استهلاكنا يرتفع ودخلنا ثابت
استهلاكنا يرتفع ... ودخلنا ثابت !! في مقارنة لأسعار الأسواق مع إيرادات الأسرة: الأجور بالتقديرات المحلية والأسعار عالمية
لعل أعتى الخبراء الاقتصاديين يعجزون عن تحقيق التوازن بين مدخول الأسرة السورية والأسعار الرائجة في الأسواق من الاستهلاكيات إلى الغذائيات والضروريات والدوائيات وسواها من علاج ومياه وهاتف وكهرباء وماء إلى آخر هذا المسلسل المكسيكي الحزين والمشوق في آن معا.
وإن أردنا النظر بعجالة إلى هذه الحالة نجد هوة واسعة تفصل بين أجور ومداخيل الأسر السورية والأسعار الرائجة في الأسواق بعد تحريرها وإلغاء أي شكل من أشكال الرقابة عليها، فالأسعار بعد تحرير الأسواق باتت عالمية بكل المقاييس سواء من حيث انطلاقها في عالم الزيادة أو من حيث تطبيق الأسعار العالمية للسلع في حين إن الأجور والمداخيل سواء تلك التي ينالها المواطن في القطاع الخاص أو قرينه العام لا تزال حتى اللحظة وفقا للأسعار المحلية أي وبعبارة أخرى فإن الأسعار في السوق قيمها عالمية كما هو الحال في الدول التي يتقاضى فيها أدنى المراتب الوظيفية ما لا يقل عن ألف دولار أو خمسين ألف ليرة سورية في حين إن الأجور والمداخيل في بلادنا لا تتجاوز التقديرات المحلية أي لا تتجاوز ما يتراوح بين 200الى 500 دولار أي 10 آلاف إلى 25 ألف ليرة سورية.
- الأسرة السورية تحتاج فيما تحتاج حتى تتمكن من العيش عيشة متوسطة لأفرادها الخمسة وسطيا إلى ما لا يقل عن 30 إلى 50 ألف ليرة سورية شهريا لأسباب عدة يبرز منها تلك العولمة معلومة الذكر التي ضحكنا منها بداية وآلمتنا نهاية، فالطفل الصغير وبسبب الإعلانات الكثيفة على القنوات الفضائية التي تدخل بيوتنا بالمئات لم يعد يرضى بكيس رقائق البطاطا المحلي ذي الليرات الخمس (إن وجد) بل بات يريد ما يراه في الإعلانات من علب رقائق بطاطا وأكياسها مما يصل سعره ويتجاوز 100 ليرة سورية وفي ذلك عولمة حقيقة لمن ينتج سلعة على الجانب الآخر من المحيط ويبيعها لنا في بلادنا وهو يعد أرباحه. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يمكن لنا حساب تكاليف بعض العينات العشوائية التي تلتزم الأسرة بنفقاتها شهريا قياسا إلى أسعارها في السوق وحسابها على مدخول الأسرة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن العينات العشوائية التي اعتمدتها الوطن موجودة في أسواق بوابة الصالحية والحميدية والمزة شيخ سعد والقابون وسوق الجمعة في ركن الدين وأسواق الرصيف في البرامكة ويمكن للمدقق قليلا أن يعرف عن أي عينات نتحدث وأي أسواق دخلت الوطن لمعرفة حجم الفجوة مع الابتعاد عن السؤال التقليدي للمواطنين لأن المسألة هذه المرة تتجاوز قدرة بعض المواطنين البسطاء عن التعبير في الوقت الذي تبحث فيه الوطن عن آثار هذه المسألة على هؤلاء البسطاء.
- نفترض أن الأسرة مكونة من أفراد خمسة وسطيا وأراد كل منهم الأكل والشرب والعلاج واللباس والمصروف اليومي الاحتياطي والتنقلات واتصل مكالمة واحدة فقط وربما اشترى بسكويتة لا يتجاوز سعرها الليرات الخمس، فإن بدأنا بالملابس نجد أن الملابس المقبولة من ناحية البدلات الرجالية لا يقل سعرها عن الآلاف الخمسة من الليرات السورية في حين إن الفارهة أو حتى الجيدة تبدأ من عشرة آلاف ليرة سورية وصولا إلى ما يتجاوز خمسين ألفاً أما من ناحية القمصان فإن القميص المقبول وليس الجيد لا يقل سعره عن 500 - 900 ليرة سورية أما الأحذية فهي الطامة الكبرى لأن الحذاء الأجنبي يفوق قدرة أي مواطن على الشراء لانطلاقه فوق عشرة آلاف ليرة سورية مع أنه في الخارج ارخص من ذلك بكثير أما الحذاء الوطني فهو ذو نخبين الأول لا يقل سعره عن 1500 ليرة سورية وهو معرض للشق والتلف بعد اقل من أشهر ثلاثة أما النخب الثاني فهو محسوب بدقة إذ إن سعره لا يقل عن 1000 ليرة سورية ولكنه صادق تماما فسعره مطابق لجودته وكل مرة ينتعله المواطن يكون ثمنها مدفوع مسبقا بقيمة 100 ليرة سورية، أما الملابس النسائية فحدث ولا حرج لأن البدلة النسائية الواحدة يصل سعرها إلى 5000 ليرة سورية في أفضل الأحوال واقل الأسعار أما ما ينوب عنها من فساتين وسواها فيجب أن تنطلق الحسابات من 2500 ليرة سورية إلى أعلى.
