«الجزيرة مباشر مصر» صديق «الإخوان» الوفي
منحت الهيئة العامة للاستثمار في مصر، قناة «الجزيرة مباشر مصر» ترخيصاً باعتبارها «شركة مساهمة مصرية». وأثارت هذه الخطوة تحفّظ عدد من القانونيين، لأنّها تشكّل مخالفة صريحة للقانون المصري، الذي يمنح حقّ منح تراخيص القنوات لاتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري. وتفجّرت القضيّة، إثر رفع المحامي ياسر عبد الحليم دعوى أمام القضاء الإداري، «لإلغاء ترخيص القناة بسبب مخالفته للقانون، وانتهاكه للسيادة الوطنية المصرية». ويقول عبد الحليم إنّ «المسؤولين في هيئة الاستثمار كانوا قد رفضوا قبل أسابيع قليلة منح «الجزيرة مباشر مصر» الرخصة، لأنّ رئيس مجلس إدارة الشركة عربي وليس مصرياً، لكنّهم رضخوا، بعد تدخّلات من قيادات إخوانيّة، وتوصيات من وزير الإعلام الإخواني صلاح عبد المقصود».
تحظى قناة «الجزيرة مباشر مصر» بعناية «الإخوان» الخاصة، بعكس معظم الفضائيات الأخرى، المتهمة بـ«التحريض» على الجماعة. على سبيل المثال، تطلّ شخصيّات من التيار الإسلامي على شاشة القناة من دون شروط مسبقة، في حين أنّها تشترط أجراً، مقابل الظهور على شاشات أخرى. وينسحب ذلك التمييز على التغطيات الميدانيّة، وأحدث الأمثلة على ذلك، ما حصل قبل أسبوعين، خلال «مليونيّة تطهير القضاء»، حين قام مناصرو التيار الإسلامي بضرب فريق قناة «أون تي في» وزملائه في «سي بي سي»، ومنعوهم من تغطية المليونيّة، في حين رحبوا بفريق «الجزيرة مباشر مصر».
وكان وزير الإعلام الأسبق أسامة هيكل حذّر قبل أشهر، من احتمال إصدار «الإخوان» قوانين خاصة لترتيب أوضاع «الجزيرة مباشر مصر». وكان هيكل قد أصدر قراراً بإقفال مكتب القناة في حيّ العجوزة (الجيزة/ جنوب القاهرة)، في أيلول من العام 2011، ومصادرة جهاز البثّ. ويقول هيكل: «اكتشفت بعد شهرين من وجودي في وزارة الإعلام المصرية أن قناة «الجزيرة مباشر مصر» تعمل من دون ترخيص، وتعجبت من ذلك، فكيف لقناة محترمة أن تستغل الثورة المصرية لتفرض نفسها من دون أي شكل قانوني؟ وعندما حاولت معالجة الأمر، هاجمني نواب «الإخوان المسلمين» في مجلس الشعب، واتهموني بالاعتداء على حريّة الرأي والتعبير». يضيف: «لم يكن قرار الإقفال يومها مرتبطاً بمحتوى القناة، بل محض قانونياً. لكنّه أزعج «الإخوان»، لأنّ القناة ساهمت بتوجيه الناخب المصري لمصلحتهم في الانتخابات الرئاسيّة».
ويرى المحامي والحقوقي أحمد أبو المجد، أنّ التضييق على حريّة الإعلام مرفوض، لكنّ «انتهاك القانون أو التلاعب به لمصلحة جهة معيّنة أمر مرفوض أيضاً». ويسأل أبو المجد: «إن كانت إجراءات تحويل «الجزيرة مباشر مصر» إلى شركة مساهمة مصرية سليمة من الناحية القانونيّة، لماذا لم يتمّ طرح أسهمها في السوق المالي، ليصير من حقّ المصريين شراء الأسهم فيها؟ وإن منحت «الجزيرة» هذا الترتيب، فهل سيتم إعطاء جهات أجنبيّة أخرى حقّ إنشاء قنوات داخل مصر بالأسلوب نفسه، ووفقاً لأيّ قانون؟».
في اتصال تحفّظ المدير التنفيذي لقناة «الجزيرة مباشر مصر»، أحمد عبد الرؤوف، عن الإجابة حول وضع القناة حالياً، قائلاً إنّه غير مخوّل الردّ، وإنّ من يملك الإجابة هو مكتب «الجزيرة» في الدوحة. ولكن لماذا العودة إلى مكتب قطر، إن كانت القناة «شركة مساهمة مصريّة»؟ سؤال لم يمتلك عبد الرؤوف إجابة عنه أيضاً.
كانت «الجزيرة مباشر مصر» القناة الوحيدة التي قام «الإخوان» ــ بشكل غير مباشر ــ بتكريمها بعد الثورة المصرية، حين قرَّر «مجلس أمناء الثورة» (يتألَّف بمعظمه من شخصيات إخوانيّة) بإهداء القناة درع التميّز، بسبب ما أسماه الأمين العام للمجلس، الداعية صفوت حجازي بـ«الدور المهم للقناة في الثورة المصرية». لكن هل كان للثورة المصريّة، أم لـ«الإخوان» على وجه الخصوص؟ سؤال يطرحه كثيرون، خصوصاً في صفوف الثوّار المعارضين اليوم لمشروع «النهضة».
مصطفى فتحي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد