دين الدولة ودين الرئيس

13-07-2011

دين الدولة ودين الرئيس

الجمل ـ عبد الله علي: الدولة كشخص معنوي، لا يمكن أن يكون لها دين. لأن فكرة الشخص المعنوي المفترضة قانوناً، لا تقبل إلا الخصائص التي ينبغي توافرها لتحقيق الهدف العملي الكامن وراء تأسيسها. والدين لا يمكن أن يكون من بين هذه الخصائص، لأن هدف الدولة ببساطة هو هدف سياسي وليس ديني، وبالتالي فإن الدساتير التي تنص على أن "دين الدولة الاسلام" هي دساتير قادمة إلينا من عصور الدولة الدينية عندما كان الحاكم يمثل ظل الله على الأرض، وهي الفكرة التي لم تعد مقبولة في عصرنا الحديث الذي يجاهد لإقامة الدولة المدنية الديمقراطية.
وإذا كان الدستور المصري منذ عشرينيات القرن الماضي وحتى التعديل الأخير الذي أحدثه المجلس العسكري مؤخراً، بقي محافظاً على نص دين الدولة، فإن الدستور السوري لم يتضمن مثل هذا النص على الإطلاق، وهذا الاختلاف بين الدستورين قد يؤشر على أن مصر لم تستطع الخروج بعد من تحت تأثير الاتجاه الديني الذي كان يريد لها أن تمسك بعمامة الخلافة الاسلامية بعد أن نزعها التركي عن رأسه بعد الحرب العالمية الأولى، فاستمرت منذ ذلك الحين بالإصرار على الاسلام كدين لدولتها.
وسورية رغم غياب النص السابق عن دستور استقلالها، إلا أنها لم تستطع البقاء بعيدة عن تأثيرات الاتجاه الديني في توصيف الدولة. ففي عام 1950 نشأ خلاف كبير حول هذا الموضوع بين الأحزاب السورية وبين رابطة علماء المسلمين، وللأسف انتهى الخلاف بوضع نص المادة الثالثة من الدستور التي تنص على أن: (دين رئيس الجمهورية الاسلام) وذلك كحل وسط بين الطرفين. إذ من ناحية تم تجنب إضفاء طابع ديني على الدولة، ومن ناحية ثانية تم إرضاء الأغلبية المسلمة من خلال حصر منصب رئاسة الجمهورية بها دون غيرها.
وقد استمرت الدساتير اللاحقة في تبني نص هذه المادة مضموناً ورقماً حتى الوقت الحاضر.
"دين رئيس الجمهورية الاسلام"!!! رغم أن صياغة المادة توحي بأن الاسلام هو مجرد شرط ينبغي توافره في المرشح لرئاسة الجمهورية، إلا أن وضع هذه المادة ضمن الباب الأول "المبادئ الأساسية" وفي الفصل الأول منه "المبادئ السياسية" الذي تتحدث مواده الاثنا عشر، عن هوية الدولة السورية ونظام الحكم فيها ولغتها وعلمها، أي خصائصها كشخص معنوي، يفرض علينا أن نتساءل عن الفرق بين نص "دين رئيس الجمهورية الاسلام" ونص "دين الدولة الاسلام"، وهل أن النص السوري هو نفسه النص المصري من حيث المضمون، وأن الاختلاف في الشكل فقط؟.
يمكن الإجابة عن هذا السؤال على ضوء هاتين الملاحظتين:

1-    كما قلنا سابقاً، فقد اختار واضعو الدستور أن يكون ترتيب المادة الثالثة المتعلقة بدين رئيس الجمهورية ضمن الفصل الأول الخاص بالمبادئ السياسية الذي خصائص الدولة السورية، بدل أن توضع في الفصل الخاص برئيس الجمهورية وتحديداً في الجزء الذي يتحدث عن الشروط الواجب توافرها في المرشح لرئاسة الجمهورية، وهذا الاختيار لمكان المادة الثالثة لا يمكن فهمه إلا على أنه يحمل دلالات دستورية أهمها أن دين رئيس الجمهورية هو من خصائص الدولة ذاتها وليس مجرد شرط للترشح، أي أن الدستور ينظر إليه ليس على أنه شرط يجب توافره في الشخص الطبيعي المرشح للرئاسة، وإنما على أنه من خصائص مؤسسة الرئاسة التي تمثل الشخص المعنوي للدولة.

2-    الآثار العملية المترتبة على كل من النص المصري والنص السوري، متطابقة دون أي اختلاف. فالدولة المصرية التي تدين بالاسلام حسب دستورها، ليست أكثر إسلامية من الدولة السورية التي يدين رئيسها بالاسلام. بمعنى أن كلاًّ من الدولتين السورية والمصرية، رغم اختلاف النصوص، تسيران في نفس المستوى من أسلمة الدولة، إن جاز التعبير، وقد يكون الانتساب إلى منظمة المؤتمر الاسلامي الخاصة بالدول المسلمة خير مثال على ذلك، إذ أن هذا الانتساب تمَّ رغم أن الدستور السوري لا يشير إلى إسلامية الدولة. ومن الممكن أن يثار في وجه هذا المثال حجج كثيرة، إلا أنه أيَّاً كانت تلك الحجج فلا يمكنها تجاهل ما يشكله هذا الانتماء من تصريح بدين الدولة. وإذا أخذنا هذا المثال بدلالته الرمزية، فإننا نتبين على وجه اليقين أن اختلاف النصوص لم يثمر اختلافاً في التطبيق، مما يثبت صحة ملاحظتنا بأنه لا فرق بين النصين إلا من حيث الشكل دون المضمون، وأن اختيار مكان المادة الثالثة في الدستور السوري كان مقصوداً وأنه يعبر كالنص المصري تماماً على أن الدين هو من خصائص الدولة، والفرق الوحيد أن الدستور المصري عبر عن مراده صراحة، بينما لجأ الدستور السوري إلى أسلوب التلميح.

مما سبق، يمكننا وضع الخلاصة التالية وهي أن من يطالب بإلغاء مادة دين الدولة، كان من الأجدر به عدم قبول مادة دين رئيس الجمهورية، لأنه كما أثبتنا أعلاه، لا فرق بين المادتين إلا من حيث الصياغة الشكلية أما الأثر العملي فهو واحد. لذلك يتوجب علينا ونحن على أبواب وضع دستور جديد أن نصحح الخطأ التاريخي الذي وقع به واضعو دستور عام 1950 وتوارثته عنهم كافة الدساتير اللاحقة، وأن نلغي المادة الثالثة من الدستور طالما نحن مقتنعون بضرورة بناء الدولة المدنية.

التعليقات

مع إحترامي لجميع الأديان في سورية فإنني أرى أنه من الضروري إلغاء المادة الثالثة من الدستور والإكتفاء بأن يثبت المرسح بأنه سوري

اي اذا بتطبئ السما عا الارض بسوريا مارح يئبلو يلغو المادة 3 ... وخاصة الاسلامجية " !! اذا هنن كل الثورة تبعتهم كانت لي**********************"!! طبعا بالدعم الاردني خاصة* والسعوددي وغيرو اللي بيعتبرو انو سوريا بالاكثرية ال**** لازم تكون تحت وصايتهم وهاي فرصتهم !!وياغيرة الدين !! فكيف لو التغت المادة وصار ممكن يكون الرئيس مسيحي ؟؟ اي منرجع لثورة اكبر و حههاد علناَ .. ياعمو هيدول ما بينعلق فيهم ولا بدهم لا حضارة ولا مدنية ..ولا حقوق .. ولا اي شي الا يقتلو الناطور ويدعسو على العنب . خلاس رايحين بدهم الخراب ..التدمير ومش سائلين !! بتئلهم دولة مدنية !! بالاحلام ان شالله ..

هذا الكلام صحيح تماماخاصة لمن يطالب بالدولة المدنية

نعم يجب الغاء المادة الثالثة من الدستور لكي يتمتع أي مواطن و مهما كان انتمائه الديني بنفس الحقوق و الواجبات

على حد علمي المسلم هو من أسلم قلبه ولسانه، أي كل من قال لا إله إلا الله وبالتالي (وعذرا لأنني مضطر للكتابة بأسلوب قد يفهمهم العراعرة الجدد) : السني والعلوي والاسماعيلي والدرزي كلهم عند ربنا مسلمون، بل حتى المسيحي عندما يؤمن قلبه ولسانه فقد دخل الاسلام. لكن أخ نبيل كما تعلم فإن شهوة المال والسلطة تجعل كل إنسان يحور الدين على كيفه

لأن سورية دولة تحوي طوائف متعددة، ولأنها نريدها مدنية لكل السوريين، أنا مع إلغاء هذه المادة لأننا كلنا مسلمون لرب العالمين، وصناديق الاقتراع والمنافسة الحقيقية هي التي تحكم، وأتساءل ماذا استفاد الإسلام من إسلام أمراء النفط في الخليج؟؟؟

كل مآسي مجتمعنا الماضية والحالية والقادمة تحمل بصمة اجتماع سقيفة بني ساعدة السيء الذكر .. المادة الثالثة تلغيها المادة 25 التي تقول بأن المواطنين متساوون بالحقوق والواجبات.. أليس معيباً في دولة البعث أن يحرك العرعور الكثير من السوريين بالإتجاه الخاطئ.. الحل في دولة الفكر والقانون بدل دولة الأمن.. أصبح الإنسان في بلاد الشرق سلعة تباع وتشرى بكل أسف.. لم يكن للإسلام أن ينجح لولا صفقة تاريحية سياسية بين الرسول وخديجة وورقة بن نوفل.. لكي يستطيع كسب قريش .. وإلاَّ ما معنى بقاء عم الرسول أبو طالب على دين إبراهيم..أكيد أنه يعرف اللعبة..مارأيك ياسيد عبدالله؟؟!!

من غير الممكن بناء دولة ديمقراطية دون إلغاء المادة الثالثة. لعل السيد محمد حبش الذي يتشدق بضرورة بناء دولة مدنية يتذكر أن المطالبة بإلغاء المادة الثالثة هو أول خطوة و أهم بكثير من إلغاء القانون 49

ولغينا المادة الثالثة يعني شو بتتوقعوا ............ اذا نسبة المسلمين"المحمديين"بسورية80% وبمجتمع بتحكموا العصبية وشو ما كانت طريقة الترشيح والانتخاب يعني لح يجي برأيكم رئيس غير مسلم منشان هيك مو فارقة ان الغيت او بقيت

ياجماعةالخيرالمهم انسان أولا سوري تانيا عاقل تالتا شغلو بمنصبو لخدمة وطنو موبوطنو لخدمة نفسو وشوماكان دينو وشوماكان مذهبو المهم ينظر بعين مساواة لشعبو كلو يعني اناكمسلم_وأنامثال ومو هداك الحدا لينضرب مثل فيي بس عسبيل الشرح_ انا مسلم اذابدي فكرواختار شو بختار؟أخ مسيحي او كردي أو شوماكان عاقل صادق يخدم سوريا؟ أو حدا مسلم بس بالإسم وما بيعرف عن الأسلام غير اسمو وبدو يخرب بلدنا؟أكيد اذابراسي ذرة عقل بختار الوطني شوماكان

ان الحديث عن ان دين الدولة ورئيس الدولة هو الاسلام ومن طائفة محددة ليس من فراغ، لكن من الاحصاءات، على مر التاريخ لم يكن دين الدولة ورئيسها إلا من الطائفة التي تشكل الاكثرية، وحتى في الولايات المتحدة لايمكن ولم يحدث ولن يحدث ان يكون رئيس الولايات المتحدة أو اي من الدول الاوربية ينتمي للاسلام أو حتى ينتمي لطائفة دينية ليست ذات اكثرية، رغم ادعائهم ان نظامهم علماني غير مرتبط بالدين، القليل من المنطق يقول ، انه لوكانت غالبية سكان سورية من الدين المسيحي فلهم الحق باختيار مرشحهم من دينهم، انا لا اقول ان دين رئيس الدولة سيفرض على جميع قاطنيها، ولكن من غير المنطقي ان يكون رئيس الدولة منتمي لدين أو طائفةتشكل أقلية في البلاد، حتى لو جمعنا جميع الاديان والطوائف في سوريا ووحدناهم جميعا تبقى الاكثرية لطائفة واحدة، نعم الاقليات الدينية لها حقوق وواجبات وهم اخوتنا واصدقائنا وزملائنا وشركائنا في الوطن، ولكن إن اردنا ان نكون عمليين، انظرو لتجربة اول من ادعى العلمانية التي تنادون بها، اوربا واميركا شكليا يدعون العلمانية عمليا هم مسيحيون كاثوليك، ورئسائهم دوما ينتمون لهذه الطائفة الدينية،ويحاربون الدين الاسلامي، حتى لو حسبناها ديمقراطيا، معظم الناس تنتخب من يمثلهم ويمثل معتقداتهم فإن كانت غالبية الشعب كاثوليك يكون الرئيس كاثوليكي، وإن كانو من اي من الطوائف الاسلامية ايضا رئيسهم سيمثلهم، خصوصا ان الدين الاسلامي ليس دين روحاني ويتعلق بالعبادة والحياة الاخرى، إنه دين تشريعي وسياسي وفيه الكثير من الاحكام الدينية المتعلقة بالمعاملات المدنية والمالية، وحتى السياسية. إن الحديث عن المادة الثالثة اليوم يثير المزيد من الفرقة والخلافات التي نحن مازلنا بغنى عنها، انا مع إضافة مادة للدستور تكفل وتضمن حقوق الاقليات الدينية واحترام اعيادهم وعباداتهم بحماية الدولة ودون ان تسبب بلبلة في المجتمع، إن مايجمعنا نحن السوريين أكثر بكثير مما نختلف عليه، آلامنا واحدة وعدونا واحد، ومطالبنا بالحرية والعدالة ومحاربة الفساد، ووضع خطط ممنهجة لتطوير بلدنا بلدنا واحدة، لنا تاريخ مشترك، ترعرعنا سوية، نعايد بعضنا ونحترم بعضنا هذا ما اؤمن به، سوريا للجميع، ورئيس الدولة وحتى مؤسسة الرئاسة ليسو كل شيء، مهمون جدا، مسؤولياتهم كبيرة جدا، ولكن ليسو هم الوطن، الوطن كبير جدا ويسعنا جميعا. سوريا الله حاميها.

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...