- أما ألبسة الأطفال فإن القاصي والداني يعرفان مشكلتها في سورية حيث يصر الصناعيون ومن بعدهم التجار والباعة على ارتفاع ثمنها لأن القطعة الصغيرة تكلف عملا وجهدا أكثر من الكبيرة وكأن الصناعي يصنعها يدويا ويزخرفها بالخشب والصدف والعاج فكلها قطعة صغيرة قصت وخيطت آليا فملابس طفل صغير لا يقل سعرها عن 2000 ليرة سورية وحذاؤه لا يقل عن مستوى 800 ليرة سورية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن اغلب هذه الأسعار انما هو للبضائع الوطنية في حين إن الصناعة الوطنية بدأت بالتراجع مفسحة المجال للأجنبي من ماركات عالمية سمعنا بها ولم نسمع بها، أي منها ما هو ماركات أصلية معروفة في بلاد الله ومنها ما هو وهم (مرّكوه) علينا أي وبعبارة أخرى بدأت تحولنا من سوق منتج ومصدر إلى سوق استهلاكي بالكامل مع العبارة المكرورة والحزينة عن أفول نجم الصناعة السورية لعدم دعمها والعناية بها وهي موشح وهمي خلبي لأن من يستوردون ويعلقون أسماء الوكالات ويشترون لها المقار ويزخرفون لها الديكورات بعشرات ومئات الملايين معظمهم من الصناعيين أنفسهم فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
- المسألة من جانب آخر تأخذ منحى الغذائيات وسواها من الضروريات فالأسعار باتت مخيفة بحق لأن الفطور وهو ابسط الوجبات يتطلب ما لا يقل عن 300 ليرة سوية يوميا فالجبنة الوطنية سعر الكيلو غرام منها لا يقل عن 120-200 ليرة سورية واللبن المصفى سعر الكيلوغرام الواحد 100 ليرة سورية وسواها من الغذائيات الأخرى الأمر الذي يحدو بنا للتساؤل والحال كذلك عن دخل الأسرة السورية وكفايته لها على مدى أيام الشهر الثلاثين، وكيف يمكن للأسرة أن توازن بين نفقاتها وإيرادها إن كان الطعام وحده يستهلك نصف مدخولها والنصف الباقي لكل أوجه الحياة ومنها بطبيعة الحال الكهرباء مرتفعة السعر والعلاج الذي باتت الدولة قاب قوسن أو أدنى من إلغاء مجانيته الجزئية والتنقلات التي تعجز الدولة عن ضبطها تماما، أي إن الأسعار والحديث بمنطق القرن الحادي والعشرين والمواصلات الجماعية أشبه بالكولخوزات السوفييتية أيام الستينيات والسبعينيات.
- حاولنا استمزاج آراء بعض القادرين على توصيف المسألة فكان سؤالها لطبيبة ومحام وأستاذ مدرسة وأستاذ في جامعة دمشق وصحفية، والإجابات كانت كلها بطبيعة الحال تتلخص في أن الله وحده القادر على معرفة كيفية الموازنة بين النفقات والإيرادات فما هو ضروري اليوم هو الأولوية في حين يمكن تأجيل ما هو اقل ضرورة إلى الشهر القادم وهكذا دواليك وصولا إلى قناعة بأن الأسرة السورية إنما تخلت عن احتياجات كثيرة ومتنوعة بالمماطلة والتسويف وبالتالي ابتعدت هذه الحاجات عن ضرورتها بالنسبة للأسرة وخرجت من إطار حساباتها، ولعل العمل الثاني هو المخرج الوحيد الذي يؤمن للأسرة جزءاً من احتياجاتها المنسية، الأمر الذي يفرض (بحسب من سألتهم الوطن) إعادة دراسة وإعادة هيكلة لدخل المواطن السوري حتى يتمكن من القيام بأعباء وواجبات حياته وزيادة ما يمكن زيادته في هذا الدخل بالنسبة للقطاع العام وإلزام أرباب العمل في القطاع الخاص على زيادة الرواتب والأجور على الأقل بما يتناسب مع الجهد المبذول من العمال لأن الحال في القطاع الخاص نسخة مشوهة عما هو في قرينه العام لجهة تدني الأجور والمداخيل.
