لكم زيادكم.. ولنا زيادنا
نعرف كيف ينظر أصحاب المال والأعمال والسطوة والحظوة للمشاهير، أي مشاهير.. المسألة بالنسبة إليهم لا تعدو كونها فرصة استثمارية سهلة ومجزية، يمكن أن تضيف لأموالهم (المضبوبة المسحوبة من جيوب الناس) المزيد والمزيد، مع ما يتيح لهم ذلك من شهرة وبروز ودعاية.
ولا نرى - نحن الذين لا نملك إلا قوة عملنا – في ذلك أمراً غير اعتيادي في سوق العرض والطلب القائم، فنظير ذلك يحدث في كل المجالات والسلع بدءاً من الاستثمار في المواد الثمينة والنفط والأسلحة، مروراً بالأفكار المعولمة، وليس انتهاء بالمخدرات والأجساد والغرائز..
ولكن يجرحنا ويؤذينا أن يقتحم الاستثمار بقوانينه وغاياته، ما تبقى من مساحات نظيفة وشفيفة في عوالمنا الآخذة بالضيق، أن يقف حاجزاً منيعاً بيننا وبين من نحب ونعدّه منا ولنا.. أن يكون أقرب وألصق بمن نحن أولى بالإحاطة به.. أو أن يصبح، على أقل تقدير، جسراً إجبارياً بيننا وبينه..
هذا غيض من فيض هلوسات عشاق زياد الذين ما زالوا صادقين فيما عهده لديهم من حب، لأن قسماً يسيراً منهم فقط استطاع حضور (منيحة) القلعة بشق الأنفس، أما الغالبية الكبرى فهم بانتظار فرصة أقل كلفة.. وما بدلوا تبديلا!.
قد لا يعلم زياد أن (الحريرية) المالسياسية التي ما انفك يسخر منها في بلاده، هي شقيقة صغرى لمالسياسية كبرى باتت موجودة في كل مكان، وقد يتقاطع أبطالها ذاتهم بالصفات والأسماء والألقاب في أحيان ومواقع ومدن وبلدان كثيرة.. وقد لا يعلم أن متوسط أجور معظم من يحبهم ويحبونه في سورية قد لا يزيد عن أربعة أو خمسة أضعاف بطاقة الدخول (الرخيصة) إلى حفلات القلعة. وربما يكون غير منتبه أن (الغبرة) التي طالما هزئ من تكاثرها وانتهازيتها وتلونها هي التي كانت تحوم حوله وتبتسم قبالته في المسرح الطبقي الذي أعد من أجل (منيحته).. ربما يكون كل ذلك صحيحاً.. أما الذي لا نشك بإدراك زياد له، هو أن تنظيم حفلة أو حفلات له في دمشق المحسوبيات والمتنفذين والأثرياء الجدد، سيكون أكثر بساطة وأقل جوراً وأنظف ريعاً لو قامت به وزارة الثقافة السورية ومؤسساتها وفعالياتها.. وهذه المسألة قد لا يكون لزياد يد بها.. ولكن يمكن أن يضعها شرطاً في قادم الأيام إذا ما قرر التوجه مجدداً إلى الفيحاء..
قد يكون لزياد اعتبارات مواقفية مناهضة لـ«انعزالية» و«عدائية» البعض في لبنان ضد سورية، هي التي دفعته لتكرار زياراته لدمشق.. وهذا يُحسَب له، ولكن فليعرف في المستقبل إلى أي «دمشق» يتوجه..
جهاد أسعد محمد
المصدر: قاسيون
إضافة تعليق جديد