الصحافة المصريّة على طريق «الأخونة»

09-08-2012

الصحافة المصريّة على طريق «الأخونة»

يسير الإخوان المسلمون على خطى النظام السابق، بعدما وصلوا إلى سدّة الحكم بفضل ثورة شعبية كانوا آخر من انضم لها، وأول من تركها لتقسيم الغنائم. ومن بين تلك الغنائم التي يحاول الإخوان تقسيمها: الصحافة المصرية. كان ذلك واضحاً بالأمس، بعد متابعة أسماء رؤساء التحرير الذين اختارهم مجلس الشورى المصري (ذو الأغلبية الإخوانية) للصحافة القوميّة. إذ جاء الاختيار لأسباب بعيدة كل البعد عن المهنية، بل كان لأسباب لها علاقة بقرب هذه الأسماء من جماعة الإخوان بشكل أو بآخر. وهذا ليس تجريحاً بزملاء صحافيين، بل حقيقة تؤكدها على سبيل المثال لا الحصر تجاربهم الصحافية. فلم يعرف عن أي اسم من الأسماء المختارة تقديم أيّ مساهمة تذكر للصحافة المصرية، أو خوضهم أي تجارب صحافية ناجحة. الكارثة أنّ بعضهم ارتكب أخطاء صحافية «شنيعة»، مثل جمال«لا مخرج» رسم لآندي سينجر ( عن الانترنت) عبد الرحيم الذي تم اختياره لرئاسة تحرير صحيفة «الجمهورية». وقد تسببت تصريحات هذا الأخير بتأجيج فتنة طائفية شهيرة في مصر، حين كتب قائلاً «»يجب القبض على البهائيين ومحاكمتهم بتهمة تكوين جماعات سرية وازدراء الأديان ثمّ تطبيق حدّ الردة عليهم». وعلى إثر هذا المقال، تمّت مهاجمة بيوت للبهائيين في قرية الشورانيّة في محافظة سوهاج.
عبد الناصر سلامة الذي تمّ اختياره لرئاسة تحرير «الأهرام»، قام بدوره بخطأ صحافي، وتسبب بفتنة طائفية، حين كتب مقالاً وصفته منظمات المجتمع المدني المصري بالتحريضي، تحت عنوان «أقباط 2010». وفيه اتهم الأقباط والكنيسة بتخزين الأسلحة، مدعياً أنّ البابا شنودة يقوم بتحضير مؤامرات ضد مصر! وقد قامت صحيفة «الأهرام» بنشر اعتذار عن ذلك المقال. وكتب سلامة خلال الثورة المصريّة مقالات عديدة، تهاجم الثورة، منها مقاله «روايات الغضب» (7 شباط 2011)، الذي اتهم فيه الثوار بأنهم تلقوا تدريبات في الخارج لقلب نظام الحكم. أما الصحافي سليمان قناوي الذي قرر الإخوان تعيينه رئيساً لتحرير صحيفة «أخبار اليوم» فهو بشهادة كل زملائه إخواني الفكر والتوجه. ويكتب دوماً دفاعاً عن أفكار الإخوان المسلمين وأعلن كثيراً عن إعجابه بسيد قطب، إضافةً إلى أنّه كاتب دائم في صحيفة «الحرية والعدالة»، وهي صحيفة جماعة «الإخوان المسلمين»، التي لا يكتب على صفحاتها معارض لأفكار الجماعة.
هذه نماذج من اختيارات الإخوان التي تسير بالصحافة المصرية في طريق «الأخونة». لكنّ الأمر لن يمرّ بشكل يرضي الإخوان.. إذ قدّم الصحافي المصري جمال فهمي وكيل نقابة الصحافيين مستندات تثبت أنّ بعض الأسماء المختارة أميّة، وليس لها علاقة بالعمل الصحافي، وبعضهم منتجو إعلانات. وأكّد فهمي أنّ اختيارهم جاء على أساس انتمائهم لجماعة «الإخوان المسلمين»، أو قربهم منها، أو لانهم مستعدون للخدمة لديها».
بدأت الجماعة الصحافية في مصر الانتفاض ضد قرارات الإخوان، وتم تنظيم أكثر من وقفة احتجاجية ضد تدخل الجماعة في اختيار رؤساء تحرير الصحف القومية. ويبقى السؤال المهم: متى تتحرّر الصحافة المصرية لتعبّر بحقّ عن هموم الشارع والمواطن وليست مجرد إدارة استخدمها سابقاً نظام مبارك وتستخدمها الآن.. جماعة «الإخوان»؟

مصطفى فتحي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...