..ومات «أسعد وراق» الدراما السورية
حين بدأت المخرجة رشا شربتجي بالتصدي لإخراج النسخة الجديدة من مسلسلها «أسعد الوراق» الذي سبق وقدم كسباعية في العام 1975، كانت المخرجة الشابة حريصة على الحفاظ على بطلي النسخة القديمة أي هاني الروماني ومنى واصف، كتحية حب لجهودهما الجبارة في شهرة المسلسل الكبيرة. أما الروماني وواصف ففي الغالب كانا ينظران إلى مشاركتهما في النسخة الجديدة كنوع من تجديد الحب الذي كان، ومحاولة لاستعادة فاصلة فارقة في حياتهما الفنية، كانت أحد الحوامل الأساسية لنجوميتهما في ما بعد، إذ كرست قصة الحب الجريئة التي جمعت بين «أسعد» (هاني الروماني) الذي يعامله أهل حارته كمجنون لكن شخصيته تنطوي على هامش من البطولة كمتمرد وثائر على العسكر، وبين صبية شقراء خرساء (منى واصف). كرس الدوران الممثلين كنجمين من الطراز الرفيع وقدمهما كفرسي رهان حين يتطلب أداء الممثل أكثر من استعادة لحواره المكتوب وتنفيذ تعليمات المخرج بدقة أمام الكاميرا.
يمكن تلمس البراعة هذه بسهولة في أداء هاني الروماني التمثيلي في أكثر من عمل درامي. إذ تصدى الفنان الروماني في تسعينيات القرن الماضي ضمن مسلسل «الجوارح» الشهير لدور «أبو طراقة» الرجل المحرك لأحداث المسلسل، الذي يتحدى «ابن الوهاج» بالقول ان سر قوة أبنائه نابع من القبيلة، فيطلب منه أن يختبر قدرة أبنائه على العيش خارج قبيلة أبيهم. وقبل «الجوارح» لا ينسى المشاهد دور الفنان الروماني في مسلسل «هجرة القلوب إلى قلوب» حيث يجسد دور شيخ الكتّاب الضرير «الشيخ هديبان» والذي يبدو شوكة في حلق «أبو دباك»، وفي موسم 2008 سيحل الفنان هاني الروماني ضيف شرف على مسلسل «ليل ورجال» في دور «شيخ - عراف»، وفيه سيرفع أداء الروماني من حدة توتر مشاهده الدرامية مستحضراً الرهبة ذاتها التي تستدعيها طبيعة شخصيته.
عند الحادية عشرة إلا ربعا من صباح يوم أمس، توقف قلب الفنان هاني الروماني نتيجة مرض رئوي مزمن. طوى الرجل أكثر من سبعين عاماً قضى أكثر من نصفها في العمل الفني مخرجاً وممثلاً في السينما والتلفزيون. تميزت معظم أدواره خلالها بأنها كانت «أدوار الشر» من دون أن تلصق به صراحة أدوار الشر. وذلك ما يمكن عده نقطة امتياز لصالح أداء الراحل الروماني، فمن يستطيع أن يكون مقنعاً عندما يؤدي أدوار الشر، ثم يعود ليمحو الصبغة عنه كممثل في دور واحد هو ممثل خالص، لنتذكر معاً دوره في فيلم «الحدود» للفنان دريد لحام، ومع معرفتنا بأن نمطية الأدوار التي تلتصق بشخصية غالباً ما يكون وراءها رؤية ضيقة للمخرجين، يصير خلاص الفنان الروماني من النمطية السابقة نقطة امتياز إضافية له.
ربما لم يحقق هاني الروماني كمخرج ما حققه كممثل، إلا أن اسم الراحل ارتبط إخراجياً بعمل مهم هو «حمام القيشاني» المكون من خمسة أجزاء وفيه يتناول تاريخ سورية في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي.
الراحل هاني الروماني من مواليد دمشق 1939 وهو من أم لبنانية وأب سوري، وقد منحه الرئيس إميل لحود وسام الاستحقاق اللبناني الفضي ذا السعف في الذكرى السابعة لعيد التحرير.
ماهر منصور
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد