آلية عمل المراكز الثقافية وماذا تدفع من مكافآت للمحاضرين؟
تتميز المراكز الثقافية في دمشق بكثرة عددها وانتشارها في كثير من الأحياء والتجمعات السكنية ما يفترض أن يجعلها مكاناً للقاء الناس من أجل الثقافة، لكن المراقب لهذه المراكز لابد من أن يشعر بالصدمة جراء رؤيته للجمهور القليل قياساً لصالات المراكز الواسعة والأهم قياساً إلى النشاطات والمحاضرات المنوعة والمهمة في كثير من الأحيان والتي يقدمها محاضرون وكتاب ومفكرون لا يلاقون تعويضاً عن جهودهم سوى مبالغ مالية مخجلة لا ترقى إلى مستوياتهم الفكرية والاجتماعية.
خطة لتطوير الفعاليات
للوقوف على طبيعة نشاطات المراكز الثقافية وأحوال المساهمين في رفع صوتها عالياً التقينا بالعديد من المعنيين وهم مدير الثقافة في محافظة دمشق السيد هشام تقي ومعاون وزير الثقافة السيد محمد تركي ومدير المراكز الثقافية في وزارة الثقافة السيد بسام عاقلة، وقد حدثونا عن وجود ستة مراكز ثقافية موزعة على أحياء دمشق ومجهزة بصالات للمعارض وقاعات للمحاضرات والعروض الفنية والسينما، ومعاهد الثقافة الشعبية التي تقيم دورات لغات وحاسوب بأسعار رمزية وبشكل دائم ومعهدين للفنون التشكيلية وثالث سيفتتح بعد فترة.
تستقطب هذه المراكز الشباب والكتاب والمهتمين وتقوم فيها نشاطات للمدارس والجمعيات الأهلية ومسابقات ثقافية وفنية للأطفال والشباب، هذا يعني أن الناس متفاعلون مع هذه المراكز كما قال السيد تقي.
لكن المراقب لتفاعل الناس مع نشاطات المراكز يلاحظ بروداً في هذا التفاعل في كثير من الأحيان وهو ما برره السيد تقي بتغير حال مجتمعنا، فمع اجتياح الفضائيات والإنترنت العالم صار بإمكان الإنسان أن يحصل على كل ما يريد من معلومات وهو جالس في بيته ولم ينس مدير الثقافة أن يصرح بأن هناك خطة جيدة لتطوير فعاليات المراكز الثقافية حيث تصبح أكثر قرباً من المواطن وذلك عبر طرح المواضيع التي تمس حياته اليومية.
كما رد السيد محمد تركي عزوف الناس عن ارتياد المراكز الثقافية إلى طبيعة الناس وليس لضعف المراكز، وقد يتعلق الأمر بشخصية المحاضر أو المتحدث أو الأديب أو بطبيعة المادة المطروحة فكثير من الأحيان نجد أن صالات المراكز تعج بالناس إذا استضفنا قامة ثقافية لها تميزها وثقلها.
بانتظار رفع التعويضات
في مسألة ثانية وهي المكافآت المالية التي تدفع للضيوف المحاضرين في المراكز الثقافية تحدثنا مع السادة سابقي الذكر وعرفنا منهم أن المحاضر يتقاضى تعويضاً قدره ألفا ليرة سورية كحد أقصى لكل محاضرة يلقيها وهذا السقف التعويضي يمنح لمن يتقدم ببحث جديد ومنهجي ويقدم نسخة من بحثه مطبوعة الى إدارة المركز وفيما عدا ذلك يعود تقدير التعويض لرئيس المركز, وإذا كان المحاضر في محافظة أخرى غير محافظته يأخذ تعويض الانتقال وخمسمئة ليرة إضافة, أما إذا كانوا متحدثين فلكل منهم في الأمسية أو الندوة تعويض قدره ألف ومئتا ليرة.
لم تعجبنا قيمة هذه المكافآت بل وأحسسنا أنها ضئيلة قياساً الى حجم الجهود التي يبذلها الكتاب والباحثون والأدباء فقال السيد تقي بأنها حقاً لاترقى الى مستوياتهم لكنها برأيه مكافأة وليست أجراً, بينما قال السيد معاون الوزير بأن وزارة الثقافة تعمل وفق بلاغات صادرة بهذا الخصوص عن رئيس مجلس الوزراء ووزارة المالية ولا نستطيع تخطيها, وقد كانت التعويضات أقل فيما سبق وتم رفعها بموافقة رئيس مجلس الوزراء, ونحن بصدد رفع مقترح إلى السيد رئيس مجلس الوزراء لرفع سقف التعويضات.. زيادة في الإيضاح اتجهنا الى مدير المراكز الثقافية السيد بسام عاقلة؟ وقال لنا بأن تعويضات المحاضرين والأدباء الذين يقدمون نتاجاً ثقافياً في المراكز الثقافية تدفع من موازنة مديرية الثقافة وهناك بند في الموازنة مخصص لذلك, إذ إن مخصصات وزارة الثقافة تحول إلى المكتب التنفيذي في كل محافظة وتكون تحت تصرف المحافظ المفوض من قبل وزير الثقافة والمحافظ بدوره يفوض مدير الثقافة في المحافظة. ويقدم مشروعاً مقترحاً من قبل وزارة الثقافة إلى وزارة المالية لنشره في الجريدة الرسمية, وبعد أن يتم نشره يصبح نافذاً حيث إن كل ثلاث سنوات يرفع مثل هذا الاقتراح لوزير الثقافة ويتم تشكيل لجنة لدراسة المقترح ثم يرفع إلى وزارة المالية.
أكثر ما يهمنا من كل التفاصيل السابقة هو تصريح كل من السيد معاون الوزير والسيد عاقلة بأننا بانتظار قرار رئيس مجلس الوزراء للموافقة على مقترح وزارة الثقافة لرفع تعويضات المحاضرين والأدباء والفنانين الذين يقدمون مادة ثقافية في هذه المراكز.
العلاقة بين مديريات الثقافة ووزارة الإدارة المحلية
كنا قد سمعنا سابقاً عن مشاركة وزارة الإدارة المحلية في دفع التعويضات المقدمة لكل من يعتلي منابر المراكز الثقافية وسألنا السيد تقي حول هذا الأمر فقال: وزارة الإدارة المحلية هي المسؤولة عن إنشاء وبناء المراكز الثقافية وتقدم موازنة سنوية لمديريات الثقافة.. وللإضاءة أكثر حول هذا الموضوع اتجهنا إلى السيد معاون وزير الثقافة فأوضح قائلاً: مديريات الثقافة في المحافظات خاضعة لإشراف مجالس المحافظات وقد كان الإشراف عليها فيما سبق تابعاً لمجالس المدن والبلدات بمعنى أن المراكز الثقافية تخضع لإشراف مجالس البلدة وهذا ماسمي بتطبيق المرحلة الثانية من الإدارة المحلية على المراكز الثقافية لكن بالتدقيق والتجربة العملية وجدت رئاسة مجلس الوزراء ضرورة العدول عن هذا الأمر لتصحب مديريات الثقافة خاضعة لإشراف مجالس المحافظات أسوة بمديرية التربية والصحة وغيرها.. مديرية الثقافة الآن تتبع لمجالس المحافظات ولها ملاكها المستقل.
للتبين أكثر حول هذا الموضوع اتجهنا إلى وزارة الإدارة المحلية واستفسرنا حول دور الوزارة في دفع تعويضات المحاضرين فأفادتنا مديرية الشؤون المالية في الوزارة بالآتي: إن لوزارة الثقافة موازنة مستقلة ضمن الموازنة العامة للدولة وتمول من قبل وزارة المالية ولا دور لوزارتنا بموازنة هذه الوزارة, وإذا كان المقصود بسؤالكم موازنات مديريات الثقافة فإن لهذه المديريات اعتمادات مستقلة ضمن موازنة كل محافظة وترصد كغيرها من الموازنات في بداية العام وفق حاجة كل مديرية ووفق الوثائق المقدمة من قبلها وعلى ضوء تعليمات الحكومة الصادرة بِِشأن موازنة كل عام وتمويل هذه الموازنات يكون من قبل وزارة المالية حيث تقوم الوزارة بتخصيص اعتمادات مديريات الثقافة السنوية ضمن موازنة الإدارة المحلية التي تقوم بدورها بتمويل هذه الاعتمادات إلى مديريات الثقافة في المحافظات وذلك ببداية كل عام وبتمويل من وزارة المالية أسوة بموازنات جميع جهات الإدارة المحلية وجهات الدولة كافة.
وأخيراً نبقى في انتظار قرار الجهات المسؤولة عن رفع التعويضات لأصحاب القلم والثقافة التي هي تعبير ولو بسيط عن تقديرنا لهذه العقول ونورها الذي لا ينضب.
سوزان الصعبي
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد