افتتاح الدورة الأولى لأيام السينما المغاربية في صالة سينما الكندي بدمشق
ما زال التعاون الثقافي بين مشرق العالم العربي ومغربه في حدوده الدنيا وربما هو في حالة تراجع وخاصة على صعيد المؤسسات الرسمية التي لم تخلق آليات تعاون حقيقية تحمل بذرة الاستمرار وتكون قابلة للتعزيز وربما كان هذا الأمر أحد أهم الدوافع التي أغرت الصحفي التونسي أنيس الخليفي على إنشاء مؤسسة ثقافية في دمشق في أوائل العام الفائت تُعنى بتعزيز التبادل الثقافي بين شطري الأمة وتسعى في هذا السبيل من خلال إقامة اللقاءات والمنتديات والنشاطات المشتركة التي تساعد في تسهيل عملية تبادل المنتج الثقافي بين أقطار العالم العربي ومن هنا جاء إطلاق اسم «لقاء» على هذه المؤسسة التي رغم كونها ما زالت في خطواتها الأولى إلا أنها قامت بالعديد من النشاطات كان آخرها الدورة الأولى لأيام السينما المغاربية والتي انطلقت أمس الأول في سينما كندي دمشق بحضور عدد من الإعلاميين والمهتمين بالسينما المغاربية وقد قامت المؤسسة العامة للسينما برعاية هذه الدورة حيث حضر معاون المدير العام بسام خباز وألقى كلمة أكد خلالها أهمية تمتين الجسور الثقافية التي تربط بلدان المغرب العربي ببلدان المشرق وشدد على ترحيب المؤسسة بهذه الفعاليات التي تلعب دوراً مهماً في تقريب السينما المغاربية المتميزة إلى محبي هذا الفن في سورية.
وتعرض خلال الدورة العديد من الأفلام القصيرة والروائية الطويلة فاليوم الثلاثاء يُعرض الفيلم الجزائري (المسافر الأخير) للمخرج مؤنس حنار في الساعة السادسة مساء في صالة سينما كندي دمشق وهو فيلم قصير يتلوه فيلم جزائري طويل هو (نهلة) للمخرج فاروق بلوفة وفي الساعة الثانية هناك فيلم آخر (وراء المرآة) للمخرجة نادية شرابي وغداً الأربعاء تعرض ثلاثة أفلام موريتانية هي: (الهروب) للمخرج سالم دندو وفيلم (المعلومة نجمة الصحراء) للمخرج الشيخ أندياي وفيلم (في انتظار السعادة) للمخرج عبد الرحمن سيساكو وكانت قد عرضت في يوم الافتتاح عدة أفلام تونسية وفي اليوم الثاني عُرضت أفلام مغربية.
وتعتبر السينما المغاربية وخاصة في تونس والجزائر والمغرب من السينمات المتقدمة في العالم العربي وتنال دائماً الجوائز في المهرجانات السينمائية العربية والدولية حيث تملك هذه السينما العديد من المخرجين الذين يمتلكون رؤى إبداعية ومعرفية عالية مكنتهم من تقديم أفلام تحمل قيمة سينمائية رفيعة ولغة سينمائية متميزة وقد انحاز هؤلاء في مجمل ما قدموه من أفلام إلى الطبقات المهمشة والمنسية والفقيرة في المجتمع المغاربي، لذا جاءت سينما صادقة وصادمة تحاكي هموم الناس البسطاء وتطلعهم إلى غدٍ أفضل.
وعلى مدى دورات مهرجان دمشق السينمائي كانت السينما المغاربية تحضر بقوة في المسابقة الرسمية والفعاليات الموازية ونالت عدة جوائز ويحرص السوريون المهتمون بالفن السابع على متابعة كل جديد تقدمه هذه السينما ورغم وجود عائق اللهجة وهو عائق وجب على السينمائيين المغاربة تجاوزه من خلال محاولة الابتعاد عن بعض الكلمات المغرقة في المحلية التي قد لا تكون مفهومة للمشرقيين العرب.
لا ريب في أن للفن دوراً لا يعلوه دور في تقريب العرب بعضهم من بعض وإذا كان المصريون ومن بعدهم السوريون استطاعوا من خلال السينما والدراما التلفزيونية الوصول إلى المغاربة فإن المرحلة المقبلة يجب أن تشهد حراكاً مقابلاً لكي تتكامل الصورة فالتاريخ واحد والإرث الثقافي واحد ولم تعد الجغرافيا عائقاً في الوقت الراهن بعد أن أسهم الإعلام في تقريب المسافات بل إلغائها.
إن الدورة الأولى لأيام السينما المغاربية خطوة أولى ودائماً ما تكون الخطوات الأولى هي الأصعب وخاصة إذا كان الأمر يتعلق بشأن ثقافي حيث ما زال هذا الشأن في آخر سلّم اهتمامات وزارات الثقافة العربية والتي لم تسع يوماً لكي يكون لها من اسمها نصيب ليس على هذا الصعيد فحسب بل على صعد أخرى كثيرة.
إذا كنا لم نستطع أن نحقق حلم «من الشام لبغدان ومن نجد إلى يمن إلى مصر فتطوان» بالسياسة وفي الوقت الراهن يبدو هذا الحلم بعيداً فإن الثقافة وليس غير الثقافة هي القادرة على ذلك.
محمد أمين
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد