قاعات السينما في اللاذقية تحتضر
رغم الجهود التي تبذل للارتقاء بواقع السينما في سورية لاتزال دور العرض تعاني من واقع مترد يحتاج إلى جهد كبير مواز لتحقيق ثقافة سينمائية حقيقية.
وعلى مدى ربع قرن تضاءل عدد دور العرض في اللاذقية من أكثر من اثنتي عشرة داراً إلى واحدة فقط هي صالة الكندي التابعة للمؤسسة العامة للسينما و خلال هذه السنوات تم اسدال الستار على العصر الذهبي للسينما الذي وصل إلى أوجه في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي لتغيب عن الساحة مع بداية الثمانينيات دور أوغاريت والأهرام ودنيا والفردوس واللاذقية وشناتا ودمشق وشهرزاد والأمير والزهراء وسواها.
ويعزو محمد كامل مدير صالة كندي في اللاذقية أسباب تراجع الإقبال على دور العرض إلى عدة عوامل أهمها سطوة الأقراص الليزرية التي باتت في متناول الجميع.
ويقول كامل: بما أن حقوق الفيلم غير محفوظة فقد بات بإمكان الأسرة أن تحصل من الأسواق على أحدث الأفلام العربية والأجنبية بسعر لا يتجاوز خمساً وسبعين ليرة سورية للقرص الواحد ما يجعل من صالة العرض مشروعاً اقتصادياً خاسراً.
ويضيف كما أن انتشار القنوات الفضائية يشكل سبباً آخر للعزوف عن صالات العرض حيث اتسعت الخيارات أمام المشاهد للانتقاء والتفضيل بين فيلم وآخر في غياب حافز حقيقي لجعله يفارق شاشته الصغيرة فكيف الحال إذا كان عدد الصالات لا يتجاوز إصبع اليد الواحدة في مدينة يقطنها ما يزيد على المليون نسمة.
ويوضح مدير الصالة أن إغلاق دور السينما في اللاذقية غيب أجواء المنافسة التي كانت سائدة فيما مضى فقد كانت لهذه الدور قدرة على اجتذاب أعداد متزايدة من الجمهور ولاسيما بعدما سمحت المؤسسة العامة للسينما لأصحاب الدور الخاصة باستيراد الأفلام بشكل فردي وعرضها بعد أخذ التصريح اللازم.
وكانت صالة كندي اللاذقية شهدت صيانة وتجديدا شبه كاملين عام 2004 حيث استبدلت آلات العرض القديمة بأخرى رقمية توفر جودة عالية بالصوت والصورة وتم كذلك تحديث الأثاث وأجهزة الإضاءة والتكييف المركزي داخل صالة العرض.
ويبين كامل أن جمهور اللاذقية نوعي ومنفتح فكرياً ما يجعله يسعى لاختبار كل ما هو جديد على مستوى السينما وسواها من الوسائط الثقافية الأخرى.
الا أن الإحصاءات التقديرية للقائمين على العمل في الصالة تشير إلى ضآلة حجم الجمهور إذ لا يتجاوز عدد المشاهدين في العرض الأول لأحدث الأفلام 400 مشاهد في حفلتي السادسة والتاسعة مساء وينخفض هذا العدد أحياناً إلى ما دون الخمسين في الأوقات الأخرى رغم أن المؤسسة العامة للسينما تجهد في تزويد صالاتها بأحدث الأفلام.
من جانبه يقول محمد جميل معصراني الذي يعمل في صالة الكندي منذ أربعين عاماً كدليل داخل صالة العرض أن شريحة الشباب تشكل النسبة الأعلى من الجمهور اليوم وترتفع هذه النسبة وتقل حسب الفيلم المعروض حيث يقبل هؤلاء على الأفلام العربية الحديثة التي يكون أبطالها من النجوم الشباب وخاصة عندما تتمحور هذه الأفلام حول القضايا الاجتماعية.
ويضيف أن أكثر ما يفاجئ في هذه الشريحة إطلاعها المسبق على الفيلم المعروض من خلال الإنترنت حيث تهتم هذه الشريحة بالأعمال السينمائية الحائزة على جوائز و تزكيات في مهرجانات محلية أو دولية.
وتشكل شريحة المشاهدين من كبار السن كما يقول معصراني نسبة حضور جيدة عندما يكون العرض السينمائي سوريا إذ يزداد حضور الرجال والنساء ممن تجاوزت أعمارهم الخمسين عندما يكون الفيلم المعروض لنجوم سوريين.
ويوضح معصراني أن نسبة الإقبال على السينما ترتفع شتاء أما في الصيف فإن الإقبال يكون ضعيفا ويرجح أن يكون السبب عدم رغبة الناس بإمضاء الوقت صيفاً في الأماكن المغلقة حيث يهرعون إلى البحر أو المقاهي المفتوحة والمناطق الجبلية في حين لم يكن الأمر كذلك قبل الثمانينيات كما يقول فقد كانت السينما الملاذ الوحيد للترفيه عن النفس وخاصة يوم الجمعة.
بينما يرفض عمار حيدر صاحب أحد محلات الـ "دي في دي" أن يبين كيفية حصوله على الأفلام الجديدة التي لم تطرح بعد للبيع في الأسواق المحلية لكنه يؤكد أن متجره يضم أحدث هذه الأفلام وهي في متناول جميع الزبائن وفق الأسعار المتعارف عليها.
أما جهاد محمد الطالب في كلية طب الأسنان في جامعة تشرين فيؤكد أنه نادراً ما يذهب إلى السينما حيث أن الفيلم ذاته يبقى معروضاً لأسابيع عدة في الوقت الذي يتمكن فيه من مشاهدة فيلم جديد يومياً إذا كان لديه متسع من الوقت.
رنا رفعت
المصدر: العرب أون لاين
إضافة تعليق جديد