الكوميديا السورية: «كاركتيرات» قديمة بلباس جديد
لا يخفى على متابعي الأعمال الدرامية السورية، أن بعضها، ذا الطابع الكوميدي خصوصاً، يعتمد على إعادة إنتاج «كاركتير» أو شخصية، شاهدناها في أعمال معروضة سابقاً، مثل «بقعة ضوء» على سبيل المثال. كما ينسحب الأمر على أعمال قيد التحضير مستوحاة من شخصيات قدمت في إطار مسلسلات أخرى، مثل «باب الحارة».
فالممثل سامر المصــري على سبيل المثال يعيد إنــتاج شخصيته «أبو جانتي ملك التاكسي»، التي كان جسدها في «بقعة ضوء - الجزء الثالث» بالتعاون مع الكاتب رازي وردة الذي كتب العملين. كما أعلن الممثل محمد خير الجراح الذي عرف في «باب الحارة» بكاركتير» أبو بدر» الخاضع لسلطة زوجته، أنه سيؤدي الشخصية ذاتها في إطار مسلسل جديد بعنوان «الدرويشية». علماً بأن ثمة رأيا يقول بعدم أهمية هذه الشخصية في السياق الدرامي لمسلسل «باب الحارة». وبدوره صرّح الممثل مصطفى الخاني أنه سيؤدي شخصية «النمس» التي لعبها في المسلسل نفسه، في عمل جديد، لم يعلن عن اسمه.
ولعل الصدى الجماهيري لكل من «كاركتير» جودة وأسعد في مسلسل «ضيعة ضايعة» للممثلين باسم ياخور ونضال سيجري، الموفقين في استثمارهما انطلاقاً من دورهما في «بقعة ضوء - الجزء الثاني» عن قصة لتشيخوف، حفز غيرهما من الممثلين على إعادة إنتاج شخصيات مؤداة سابقاً في نطاق أعمال جديدة.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل الجميع سيوفقون، كما ياخور وسيجري، بكاتب مثل ممدوح حمادة استطاع استثمار شخصيتين «ملعوبتين» في عمل جديد على نحو موفق؟ علماً أن الممثل بسام كوسا كان خاض التجربة ذاتها، في إطار عمل بعنوان «ما في أمل» انطلاقاً من دوره في لوحات «بقعة ضوء»، لكن مع استبدال لاعب الشخصية الرديفة الاساسية التي جسدها الممثل أندريه سكاف بزميله فايز قزق.
والملاحظ أن الأدوار التي يعاد إنتاجها لم تعلق في ذاكرة الكثير من المشاهدين كأدوار كوميدية مرسومة بعناية. ويكفي أن نذكر حتى اليوم الصدى الذي تركته شخصيتا «غوار الطوشي» (دريد لحام) و«حسني البــورظان» ( نهاد قلعي) على سبــيل المثال، لنكتشف مدى الاختلاف في مستوى الرؤية الكوميدية بين الماضي والحاضر.
ونطرح أسئلة هنا: هل يدل بالضرورة إلباس الأدوار السابقة رداء جديداً، على أن ميدان الكتابة الدرامية السورية مفلس؟ أم أنه استثمار تجاري من قبل شركات الإنتاج «لكاركتيرات» معينة، من دون أن تكون قد تركت بالضرورة أثراً لدى المشاهدين، أو تكون لها فاعليتها في السياق الدرامي؟ وهل يؤشر ذلك الى عجز الممثلين والمخرجين عن الابتكار؟
نضال بشارة
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد