الشاشـة المصريّـة تتصالـح مـع المحجبـات
نظرة سريعة إلى الجامعات المصرية وفي قلبها كلية الإعلام، تكشف عن كثافة انتشار الحجاب في صفوف الطالبات، كانعكاس طبيعي لانتشاره في الشارع... لكن التلفزيون المصري الرسمي، احتاج إلى ثورة شعبية تسقط النظام، للاعتراف بهذه الحقيقة، أو بالأحرى «يستسلم» لها.
ليست نرمين خليل أول مذيعة تظهر بالحجاب على التلفزيون الرسمي، بل سبقتها قبل أشهر قليلة مذيعات أخريات. لكن نرمين تبقى أشهرهنّ، بعدما مُنعت عن الظهور على شاشة «النيل للأخبار» قبل خمس سنوات لارتدائها الحجاب. الآن، عادت نرمين إلى شاشة القناة التي لحق باسمها تغيير طفيف فأصبح «النيل ـ قناة مصر الإخبارية». وظهرت المذيعة على الشاشة مجدداً ـ بالحجاب هذه المرة ـ بعد أيام من قسم الرئيس الإسلامي محمد مرسي لليمين الدستورية.
يتميز ظهور نرمين بأفضلية أخرى، لكونه أول ظهور «محجّب» على شاشة فضائية مصرية. فقد أطلّت مذيعات محجبات منهن نيفين الجندي ومنى الوكيل على شاشات رسمية أرضية قبل أشهر. وظهور نرمين على الشاشة الفضائية، ليس إلا أوّل السيل. فقد بلغ عدد المذيعات الموقوفات عن عملهن بسبب الحجاب حوالي العشرين منذ عام 2002، منهن زميلات في «النيل الإخبارية»، و«النيل الإنجليزية»، بالإَضافة إلى خمس مذيعات ارتدين الحجاب دفعة واحدة قبل عشر سنوات في القناة الخامسة المخصصة لمدينة الإسكندرية. وتم حرمانهنّ جميعاً من الظهور على الشاشات، على الرغم من صدور أحكام قضائية عديدة لمصلحتهن.
بعيداً عن الصراع القضائي طوال السنوات العشر الماضية، كانت المذيعات المحجّبات يظهرن بصورة طبيعية على الشاشات الخاصة، بدءاً من المراسلات الإخباريات، وصولاً إلى مذيعات البرامج. لكنّ المذيعات غير المحجبات لا زلن يحظين بشهرة أوسع، إن استثنينا البرامج الدينية بطبيعة الحال، ثم البرامج ذات الصبغة «الاجتماعية»، كالتي تهتم بصحة المرأة والطفل، إضافةً إلى قوس أوسع من برامج تفسير الرؤى والأحلام التي تتخفى خلف ـ أو تحت ـ عناوين دينية.
وكغيرها من قضايا «الاستقطاب» الإسلامي العلماني في مصر بعد الثورة، تتمحور قضية المذيعات المحجبات حول سؤال الهوية، وليس حول الأسئلة المهنية أو حتى تلبية حاجات المستفيدين. وتبدو هذه القضيّة تمهيداً لصدام تحاول أطرافه كسب أوسع مساحة من الأرض قبل المعركة النهائية. المقموعات والمقموعون من الإسلاميين يستردون «حقوقهم» التي أهدرها عهد مبارك. وستبرهن الأيام القادمة إن كانت مصر أعادت الحقوق إلى أهلها، أم استبدلت قامعاً بآخر.
علي المحروس
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد