البحرين تدخل اليوم امتحان الحوار والملك يعفو عن معتقلين
بعد إعلانه الإفراج عن مجموعة من المعتقلين السياسيين، ووقف الدعاوى الجنائية بحق ناشطين معارضين، تنتظر النظام البحريني اليوم، ثلاثة مفترقات محورية قد تغيّر في مسار المعادلة الداخلية. فبعدما ارتفعت حصيلة شهداء الاحتجاج الشعبي إلى ثمانية إثر وفاة متظاهر متأثراً بجراحه، تشهد المنامة اليوم تظاهرة ضخمة بدعوة من قوى المعارضة التي من المتوقع أن تقدم خلال الساعات المقبلة موقفاً نهائياً من دعوة الملك حمد بن عيسى آل خليفة إلى الحوار، فيما أعلن المعارض البارز حسن مشيمع الذي يحاكم غيابيا، نيته العودة إلى المنامة اليوم، من منفاه في لندن.
في هذه الأثناء، أكد رئيس اركان الجيوش الاميركية الاميرال مايكل مولن لعدد من الصحافيين بعيد وصوله الى الدوحة «ما زلت اعتقد ان ايران بلد يواصل تغذية عدم الاستقرار في المنطقة واستغلال كل فرصة، لكنني اعتقد ان هذا لم يكن المحرك الرئيس لاحداث مصر او البحرين او الدول الاخرى». واضاف بعد لقاءات صباحية مع مسؤولين سعوديين رفيعين ان الاضطرابات «بإجمالها ناجمة عن مشاكل داخلية لا مخططات وضعتها قوة خارجية». ورأى مولن ان الوضع في المنامة «هدأ في الساعات الـ36 الاخيرة».
وأفادت وكالة الانباء البحرينية «بنا»، بأنه «تقديرا لتجمع الوحدة الوطنية المنقطع النظير... في مركز الفاتح والذي دعا للوحدة الوطنية»، فقد أمر الملك حمد بن عيسى آل خليفة «بإطلاق سراح عدد من المحكومين وإيقاف السير في الدعاوى الجنائية المقامة ضد الأشخاص المشار إليهم في خطاب تجمع الوحدة الوطنية ومن اهاليهم. وسوف تعلن أسماؤهم» اليوم.
وتجمع آلاف ممن يؤيدون الحكومة البحرينية في المنامة، حول مسجد الفاتح في المنامة عند صلاة المغرب. وهتف الحشد «ليعش أبو سلام» في إشارة إلى الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
من جهته، أكد مشيمع وهو الامين العام لحركة الحريات والديموقراطية (حق)، ويحاكم غيابيا ضمن مجموعة تضم 25 ناشطا متهمين بالاشتراك في «تأسيس منظمة تستخدم الارهاب لاطاحة النظام»، نيته العودة إلى البحرين من لندن. وقال «لقد قررت العودة إلى بلدي، وسأكون في مطار المنامة غدا الثلاثاء بحدود الساعة السابعة مساء»، موضحا «في ظل الظروف الحالية لا يمكنني البقاء خارج بلدي».
كما أشار مشيمع إلى أنه «لم يحصل على أي ضمانة» بخصوص عدم اعتقاله لدى وصوله إلى المملكة، فيما علمت «السفير» من مصادر بحرينية، أنه يتم التباحث في إمكان استقبال مشيمع بمسيرة سيّارة تقلّه من المطار إلى دوار اللؤلؤة حيث يعتصم المتظاهرون.
وفيما توفي المتظاهر البحريني رضا محمد الذي كان قد أصيب برصاص الجيش في دوار اللؤلؤة الجمعة الماضي، تابعت قوى المعارضة استعدادها لتظاهرة ضخمة اليوم في المنامة. وقال النائب عبد الجليل خليل ابراهيم رئيس كتلة جمعية الوفاق التي تمثل اكبر تيار معارض في البحرين، «نحن نتوقع مشاركة مئة الف شخص في التظاهرة» التي يفترض ان تنتهي في دوار اللؤلؤة حيث يتابع الآلاف اعتصامهم». واحتشد ما يصل إلى عشرة آلاف متظاهر في الدوار أمس، وهو مركز الاحتجاجات المدعومة بإضرابات قطاعية أدى على سبيل المثال لا الحصر إلى إغلاق مدارس كثيرة.
اما على صعيد الحوار، فقال ولي عهد البحرين سلمان بن حمد آل خليفة، إنه يدعو «جميع الأطراف إلى المشاركة وعدم جر البلاد إلى مزيد من الفوضى والتطرف والاستقطاب، واضعة نصب أعينها المصلحة العليا للبحرين». وأضاف إنه يجب «أن يكون هدف الجميع المضي قدما في اصلاح حقيقي شامل ومتواصل يضم الاتجاهات كافة ويشمل ما يطرحه الجميع من قضايا ومواضيع أساسية تلبي تطلعات وآمال شعب البحرين بمكوناته كافة وذلك للحفاظ على مكتسبات الوطن ودعم أمنه واستقراره ومسيرة التنمية فيه».
في المقابل، وفيما طالبت مجموعة تطلق على نفسها اسم «شباب ثورة 14 فبراير» بإسقاط النظام في البحرين متمثلا بإقصاء الأسرة المالكة، قال النائب عن جمعية الوفاق (سحبت نوابها بعد مذابح الأسبوع الماضي) محمد يوسف المزعل لـ«السفير»، إن «القوى السياسية ما زالت تعمل على بلورة موقف» من الدعوة إلى الحوار، وكان قد توقع صدور هذا الموقف بحلول فجر اليوم بتوقيت بيروت، موضحا أن «الإطار العام للموقف سيتمثل بقبول الحوار ضمن إطار دستور عقدي».
ورداً على سؤال حول التباين في موقفي المعارضة والشارع الذي يميل إلى رفع سقف المطالبة، قال المزعل لـ«السفير» إن الشارع سيعتمد على تجاوب الكيانات الأساسية الممثلة»، معتبرا أن موقف الجمعيات المعارضة سيكون في «إطار واقعي، يرضي من هم أدنى أو أرفع سقفاً». وأكد المزعل «نحن نرحب بالحوار، فهناك دائما توأمة بين السلمية والحوار، لكننا نطالب بحوار مثمر، لا نريد حوار طرشان».
وفي سياق مختلف، قال وزير شؤون النفط والغاز البحريني عبد الحسين بن علي ميرزا إنه لم يحدث تعطيل لقطاع النفط البحريني أو للاستثمار في القطاع بسبب الاضطرابات في المملكة. وأضاف ميرزا، وهو أيضاً رئيس الهيئة الوطنية للنفط والغاز للصحافيين، ان عمليات النفط البحرينية لم تتأثر وكذلك الاستثمار الأجنبي في القطاع، فيما خفضت وكالة التصنيف الائتماني «ستاندارد اند بورز» تصنيفها للدين السيادي البحريني بدرجة واحدة.
من جانبها، دعت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون في اتصال هاتفي أجرته مع نظيرها السعودي مساء أمس الأول، الى ضبط النفس في البحرين. وجاء في بيان صادر عن الخارجية الاميركية أن كلينتون بحثت خلال مكالمتها مع الامير سعود الفيصل موجة الاحتجاجات الشعبية التي تهز عدداً من الدول العربية و«شددت على ضرورة ان تلزم قوات الامن في البحرين ضبط النفس». كما رحّبت بعرض ولي عهد البحرين فتح حوار وطني مع «جميع الأطراف» في البحرين.
وقال وزير الثقافة والإعلام السعودي عبد العزيز بن محيي الدين خوجة في أعقاب الجلسة الأسبوعية لمجلس الوزراء التي عقدت برئاسة نائب الملك الأمير سلطان بن عبد العزيز ان «المجلس شدد على تأكيد وقوف دول مجلس التعاون الخليجي صفاً واحداً في مواجهة أي خطر تتعرّض له أي من دوله والدعم الكامل لمملكة البحرين». وتابع الخوجة أن الرياض «تعتبر أمن واستقرار دول المجلس كلاً لا يتجزأ التزاماً بالعهود والاتفاقيات الأمنية والدفاعية المشتركة». وأضاف ان مجلس الوزراء أكد «وقوف المملكة بكل إمكاناتها خلف دولة وشعب البحرين الشقيق».
وقال وزير الثقافة والإعلام السعودي في بيانه إن «مجلس الوزراء لدى متابعته مختلف الأحداث في عدد من الدول العربية والإسلامية الشقيقة، أكد أهمية تغليب الحكمة في معالجة تلك الأحداث وبما يضمن الحفاظ على سلامة واستقرار هذه الدول ورخاء شعوبها».
وفي الكويت، تجمع عشرات المتظاهرين قرب مجلس الامة تأييداً للمحتجين في البحرين، بدعوة من رابطة الشباب الوطني الكويتي، وأغلقت قوات الأمن ساحة الإرادة التي كان من المقرر أن تقام فيها التظاهرة.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد