«تقاطع خطر» بين رأس المال وتقاليد الريف السوري
ظروف عدة تحيط بإنتاج الدراما السورية وتجعل صنّاعها مجرد منفذين لشروط الفضائيات، ورغبات المنتجين الخليجيين، وخصوصاً أن آخر شركة سورية تعمل بمالها الوطني سلّمت الراية لـ«تلفزيون قطر»، وتحولت إلى منتج منفذ لبلاد النفط. هذه الشركة هي «شركة سورية الدولية» التي تنفذ حالياً المسلسل التاريخي «القعقاع».
ولعلّ أبرز الشروط المفروضة على الدراما السورية هو شرط العرض الرمضاني والثلاثين حلقة. وهذا الشرط تحديداً يفرض حالة من الحشو والثرثرة.
لكن في سوريا، هناك من يتمرد على طلبات المحطات والمنتجين، ليراهن على الجمهور باعتباره الحكم وصاحب الكلمة الفصل. وقد يكون على رأس هؤلاء المغامرين المخرج السوري الليث حجو. إذ سبق أن قدم تجربة الجزء الثاني من «أهل الغرام» الذي عرض خارج الموسم الرمضاني. وقد يساعد حجو في خياره تعاونه مع «شركة سامة للإنتاج الفني»، التي تجمعها علاقة بشبكة mbc، ما يمكّنها من تسويق أعمالها للمحطة الخليجية بعيداً عن رمضان.
في تعاون جديد مع «سامة للإنتاج الفني»، أنهى الليث حجو تصوير مشاهد مسلسل من خمس حلقات يحمل عنوان «تقاطع خطر» كتب نصه رافي وهبي. ويأتي إنجاز الخماسية رغبةً في كسر شرط الثلاثين حلقة، وتقديم وجبة درامية رشيقة للجمهور، تخلو من الحشو والثرثرة الزائدة والتطويل.
«تقاطع خطر» يتناول بيئة الريف السوري ويحاول إلقاء نظرة متفحصة على بعض المشاكل التي يعانيها أبناء الأرياف في هذه الفترة التي تعيشها سوريا. وهي مرحلة التحول الاقتصادي والتوجه نحو الاقتصاد الحر، وما حملته وستحمله معها من تحول اجتماعي وثقافي بالغ الأهمية. نجد أنفسنا هنا أمام رجل أعمال ضلّ طريقه، فدخل عن غير قصد إلى الضيعة التي تدور فيها الأحداث. وبعد أن يعرف أهل الضيعة هدفه من الزيارة، يحاولون إقناعه بأن يستثمر أمواله في بناء فندق في قريتهم. وبقدر ما تبدو الفكرة بعيدة بالنسبة إلى المستثمر، يتمسك أهالي البلدة بها، باعتبارها الفرصة الوحيدة الكفيلة بإخراجهم من عزلتهم. وينتج من هذا التجاذب صراع بين وجهتي نظر تعبّران عن حقيقة ما يجري اليوم في كثير من الأرياف التي توقفت عن أداء دورها الاقتصادي التقليدي في دعم الاقتصاد الوطني في مجال الزراعة والإنتاج الحيواني. وراحت تبحث عن مكان لها على خريطة الاستثمار السياحي. هكذا، يجد أصحاب الموقفين نفسيهما قد وصلا إلى طريق مسدود، وسرعان ما يتداخل الاقتصاد وحسابات الربح والخسارة بالمجتمع وأخلاقياته وعاداته وتقاليده.
إذاً، يتحول الصراع إلى تناحر بين رأس المال والعادات والتقاليد. هنا يطلب المستثمر من أحد شباب القرية بالتنازل عن خطيبته له مقابل موافقته على الاستثمار في قريتهم. وتستمرّ أحداث العمل بالتصاعد وتنكشف بخمس حلقات فقط لتكون خطوة حقيقية لكسر العرض الرمضاني.
«الدراما العربية في انحسار مستمر، والسبب الرئيسي هو شرط الثلاثين حلقة، وأنا شخصياً أحنّ لتقديم دراما لا تنطوي على الثرثرة الزائدة والتطويل» يقول بطل العمل أيمن زيدان ويضيف: «الخروج من عنق الثلاثين حلقة هو المخَرج الحقيقي للدراما. إذ يمكن اختصار الكثير من الأعمال من دون أن يتأثر النص».
إلى جانب أيمن زيدان، يشارك في العمل عمر حجو، ونضال سيجري، وأحمد الأحمد، ونجلاء خمري، وشكران مرتجى، وقاسم ملحو، ونادرة عمران، وجرجس جبارة، ورنا جمول، وحسين عباس، وجهاد الزعبي، وفيلدا سمور. ويُرجح أن تعرض الخماسية السورية قريباً على تلفزيون mbc.
وسام كنعان
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد