(وثائق سورية): رسالة نزيه المؤيد العظم إلى هاشم الأتاسي
يا صاحب الفخامة:
كنت في 13 آب قد أرسلت برقية احتجاج من بلودان على خرق حكومتكم للأنظمة والقوانين وتجاوزها على الدستور والحريات، بمنعها الناس القادمين لزيارتنا من الدخول لمنزلنا، وإحاطة المنزل برجال الدرك والتحري من جميع نواحيه، ومنع نزول الزعيم الدكتور شهبندر لدمشق.
وكنت منتظراً أن تحولوا فخامتكم دون هذه التصرفات الكيفية، ولكن ويا للأسف خاب ظني وطاش سهمي ، وعوضاً من أن تراجع حكومتكم عن عملها تمادت في اضطهادها وحالت دون وصول أقرب الناس إلينا. ولم تكتف بذلك فقط، بل أمر مدير داخليتكم يوم 18 آب توقيفي. وبالفعل أوقفت نحو ساعتين بمخفر بلودان دون مسوغ قانوني. وعلمت ممن أثق بصدق قولهم بأن هناك مؤامرة تحاك للانتقام مني، لإقصائي عن الزعيم الشهبندر كما أقصوا عنه الكاتب السيد الفاضل أمين سعيد بإخراجهم إياه خارج حدود سورية بلا مبرر وهو من أبنائها.
ولما كان لي بعض الأشغال في عمان أتيتها منذ مدة لقضائها. وبعد أن وصلت إليها بأربعة أيام طالعت في جريدة (الإنشاء) بتاريخ 26 الجاري خير مؤامرة موهولة لاغتيال جميل مردم بك وسائر الوزراء ورئيس المجلس النيابي وعادل بك العظمة وغيرهم.
وخلاصة هذه المؤامرة أني أنفقت مع المدعو نديم شهاب على إغتيال جميع هؤلاء الاشخاص لقاء دفعي له مبلغ 4000 ليرة وسورية، وأني دفعت له بالفعل عشرين ليرة سورية، وأنه شرع بتنفيذ هذه المهمة فنقد كلاً من صاحبيه ربع ورقة سورية للقيام بتلك الإغتيالات.
فتجاه هذه الحالة المضحكة، أي إغتيال أربعة وزراء ورئيس مجلس ومدير داخلية بمبلع عشرين ليرة سورية لا يسعني إلا أن أبدي أسفي الشديد على ما انتهت إليه العقول من السخف وسوء التفكير والتدبير، وإني أعلن للملأ أجمع بأن هذه الدعوى باطلة من أساسها، ومدبرة في ليل للانتقام والتشفي. وليس عهد الدعاوى الباطلة التي أقيمت قبلاً على رجال المعارضة السادة زكي الخطيب ومنير العجلاني ونصوح بابيل وإخوانهم ببعيد عن مسامعكم ومسامع الرأي العام العربي.
وبهذه المناسبة لي الشرف يا صاحب الفخامة أن أعلمكم بأننا نخن معشر المجاهدين الذين قاوموا الحديد والنار جميع عهود الاستعمار والاستبداد يسوؤنا جداً أن نرى بلادنا تسير من سيئ إلى أسوأ، وتتقلص حقوقها وتسلب أجزاؤها الفنية بعد الفنية. ورجال هذا العهد يخدعون الأمة بالأقوال المعسولة وعدم إطلاعها على الحقائق وعلى الخطط المبينة لها والمتصلة بحقوقها ومستقبلها، وقتل الأفكار الحرة، والقضاء على الحريات الخاصة والعامة بصورة لم يسبق لها مثيل، ولا تليق بشرف الحركة الوطنية.
وبما أننا نرى في فخامتكم رجل الدولة الأوحد فإننا نلتمس إليكم أن تجعلوا حداً لهذه المأساة المؤلمة ببيان شاف واف، كما هي عادة رؤساء الجمهوريات في البلاد المتمدنة الديمقراطية.
وتفصلوا يا صاحب الفخامة بقبول الاحترام والسلام.
عمان 31 آب 1938م.
نزيه المؤيد العظم
المصدر: صفخات من تاريخ حياة نزيه مؤيد العظم، منشورات وزارة الثقافة، دمشق 2006م.
الجمل- إعداد: سليمان عبد النبي
إضافة تعليق جديد