«ستراتفور» وخيار ضرب سوريا:«كروز» وقاذفات «B2»... وقاعدة العيديد
مع تزايد مؤشرات التدخل العسكري الغربي في سوريا بقيادة الولايات المتحدة، وبعد تصاعد حدة المواقف الذي شهدته الأيام الأخيرة نتيجة الهجوم الكيميائي المزعوم الذي وقع في ريف دمشق، بدأت سيناريوهات التدخل العسكري بالبروز إلى الواجهة، خاصة مع وجود فرز دولي حاد حول إمكانية التدخل أو عدمه، ما قد يؤثر على شكل هذا التدخل في حال حصوله وهو يصوّب حتى الآن على استهداف الترسانة الكيميائية السورية التي أرست بشكل أو بآخر، توازن رعب في الصراع العربي - الإسرائيلي.
وفي هذا السياق، نشر مركز «ستراتفور» الأميركي للبحوث تقريراً حول فرضية شكل التدخل العسكري. وتعتمد الفرضية على أن الولايات المتحدة وحلفاءها يقومون بتحضير قواتهم العسكرية من أجل توجيه ضربة لسوريا، لذلك فإن طبيعة تموضع هذه القوات يجب أن يتلاءم مع شكل هذه الضربة والهدف العسكري منها.
كما أن نطاق هذه الضربات، وفقاً للتقرير، سيكون موضع نقاش، سواء أكانت إجراءً عقابيا يستهدف منظومة القيادة العسكرية السورية أو غرف العمليات والتحكم، وهي ضربات تؤثر في قدرات النظام، ما يؤدي إلى انقلاب ميزان القوى لمصلحة مسلحي المعارضة، أو أن تكون ضربة عسكرية تستهدف الترسانة الكيميائية السورية.
ويضيف التقرير أنه كلما كان الهدف المقرر أكثر أهمية، كلما تطلبت العملية استخدام إمكانات عسكرية أكبر. فبالإضافة إلى أن تورط الولايات المتحدة أكثر وأكثر في هذا الصراع سيدفعها إلى احتساب تأثيراته بشكل أكبر، إذ ان هناك العديد من القيود التي تتحكم بطبيعة تدخل واشنطن مرة أخرى في الشرق الأوسط، لذلك فقد يرجح أن تعمل الولايات المتحدة وحلفاؤها على القيام بعملية محدودة النطاق، لتكون أكثر الاحتمالات الواردة هي القيام بسلسلة ضربات صاروخية وضربات جوية، أو محاولة للحد من قدرة الرئيس السوري بشار الأسد على استخدام الأسلحة الكيميائية.
ويرى التقرير، أنه في حال توجيه ضربة عقابية، أو عملية محدودة للحد من قدرة الأسد على استعمال الأسلحة الكيميائية، فسيتم ذلك عبر استهداف مراكز القيادة ومنشآت التحكم، والقواعد الجوية الأساسية ومواقع المدفعية المعروفة. وتملك الولايات المتحدة أساسا العدد الكافي من القوات المتمركزة للقيام بالعملية في الوقت الحالي (أربع مدمرات من طراز «أرلي بورك»، وغواصة نووية قادرة على ضرب صواريخ «كروز»)، وجميعها مجهزة بصواريخ «كروز - توماهوك» تعمل على المدى المطلوب لإصابة الأهداف السورية. بالإضافة إلى أن الولايات المتحدة قادرة على استدعاء القاذفات الاستراتيجية الموجودة في قواعدها القريبة، خاصة قاذفات «B1» التي ترابط في «قاعدة العيديد» في قطر.
وفي هذا النوع من العمليات تستطيع الولايات المتحدة أيضا الاعتماد على قاذفات من نوع «B2» (الشبح) التي لا تطالها الدفاعات الجوية السورية وهي قادرة على التسلل إلى العمق السوري متفادية أنظمة الدفاع الجوي لتلقي قنابل خارقة للتحصينات بأقل نسبة خطورة ممكنة، وفقا للتقرير.
وبما أن القوة العسكرية التي من المفترض أن تنفذ هذه العمليات متوافرة أساسا في المنطقة، فإن الولايات المتحدة ستأخذ وقتها لحشد الدعم الدولي المناسب للعملية ودراسة الخطط الدفاعية المناسبة مع الحلفاء إذا أقدمت سوريا على الرد.
وعلى اعتبار أن الجيش السوري يملك أكثر من طريقة لاستخدام السلاح الكيميائي، من سلاح الجو حتى المدفعية، فإن العملية العسكرية التي تستهدف الحد من قدرة الجيش على استخدام السلاح الكيميائي ستكون بالضرورة ذات نطاق وحجم أوسع.
ونتيجة لذلك، فإن هذا النوع من العمليات سيكون مكلفا وسيتطلب قدرا كبيرا من الموارد، إذ انه ينطوي على ضرب عدد من المنشآت المحصنة بشكل كبير، وربما مراراً وتكراراً، ما يستلزم استخدام أكثر من طلعة جوية للطائرات الهجومية.
يعني ذلك، أن الضربات الجوية التكتيكية ستلعب الدور الرئيسي في هذه العملية، وهذا بدوره يستلزم نشر طائرات دعم كبيرة، مثل طائرات التزود بالوقود جواً وطائرات التجسس والمراقبة وطيران الاستطلاع، نظرا للتهديد الذي قد يلحق الطائرات الهجومية من قبل الدفاعات الجوية السورية. كما علينا الأخذ بالاعتبار، أن عددا أكبر من المدمرات التي تحمل صواريخ «كروز» يجب أن يتم استخدامه في هذه الحالة للتخفيف من احتمالات الضغط الذي قد تشكله عمليات الدفاع الجوي، كما قد تتطلب العملية استخدام حاملات الطائرات لتعزيز إمكانات الطلعات الجوية التكتيكية للطائرات التي ستشارك في العملية.
عمليا، فإن زيادة حجم المقدرات المستخدمة من قبل الولايات المتحدة وحلفائها يزيد من حجم إمكانية إلحاق عدد أكبر من الأضرار في صفوف الجيش السوري. لكن ذلك سيزيد أيضا من حجم التكاليف. كما أن عملية من هذا النوع وعلى هذا النطاق، تتطلب إشراك فرق بحث قتالية ومروحيات إنقاذ وقوات خاصة، نظرا للمخاطر العالية من إمكانية إسقاط الطائرات فوق الأراضي السورية.
سيكون من السهل توقع عملية بهذا الحجم التي تبينها حركة المعدات والأسلحة اللازمة لها. لكن الولايات المتحدة لم تبدأ حتى الآن بنشر قوات لهذا المستوى من التدخل، ولكن القوة القتالية التي قد تضطر لاستخدامها ليست بعيدة كثيرا. فاثنتان من حاملات الطائرات الأميركية وما يرافقها من سفن موجودة في منطقة عمليات الأسطول الخامس الاميركي الذي يبعد أياما فقط، كما يمكن لسلاح الجو الاميركي إدخال أسراب مقاتلات إلى مسرح العمليات إذا لزم الأمر، خصوصا من القواعد الجوية في تركيا، واليونان والأردن وقبرص.
(عن معهد «ستراتفور» بتصرف)
إضافة تعليق جديد