نجوم يؤدون أدواراً بالجملة فماذا عن أولويات الفن فيها؟
يروي نجوم الدرامـا عادة تفاصيل أدوارهم أمام الإعلام بطريقة مؤثرة ومقنعة، ويستطردون بالحديث عن طريقة تعاملهم مع الدور ومعالجة تفاصيله وربما يضيفون حكايات أخرى عما فعلوه ليقــتربوا أكثر ما يمكن إلى تجسيد الشخصية بواقعية، فيتحــدث كل واحد منهم كيف خرج ليبحث عن الشخصية في الحياة وكيف عايشها أو عايش التجارب التي مرّت بها هذه حتى يلتقط الجوانب النفسية، بمعنى انه ذهب إلى أبعد من إطارها الشكلي فقط فقط.
من غير المعلوم ما إذا كان هذا النوع من التصريحات ما زال مقنعاً وصالحاً للاستهلاك، وقد طالعتنا أرقام الموسم الدرامي الرمضاني المقبل بأن النجمة سلاف فواخرجي تكاد تكون الوحيدة في الوسط الفني السوري من قدم عملاً واحداً هذا الموسم، بينما كان عدد الفنانين الذين اكتفوا بدورين تمثيليين اثنين هذا الموسم معدوداً على أصابع اليد الواحدة ومنهم الممثلون تيم الحسن وقيس الشيخ نجيب وقمر خلف وجمال سليمان ومصطفى الخاني... في حين بالغ الكثيرون بعدد الأدوار التي سيقدمونها هذا الموسم، وتعدّدت أدوارهم حتى وصلت مشاركة البعض منهم إلى ثمانية أعمال، ربما نحتاج معها إلى جهد كبير لفك تشابك المسلسلات بسـبب تشابه نجومها، وربما يتشابه الأداء لدرجة قد يطالب المشاهدون بوضع لجنة لمكافحة الملل التلفزيوني تضاف إلى لجان الرقابة على المسلسلات!
من حيث المبدأ، يحق لكل فنان أن يقدّم ما يشــاء من أدوار تمثيلية في الموسم الواحــد و(حلال على الشاطر)، وفي الوقت ذاته يمكن غضّ الطرف عن أن عدداً من الفنانين السوريين يجلسون في بيوتهــم دون عمل، لأن لكل منتج ومخرج حساباته باختيار نجومه.. لكنه في الوقت ذاته لم تعد تصريــحات عدد كبير من الفـنانين مقــبولة، فكيف يمكن تصديق أن فناناً يخطط لشخصيته ولمسارها وهو بالكاد ينسق بين تنقلاته بين موقع تصوير وآخــر..؟ وكيف يمكن الاقتناع بأن فناناً عايش الشخصية وتجاربها وهو بالكاد يحفظ دوره المكتوب على الورق، وقد بات منظر مســاعد المخرج وهو يلقن الممـثل ما الــذي عليه أن يقوله، مشهداً مألوفــاً في مواقع التصوير...؟
في ما مضى كان كثير من الممثلين يبرر ظهوره في أكثر في عمل من رمضان، بالقول إنه يقوم بتنفيذ تلك الأعمال على مدار السنة وإنه يجهل أياً منها سيُعرض في شهر رمضان وأي منها قد يتم تأجيل عرضه لموسم ثان، وبالتالي فاشتغاله أكثر من عمل درامي من باب حرصه على الظهور الدرامي في شهر رمضان.. تلك الحجة ستبدو أيضاً ضعيفة اليوم وقد باتت الفضائيات شريكاً أساسياً في إنتاج الأعمال الدرامية وبالتالي يبدو أن عرضها سيكون مضموناً خلال شهر رمضان باستثناء حالات قليلة يتمّ تأجيل عرضها لأسباب أقوى من الفضائيات نفسها، كحال فضائية «أم بي سي» عندما اضطرت إلى تأجيل عرض مسلسلها البدوي «فنجان الدم».
«اللهم لا حسد»، نقولها لكل الفنانين مع ما يقدّمونه من أدوار بالجملة، ولكننا نأمل أن تكون أولويات الفن هي أولويــاتهم في ما قدّموه من أدوار.. وهو الحكم الذي سنتمهّل في إطلاقه ريثما نتابع في الموسم الرمضاني القادم ما قدّموه، وعندها بلا شك لكل حادث حديث، وسنرفع القبعة بالتأكيد لمن جمع تعدد الأدوار وفرادة الأداء فيها.
ماهر منصور
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد