غياب «دراما الأم» عن الأعمال السورية بداعي التسويق
لم تكتب دراما الأم بعد في الأعمال السورية. هو ما نعتقده جازمين، والغريب أن الدراما السورية تطرقت الى كل المواضيع بل وكررتها، من دون أن تخرج حكايات الأم خارج سياقها التقليدي كجزء من الحياة، لتشكل نمطاً درامياً قائماً بذاته. على غرار ما كرست ما يمكن تسميته «بدراما الحب» التي تكونت في غالبيتها من حلقات منفصلة، تتناول قصة حب كموضوع رئيس لها. بدءاً من «أهل الغرام»، مروراً «بسيرة الحب»، و»إسأل روحك»، و»هيك تجوزنا»..
والمثير أن تجربة مشابهة لدراما حلقات «دراما الحب» المنفصلة، كانت قد تناولت الأم كموضوع رئيسي لها في حلقات منفصلة، في مسلسل «الأمهات» للمخرج سمير حسين (أنتج عام 2005)، الذي سبق إنتاج «أهل الغرام» (التجربة المؤسسة لدراما الحب) بعام كامل. إلا أن دراما الأمهات تلك لم تجد من يكررها ويبني عليها، خلافاً «لدراما الحب»، رغم توافر شروط مثالية تقريباً للاثنين على الصعيد الفني.
فكما توافر لـ «دراما الحب» عدد كبير ومتنوع من النجوم الشباب، تزخر الدراما السورية بأسماء فنية نسائية، تستطيع أن تضطلع بأدوار الأمهات، منهن النجمات منى واصف، وسمر سامي، وثناء دبسي، وضحى الدبس، وسامية الجزائري، وصباح الجزائري، ونجاح حفيظ، وسلمى المصري، وأخريات...بالإضافة إلى نجمات التسعينيات مثل سوزان نجم الدين. وهذه الأسماء سبق واختبرت على صعيد تجسيد أدوار الأمهات، بل إن جزءاً كبيراً من طاقاتهن الفنية لم يستثمر بعد.
على صعيد الموضوع، لا تقل حكايات الأمومة ملامسة لشغاف قلوب المشاهد من حكايات الحب. وتماماً كما عاش كل منا حكاية حب أو أكثر، ثمة حضور مواز في حياتنا وربما ببعد درامي أشد تأثيراً وصدقاً لحكايا الأمهات. وبالتالي من السهل تقديم تصور فني صادق عنها، بجاذبية تضمن ملامسة قلوب المشاهدين.
إلا أن توافر أفكار درامية مناسبة وممثلات جديرات لتجسيد دور الأم، لا يشفعان لهذا النموذج الدرامي بالانتشار بالشكل الذي يستحقه. والسبب هو التسويق، الذي هو في النهاية أسير الإعلان. وعلى أهمية أسماء الفنانات المرشحات لدور الأم، ورغم تاريخها الفني وجماهيريتها، إلا أن غالبيتها لا تغري المعلن، وبالتالي يبدو الرهان عليها تسويقياً مسألة خاسرة!
وليس المعلن وحده المسؤول أو شروط التسويق، فثمة مسؤولون ايضاً في الصف الخلفي، إذ عجز صناع الدراما السورية على تقديم أعمال تفرز نجمات على غرار ما فعلته بالنسبة للنجوم، لرفع أسهمهن التسويقية. فمقابل أسماء تشكل ضمانات تسويقية مثل جمال سليمان وعباس النوري، لا نجد من بنات جيليهن من تمتلك الضمانة التسويقية ذاتها!
يبدو النص الدرامي هو بيت القصيد في هذه المعضلة. وربما يُحل عبر مغامرات إنتاجية تتبنى ممثلات من جيل الأمهات في أدوار البطولة. وتضافر النص والإنتاج قد يشكلان أملاً لنجومية فنانات لا تشيب. وإلا فنحن على أبواب كل نص جديد سننعى نجومية من اختمرت إمكانياتهن التمثيلية، لصالح جيل جديد من الممثلين.
ماهر منصور
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد