أن دواء RESOT 066-054 قد رفع من مقاومة الجهاز المناعي وأعطى للطيور مقاومة ملحوظة ضد عدة أمراض. وعندما انتهت تجاربي الميدانية وتأكدت من فاعلية هذا الدواء بدأت أبحث عن فيروس H5N1 لكي أطبق علمياً، ما تأكدت من فاعليته نظرياً على الأقل.
* كيف جربت هذا الدواء على طيور سليمة غير مصابة بفيروس H5N1 وتوصلت إلى فاعلية الدواء، وما الفائدة من تجربته على طيور سليمة؟
* التجربة على الطيور السليمة لها فوائد عديدة بالنسبة لي فهي مؤشر إلى عدم سمّيّة الدواء، وعلى سلامة الأجنة، والأعراض الجانبية وبالمقارنة بين خصائص الدواء وسلبيات الفيروس، توقعت لدوائي أن يقتل الفيروس مباشرة، وذلك بالمطابقة العلمية. فبعد أن قمت بذلك بقي لي التطبيق العملي المباشر وبما أن سورية لا يوجد فيها إصابات بهذا الفيروس، أصبح من الطبيعي أن أتوجه إلى مصر، فهي خامس أكبر دوله في العالم متضررة من أنفلونزا الطيور (A) وقد تمكنت من عزل الفيروس H5N1 . وقمت فعلاً بمراسلة مركز البحوث حول إمكانية إجراء تطبيق عملي للدواء الذي اكتشفته وبعد عدة محاولات، وجهوا لي دعوة للمناقشة، وعندما تأكدوا بأنني توصلت إلى شيء ما. وبأن تجاربي تستحق البحث، وافقوا على التعاون معي لإجراء البحوث اللازمة وهكذا بدأنا.
* هل لك أن توضح لنا باختصار كيف تمت الاختبارات؟
* لقد تمت الاختبارات على أربع مراحل وهي ثابتة بالصور المجهرية والوثائق وهذه المراحل هي:
1)تم اختيار سمّيّة المحلول على خلايا MDBK وهي خلايا حيوانية حساسة لفيروس أنفلونزا الطيور وذلك لاختيار التركيزات الآمنة التي سوف تستخدم في اختبار نشاط الدواء ضد الفيروس. وتم استخدام تركيزات عديدة لهذا الاختبار وحقنت هذه التخفيفات في الخلايا وتم متابعة ظهور الأعراض المرضية عليها بالفحص الميكروسكوبي.
2)تم اختيار التركيزات الآمنة لإجراء اختبار نشاط المحلول ضد الفيروس H5N1 المعزول بطريقتين:
الأولى: بخلط الفيروس مع المستخلصات ثم حقنها في مزارع الأنسجة ومتابعة ظهور الأعراض المرضية على خلايا مقارنة بخلايا غير محقونة بالفيروس وأخرى محقونة بالفيروس فقط. وأظهرت النتائج أن للمحلول تأثير قاتل على الفيروس بنسبة 98% عند تراكيز 1/10.
الثانية: بتحضير خلايا أصيبت بالفيروس وبعد يومين من الإصابة أضيف المستخلص عند تركيز 1\10ثم تركت يومين فتوقف نشاط الفيروس وبدأت الخلايا تنشط من جديد. وخلايا أصيبت بالفيروس ولم يضف إليها المستخلص فقام الفيروس بتدمير الخلايا.
3)في هذه المرحلة تم إجراء اختبار عالي الدقة للتقدير الكمي (Real-time PCR) مقارنة بطريقة (Plaque assay) لتأثير المستخلص على الفيروس وأظهرت النتائج كما هو واضح في رسم بياني أن للمستخلص RESOT 066-054 تأثير متشابه في تثبيط تكاثر الفيروس.
إن اختبار (Real-time PCR) هو اختبار غير متوفر في المنطقة وصعب الإجراء ويحتاج إلى تكنولوجيا عالية و نفقات مادية مرتفعة. ومع ذلك صممت على دخول هذه الاختبارات.