مازن خير بك
لأسرة مكونة من (5) أشخاص: 12 ألف ليرة ثمن طعام شهرياً ...ارتفاع أسعار السلع استهلك معظم دخل الأسرة
«الأسرة المكونة من 5 أشخاص بحاجة شهرياً إلى مبلغ لا يقل عن 25 ألف ليرة»: هذه النتيجة أكدتها مجموعة من الدراسات التي أخذت بعين الاعتبار أن الأسرة تملك بيتاً ولا تدفع ثمن الإيجار ومن المؤكد أن هذا المبلغ سيرتفع كثيراً فيما لو أضفنا إليه مصاريف الإيجار وحاجات العائلة الأساسية وخاصة عندما لا يتجاوز دخل رب الأسرة 10 آلاف ليرة سورية عند ذلك يصبح الحديث عن الفجوة بين احتياجات الأسرة ودخلها أمراً في غاية الخطورة.
والواقع يؤكد أنه في ظل الارتفاع الهائل للأسعار في السنوات الأخيرة والذي طال كل الاحتياجات تواجه الأسر عامة وذات الدخل المحدود خاصة اليوم تحدياً واضحاً لتدبير مصاريف الحياة اليومية لتستطيع الموازنة بين الدخل والإنفاق للوصول إلى نهاية الشهر دون دين وهذه المسألة تحتاج إلى إجراءات تتبعها للتغلب على مصاعب الحياة والتأقلم مع الظروف الحالية وإذا تحدثنا عن حاجة الأسرة من الطعام والشراب بعد إلقاء نظرة على أسعار الخضار والفواكه واللحوم والفروج وغيرها من المواد الغذائية التي تحتاجها الأسرة في قوتها اليومي نستطيع القول ولو مبدئيا إن الأسرة المكونة من 5 أشخاص تحتاج وسطيا في الشهر ما لا يقل عن 12 ألف ليرة سورية.
- ولمعرفة ذلك الواقع عن قرب استطلعت «الوطن» آراء مجموعة من ربات البيوت اللواتي تحدثن عن كيفية تدبير حاجات عائلاتهن من الطعام، حيث ترى السيدة ندى وهي أم لثلاثة أولاد أن تدبير أمور المنزل من الطعام والشراب أمر ليس سهلاً في ظل الظروف الاقتصادية الحالية وغلاء الأسعار الذي طال كل شيء وليس الطعام والشراب فقط مضيفة بأنها تلجأ منذ بداية الشهر إلى شراء الحاجات الأساسية الثابتة من المواد الغذائية للعائلة لكن ذلك لا يكفي إذ إنها تحتاج كل يوم إلى شراء كمية محددة من الخضار والفواكه واللحوم وغيرها لذلك فأسرتها تحتاج إلى ما يقارب الـ11 ألف ليرة ثمن طعام هذا إن لم يتناولوا الطعام ولو مرة واحدة خارج المنزل.
وتقول أم محمد ربة منزل ولها أربعة أولاد إنها تقوم بتدبير أمور عائلتها من الطعام والشراب من خلال شراء الحاجات الأساسية اللازمة دون زيادة وبكميات محددة كما أنها تعتمد على سياسة شراء سلع معينة في موسمها لأن الأسعار تكون أقل وتقوم بحفظها في المجمِّد لاستعماله فيما بعد.
وتضيف أم محمد إنه وفي ظل غلاء أسعار المواد الغذائية فإن تكلفة الطعام والشراب للعائلة كبيرة جداً ومع ارتفاع أسعار اللحمة والفروج والخضار والفواكه وغيرها من المواد الغذائية فإن عائلتها تحتاج وسطيا مع الاعتدال في تناول اللحوم إلى ما يقارب الـ400 ليرة سورية في اليوم.
- أما أم سعيد فتقول: أنا ألجأ في ظل غلاء أسعار الخضار واللحوم والمواد الغذائية إلى عدم طبخ كميات كبيرة من الطعام تزيد على الحاجة حتى لا أضطر إلى رميها فيما بعد كما أننا في البيت نوازن في شراء الفواكه فلا نستطيع شراء جميع أنواع الفواكه الموجودة ونعتمد على نوع أو اثنين هذا بعد أن كبر الأولاد وهذا ينطبق على الحلويات التي نشتريها مرتين أو ثلاث مرات في الشهر ومع ذلك فإننا نحتاج- ومع الاعتماد على الطبخ في المنزل وليس على الأكل الجاهز- إلى ما يقارب 350 ليرة سورية يوميا ثمناً للطعام والشراب ولذلك فنحن نستغني عن أمور كثيرة.
وتقول أم عبد الله وهي أم لخمسة أولاد إن عائلتها تحتاج من الطعام والشراب شهريا إلى أكثر من 10000 ليرة سورية وهذا مع الاعتدال بشراء اللحوم الحمراء والفروج والفواكه وتضيف: لدي ولدان صغيران في الروضة فأنا أضطر لشراء كميات إضافية من الفواكه وأطعمة خاصة لهم من أجل أن يأخذوها معهم إضافة إلى البسكويت والشيبس والشوكولا وكل هذا يحتاج إلى مصروف لا بد من تدبره على حساب شيء آخر.
وسام حمود
المصدر: الوطن السورية
إضافة تعليق جديد