أثينا

كثيرون وصفوا ما شهدته بروكسل بأنه «بازار» تركي، لا خيارات كثيرة للأوروبيين فيه. قضية «أزمة اللاجئين» هي بضاعة أنقرة، معروف حجم الطلب عليها وتفاصيلها، لكن الصفقة التي عرضتها كانت مفاجئة للجميع، شكلاً ومضموناً وتوقيتاً. قالت لهم: تريدون تقليل تدفقات اللاجئين، حسناً، نحن يمكننا أن نغلق لكم طريق البلقان مرة واحدة. اللاجئون السوريون داخل دوامة الاتفاق.

ليست أقل من لائحة مستلزمات التجهيز لحربٍ على اللاجئين، تلك التي وصلت قبل أيام إلى بريد وزارة داخلية تسع دول أوروبية على طريق البلقان. آلاف اللاجئين مشردون، ينامون في صقيع عراء الصدّ الحدودي، المنظمات الدولية تناشد إرسال معونات لإيوائهم، فيما مقدونيا ترسل قائمة مستلزمات المواجهة معهم لشركائها.

عرضت المفوضية الأوروبية أمس تقديم تمويل جديد بقيمة 700 مليون يورو، على مدى 3 سنوات، لمساعدة دول الاتحاد الأوروبي التي تواجه تدفق اللاجئين والمهاجرين، وفي مقدمها اليونان.

عجز الأوروبيين انتهى بهم لحشر اليونان في الزاوية، بتركها رهينةَ قدرها الجغرافي. عليها مواجهة تدفق اللجوء وحيدة، التجهّز لانحباسه على أراضيها بعد إغلاق الآخرين لحدودهم. الأوروبيون يحضرون خطة طوارئ احتراساً من طوفان اللجوء هناك، مع عروض لمساعدات مالية سخية لدولة ستتحول «مستودع أرواح»، كما قال رئيس وزرائها ألكسيس تسيبراس. الخلافات انفجرت، مع إحساس أثينا بالخديعة.

أنقذت السلطات اليونانية قبل شهر تقريباً عدداً من الأشخاص الذين غرق قاربهم قبالة جزيرة كوس. وفيما أطلقت سراح غالبيتهم احتفظت بشخص واحد، تبين أنه المخترع السوري نعمان جبور، متهمة إياه بالعمل في تهريب البشر.

عشية اجتماع وزراء دفاع حلف شمال الأطلسي، كان سفير واشنطن لديه يتحدث بامتعاض عن مطلب مشاركة الحلف في مواجهة «أزمة اللاجئين». قال إنه يتوقع أن تعالج مسألة كهذه على بعد بضعة كيلومترات، في مقرّ الاتحاد الأوروبي.

أمهل مجلس الاتحاد الأوروبي اليونان ثلاثة أشهر لتعالج «الخلل الجدي» في إدارتها لتدفق اللاجئين على حدودها البحرية مع تركيا، وأعلن يوم أمس، أن المفوضية الأوروبية قد تقترح بعد ذلك، إن لم تتخذ اليونان الإجراءات المطلوبة، إعادة فرض رقابة على الحدود الداخلية لفضاء «شنغن».

لقاء القمة الثلاثي، الإسرائيلي والقبرصي واليوناني، يأتي ليكرّس قيام محور جديد في المنطقة. قاطرته اقتصادية تجرّ خلفها السياسة، وجوهره تحقيق مصالح انتاج وتسويق الغاز القابع في الحوض الشرقي للمتوسط. هناك، لم يحتج رئيس حكومة الاحتلال الاسرائيلي تطمينات حول صلابة «الشراكة» الناشئة.

في تصريح يُتوقَّع أن يعرقل تطبيع العلاقات بين البلدين، أشار وزير الدفاع الإسرائيلي، موشي يعلون، إلى دعم تركيا لتنظيم «داعش» بالمال مقابل حصولها على النفط.
وقال يعلون، عقب اجتماع مع نظيره اليوناني بانوس كامينوس، في أثينا: «يرجع إلى تركيا، الحكومة التركية، القيادة التركية، مسألة اتّخاذ قرار بالانضمام إلى أيّ تعاون لمحاربة الإرهاب. الأمر ليس كذلك حتى الآن».