عاطفتنا سبب استمرارنا
الإنسان ليس أنانيا. هذا ما يحاول العلماء إثباته من خلال مجموعة من الأدلة والدراسات التي تثبت أن الإنسان «يتطور ليصبح أكثر رحمة وتعاونا في سعيه للبقاء على قيد الحياة ».
ويقول داشر كيلتنر، المدير المشارك في مركز «بيركلي للعلوم الجيدة» في كاليفورنيا ان «المهمة الأساسية لبقاء الإنسان ولاستنساخ الموروثات البشرية هي من خلال الاهتمام بالآخرين». ويؤكد كيلتنر نظرية داروين بـ «أن التعاطف هو أقوى غريزة عند الإنسان» عبر القول ان «سبب استمرار أو نجاة البشرية عائد إلى تطوير الإنسان لقدراته في الإهتمام بالآخرين».
ويحاول فريق كلتنر إثبات كيف أن القدرات البشرية للرعاية والتعاون مرتبطة بمناطق معينة من الدماغ والجهاز العصبي. ووجدت الدراسة التي أعدها تلامذة من جامعة ولاية أوريغون أن «الأشخاص الذين لديهم تباين في أجزاء خاصة من جينات الأوكسيتوسين المتلقية، يملكون قدرة أكبر على قراءة أو معرفة الحالة العاطفية عند الآخرين، وقدرة أكبر على ضبط حالات التوتر في الظروف القاسية».
وتعرف جينة «الأوكسيتوسين» «بهرمون العناق»، وتتواجد بشكل خفي في مجرى الدم والدماغ، وهي تعمل بشكل خاص على تعزيز التفاعل الاجتماعي، والرعاية، والحب عند الإنسان.
وقال العالم النفسي والاجتماعي روب ويلر، انه كلما «كان الإنسان كريما تجاه الآخرين، كلما كان تأثيره أكبر في محيطه ويتمتع باحترام كبير». وتثبت هذه الاستنتاجات صحة النتائج التي توصل إليها رواد «علم النفس الإيجابي» مثل مارتين سيليغمان، وهو أستاذ في جامعة بنسلفانيا. وكان سيلغمان قد قرر في أوائل التسعينيات التوقف عن البحث في الخلل والأمراض العقلية، والخوض بدلا من ذلك في أسرار صمود الإنسان وتفاؤله.
ولـ «علم النفس الإيجابي» تأثيرات إيجابية ودور في تربية الأطفال على العاطفة. وفي هذا الإطار، توضح كريستين مارتر، المديرة المساعدة في المركز، «أن عددا من أولياء الأمور يبتعدون في تربيتهم لأطفالهم عن النشاطات المادية أو التنافسية، ويعيدون التفكير في كيفية تأمين السعادة الحقيقية والرفاهية لعائلاتهم من خلال تربية أولادهم على الامتنان والكرم».
وختاما، يقول كيلتنر «ان هذا العلم الجديد من الإيثار والأسس الفيزيولوجية للتعاطف، يتطابق أخيرا مع ملاحظات داروين التي توّصل إليها منذ ما يقارب 130 سنة، وهي أن التعاطف أقوى غريزة عند الإنسان».
المصدر: السفير عن موقع «ألترنت»
إضافة تعليق جديد