(4 هي مرحلة MECHANIZM قتل الفيروس حيث أجريت اختبارات شاملة على ميكانيكية تثبّط الفيروس، إذ ثبت أنه لا تأثير للدواء على ارتباط الفيروس بالخلية واتفق الباحثون أن للدواء تأثيراً مباشراً على البروتين PROTEIN M وعلى تكاثر الفيروس أيضاً.
* هل لك أن توضح لنا آلية القتل هذه؟
* من المعروف أن الفيروس عبارة عن غلاف ENVELOPE وبداخله المورثات (الحمض النووي) (RNA )، وفيروس H5N1 يتكون غلافه من ثلاثة بروتينات:
1) هيماغلوتينين HAEMAGGLUTININ.
2) نيورامنيديزNEURAMINIDAS.
3) بروتين. م PROTEIN M.
ولكل من هذه البروتينات الثلاثة وظيفة يقوم بها. وآلية قتل المستحضر RESOT 066-054 تختلف عن آلية قتل الأدوية الأخرى. فاللقاح (تامفلو) TAMFLO مثلاً له آلية عمل تحصينية فقط.
ولكل من العقارين أمنتادين AMENTADINE و ريمانتادين RIMANTADINE آليات قتل تختلف ، من عقار لآخر. يذهب التامفلو TAMFLO إلى النيورامنيديز NEURAMINIDAS مثلاً.
بينما يثبط ريسوتRESOT 066-054 نشاط الفيروس H5N1 بطريقتين:
1)عن طريق التأثير المباشر على البروتين .م PROTEIN M وإبطال وظيفته.
2) منع الفيروس بعد اختراقه الخلية من إطلاق مورثاته الـ RNA وذلك عن طريق إبقائه مغلقاً داخل الخلية المصابة. وهذا يعني جعل الفيروس عقيماً، ويحدث هذا التثبيط عندما يكون الفيروس بصورته الكاملة. حيث ينغلق على مورثاته ولا يتمكن من إطلاقها للتكاثر. ( هي عملية إعاقة لإطلاق الشيفرات الوراثية ).
* إذاً هناك أدوية أخرى ولست أول من اكتشف دواءً للفيروس؟
* إن دوائي يختلف عن باقي الأدوية هو دواء له آلية عمل معينة ولا أعتقد أن أحداً سبقني إلى هذا حتى هذه اللحظة حسب آخر التقارير. فالدواء يختلف عن اللقاح وحتى الأدوية الأخرى لكل منها آليته وميزاته، وفترة حفظه وطريقة تصنيعه وغير ذلك. وإن دوائي ) بيطرياً ( وليس بشرياً حيث بدأت بعائل المرض الأول.
* هل تعني أن دواءك لا يصلح لعلاج البشر من الفيروس؟
* ممكن، لكن بعد تطويره وتعديله . فالأمر ليس صعباً من الناحية العلمية. ولكنه يحتاج إلى إمكانات خاصة وضمن حدود معينة دولية ومحلية قد لا أستطيع توفيرها.
* فهمت من كلامك أن أبحاثك كانت على نفقتك الخاصة فهل ستنفق أيضاً على إنتاج الدواء ، أم ستتوجه لجهة ما ؟
* لن أتوجه إلى أحد، ولست بحاجة إلى أحد، إنما الذي أعاني منه هو أزمة الروتين القاتلة والفساد في مؤسسات بلدنا وكأن التعقيد والروتين أصبحا من أساسيات البنى التحتية هنا. وأستطيع القول إن سورية بالذات لا تعاني من أزمة عقول، إنما تعاني من أزمة روتين وإجراءات سخيفة تعوق التطور وتقتل الإبداع. وإمكانية الاستفادة من هذا الدواء وإنتاجه يعود للمتخصصين وأصحاب الفعاليات الذين لهم مصلحة مباشرة به . فالأمر لا يحتمل التأخير وعلينا استباق الزمن ، لأننا لا نستطيع الاتكال على الكرم الأوروبي أو الأمريكي في حال حصول وباء. فمواقفهم معروفة مسبقاً.
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد