لماذا طار وزير الثقافة
كثرت الأقاويل والتكهنات بشأن كف يد وزير الثقافة واستبداله، فمن قائل أن الأمر قد تم بسبب سوء استثماره للأماكن الأثرية، ومن قائل بأن معاونيه قد ورطوه بما هو أكثر، وأنا أقول أن الأمر حصل بسبب تضخم حجم الكذب الذي كان يتدفق من وزارته يومياً، تماماً مثل بطل قصة قديمة لي تقول: أن أبا رفيق كان حذّاء بلدتنا البحرية في سبعينات القرن الماضي، عندما كان الكادحون يرقّعون أحذيتهم بنصفِ نعلٍ أو كعبيات، وكان أبا رفيقٍ شخصاً ظريفاً ولكنه يكذب كثيراً في مواعيده حتى يملّ الزبون فيتخلى عن حذائه أو ينساه عنده، فيرميه أبو رفيق في جوف دكانه أملاً باستخدام جلده في ترقيع حذاء غيره.. وكانت تلَّة الأحذية تكبر يوماً عن يوم وشهراً عن شهر، حتى ملأت الدكان وأخرجت أبا رفيق وسندانه إلى عراء الرصيف، حيث كنا نجلس بانتظار تصليح أحذيتنا.. وفي يوم من الأيام كنت جالساً عنده فنظرت إلى دكانه المليء بالأحذية القديمة وقلت له: يا أبا رفيق.. أترى هذه الأحذية التي ملأت دكانك؟ قال: نعم! قلت هذا هو كذبك الذي أخرجك من تحت سقفك إلى الشارع.. فتوقفت يد أبي رفيق في الهواء لحظة قبل أن يرمي مطرقته ويبصق المسامير من فمه ثم ينهض ويخرج دون رجعة إلى عمله.. فقد أدرك لحظتها ما فعله بنفسه .. ثم سافرت مدة سنة وعندما عدت كان أولاده قد قلبوا الدكان إلى محل لبيع الأحذية الجاهزة .. إذن هل كنتم أحد زبائن وزارة الثقافة الذين فقدوا أملهم بتحقيق وعودها لكم ؟ عودوا إليها فإن وزيرها الجديد، إن لم يكن قد تغيّر، سيوصلكم إلى حقوقكم، و إذا لم يفعل فلدينا قلم مازال يعمل..
نبيل صالح
إضافة تعليق جديد