المولات: ابتكار سوري للتخلص من ركود الأسواق

23-04-2010

المولات: ابتكار سوري للتخلص من ركود الأسواق

خرجت معظم المتاجر ومحال الماركات العالمية التي تحتضنها مراكز التسوق الحديثة في دمشق وباقي المحافظات من بياتها الشتوي واختتمت حملة التخفيضات الكبيرة التي أعلنتها قبل أشهر بهدف الخروج من أزمة الركود التي أعاقت تسويطرق تسويق حديثةق منتجاتها وتحقيق أكبر قدر ممكن من المبيعات.

ويأمل التجار وأصحاب المحال الكبرى أن يعيد موسم الصيف الذي يعتبر موسم السياحة وعودة المغتربين الحركة والنشاط إلى الأسواق بعد أن تجاوزت نسبة التنزيلات لكثير من المتاجر 75 بالمئة في خطوة غير معهودة لدى تجار دمشق إضافة إلى العروض التسويقية الأخرى التي هدفت إلى تحفيز نشاط السوق كتقديم قطعة مجانية لكل من يشتري قطعتين أو كل شيء بخمسمئة ليرة سورية أو الدخول في السحب لربح هدايا عينية معروضة بطريقة جذابة أمام المحال مثل سيارة حمراء مزينة بشرائط حريرية لتشجيع الناس على الشراء.

وقدر قائمون على العديد من متاجر التسوق الكبرى حجم الإنفاق خلال موسم التنزيلات بأكثر من 100 مليون دولار ويقول عبد الحميد الدكاك صاحب أحد المتاجر في أكبر المولات السورية استطعنا رغم التنزيلات أن نحقق نسبة أرباح كبيرة لأننا استطعنا أن نتخلص من كل البضاعة الكاسدة حتى ما تبقى من التصافي رحلناه إلى محال التخفيضات الموسمية ويعتقد الدكاك أن التجار الدمشقيين لم يعتادوا على هذه النسب من التنزيلات سابقاً لأن السوق لم تكن مفتوحة وعدد الماركات كان قليلاً لكن هذه الطريقة في التسويق معروفة في الخارج حيث تلجأ إليها المحال عند الأزمات.

ولنائب رئيس جمعية حماية المستهلك سمير الجاجة وجهة نظر أخرى في هذه التنزيلات التي يعتقد أن جزءاً منها حقيقي والآخر وهمي ويشير إلى أن التنزيلات الحقيقية جاءت لتصريف البضائع الكاسدة وخصوصاً المتعلقة بانتهاء موديلاتها كالملابس أو قرب انتهاء صلاحيتها كالأغذية والمنتجات التجميلية وغيرها أما الجزء الوهمي فيشير إلى أن بعض التجار يقدم عروضاً تشجيعية غير حقيقية تقوم على رفع سعر المنتج ومن ثم القيام بخفضه لحث الناس على الشراء.

ومع التحول الذي تشهده سورية باتجاه اقتصاد السوق وعقد اتفاقيات تجارة حرة مع أغلب دول العالم شرقاً وغرباً لتنويع خياراتها الاقتصادية إضافة إلى دخولها منطقة التجارة العربية الحرة فإن تغيراً في المفاهيم الشرائية عند السوريين بدأ يظهر.

فالزائر إلى الأسواق الشعبية والراقية يلحظ هذه التحولات في حركة الأسواق حيث تكاثر في السنوات الأخيرة ظهور المجمعات التجارية الضخمة متجاورة جنباً إلى جنب مع الأسواق الشعبية التقليدية ليواكبها تغير واضح في طرق التسوق.

وما يلفت النظر في السوق السورية اخذها لكل التجارب التسويقية مع طرق مبتكرة خاصة بها تتوجه إلى كل الشرائح والبداية كانت في العام 2000 مع ظهور سيتي مول كأول مجمع تجاري ضخم في دمشق لتكرالسبحة ويصل عددها حالياً أكثر من عشرة مولات تتوزع في أنحاء المدينة يضم بعضها أفخم الماركات العالمية وتعرض بضائعها بأناقة مفرطة فيما تقدم الأخرى كل البضائع المستوردة والمحلية وعروضها بطريقة تحاكي الشرائح المتوسطة والفقيرة.

وفرض ظهور هذه المجمعات بروز ثقافة ترفيهية مرافقة للتسوق اذ لأصبحت هذه المولات مقصداً للعائلات الراغبة بالتسوق من جهة والتنزه من جهة أخرى لعدة أسباب أولها عدم تقيدها بأوقات الإغلاق المعروفة في الأسواق العادية وثانيها امتلاكها لمجموعة من المطاعم المختلفة وأماكن للعب الأطفال ما يوفر أجواء مثالية للعائلة الأمر الذي يفسر ازدحام هذه المولات في عطلة نهاية الأسبوع.

وتقول ريتا أصبح ارتيادي للمول شبه أسبوعي حيث استطيع التسوق ضمن مكان مغلق بعيداً عن الأحوال الجوية المتغيرة واستطيع أن أترك أولادي في الملاهي خلال التسوق ثم نتناول شيئاً من الطعام مع متعة الفرجة .

أما مها السباعي فباتت تتردد على المولات أكثر من المحال التجارية لأن التسوق في المولات يتيح لها فرصة شراء ما تحتاج إليه دفعة واحدة ومن مكان واحد وتقول لدي طفلان أكبرهم لا يتجاوز عمره ثماني سنوات لذلك أجد صعوبة فيما لو فكرت بالتسوق من عدة متاجر بينما تتيح لي المولات عملية تسوق مريحة بينما أولادي يلعبون بأمان.

ويشير فارس أحمد صاحب أحد المحال في أحد المجمعات التجارية الضخمة إلى أن المول هو بمثابة المنزل الثاني لبعض المواطنين فهو لا يقوم على فكرة التسوق فقط وانما يقدم عروضاً يقضي الزائر في مشاهدتها أوقاته فهناك محال للملابس والأثاث والمجوهرات والأغذية والترفيه ومراكز للتجميل والاحتياجات المختلفة وكل ذلك ضمن جو مكيف إضافة لوجود مواقف للسيارات.

وبالتوازي مع نشوء المولات انتشرت طرق تسويقية أكثر شعبية من البسطات التي افترشت الشوارع ومراكز المدينة أمام المؤسسات الحكومية إلى البيع عبر الهاتف لمنتجات كهربائية وغذائية ومواد تجميل إلى تجارة الشنطة الذين يطرقون الأبواب ويبيعون المواد الطبية والتجميلية.

وانطلاقاً من مقولة الحاجة أم الاختراع عمد بعض الشبان إلى تحويل شاحناتهم الصغيرة إلى مقاه متنقلة واصطفوا في الشوارع الرئيسية لتخديم سيارات وميكروباصات الأجرة وعلى الطرق الدولية لخدمة المسافرين بأسعار رمزية تغنيهم عن الدخول إلى الاستراحات الكبيرة.

ولم تقتصر أساليب البيع على الطرق التقليدية بل تنوعت في السنوات الأخيرة طرق وأساليب التسويق وانتشرت ظاهرة مندوبي المبيعات الذين يسوقون كل شيء حتى الرمل كما تقول رشا وكيلة إحدى شركات التجهيزات الطبية حيث تشير إلى أنها استطاعت أن تكسب في الشهر الأول من عملها نحو 25 ألف ليرة ماشجعها على زيادة ساعات العمل لتستطيع تسديد تكاليف انتسابها إلى نقابة المحامين ومصاريف تدريبها في أحد المكاتب.

وأشارت إلى أن اختيارها لهذه المهنة جاء لحاجتها للعمل أولاً وقدرتها على التكيف مع ساعات عملها حيث تتنقل بين المكاتب والشركات والمنازل لتسويق منتجاتها التي تتضمن عطورات وإكسسوارات طبية ومواد تجميلية.

ولفتت رشا إلى أن المندوب يجب ان يمتلك شخصية قوية وقدرة على التحدث لإقناع الزبون بالشراء مشيرة إلى أن الشركة التي تتعامل معها تستورد موادها من الخارج وغالباً ما تكون تصافي بضاعة لبيعها للمستهكلين الذين لايملكون الوقت والجهد للنزول إلى الأسواق بحثاً عنها.

ويشكك الجاجة بهذه الطرق لبيع المنتجات ويرى أن هذه البضائع التي تباع بأسعار تقل عن تكلفتها اما أن تكون فاسدة و منتهية الصلاحية أو فارغة أحياناً واما أن تكون مسروقة ويرى أنها غير نظامية مبيناً أن ثقافة المستهلك لاتزال ضعيفة عند السوريين حيث أن أغلب المشتكين يسحبون شكواهم عند تسجيل الضبوط الرسمية الأمر الذي يشجع الآخرين على التمادي في الغش.

وأتاحت المعارض المحلية والدولية فرصة أخرى لتسويق المنتجات أما خدمة التسويق عبر الإنترنت التي بدأت تنتشر في الأسواق السورية فهي تقتصر كما يقول الخبير الاقتصادي الدكتور محمد السقا على منتجات مثل شركات السيارات والعقارات ويشير إلى أن طرق التسويق الحديثة زادت التشكيلة السلعية للمستهلك السوري وتسعى للوصول به إلى حالة الإشباع فبدلاً من نوع أو نوعين من الحليب اعتاد عليهما في الماضي مثلاً باتت الآن هناك عروض لعشرات من الأنواع المستوردة.

وأعادت حمى العروض التسويقية التي ظهرت في الأسواق الى التحدي الذي فرضته المنافسة مع المنتجات التي دخلت هذه الاسواق لافتاً إلى أن معظم الشركات فتحت فروعاً لها ليس في المدن الرئيسية فقط بل في الأحياء والضواحي ولم تعد ست البيت في الضواحي مثلاً بحاجة للنزول إلى المدينة للتسوق بل يمكنها شراء ما تريد من منطقتها.

ورحب السقا بالدور الإيجابي الذي تلعبه الحكومة لحماية المستهلك بإصدار قانون الفوترة وحث المواطنين على طلب الفاتورة لافتاً إلى أنه لا يزال هناك فراغ في العملية التسويقية في سورية داعياً إلى ضرورة فرض أفكار خلاقة تساعد على تسويق المنتج بالتوازي مع المساهمة في توعية المستهلك من خلال مسابقة أو عروض تثقيفية.

وتشير بيانات دخل ونفقات الأسرة لعام 2007 إلى أن متوسط إنفاق الأسرة السورية الشهري يصل لنحو 9,25 ألف ليرة وهو يختلف تبعاً لمكان إقامتها وتبعاً للمحافظات أيضاً حيث بلغ متوسط الإنفاق الشهري للأسرة في مركز المدينة على مستوى القطر نحو ,328 ألف ليرة وفي باقي الحضر 8,24 ألف ليرة وفي الريف لم يتجاوز 2ر24 ألف ليرة .

فيما كشفت نتائج مسح قوة العمل أن متوسط الأجر الشهري للعاملين عموماً بلغ خلال النصف الأول من العام الماضي نحو 11133 ليرة فيما كان خلال العام 2008 نحو 740,10 آلاف ليرة.

سمر أزمشلي

المصدر: ميدل إيست أون لاين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...