«أعمال الرحمة».. مصالحة مع ألمانيا
تتابع في العاصمة الفرنسية صدور نتائج الجوائز الأدبية التي تمنح مطلع خريف كل عام، حيث أعلنت منذ يومين نتيجة جائزة «ديسمبر»، وينتهي الموسم اليوم، الأربعـاء، بإعـلان آخر الجـوائز وهي جائزة «أنترالييه». وقد ذهبت «ديسمبر» إلى الروائي ماتيو ريبوليه عن روايته «أعمال الرحمة» الـصادرة عن «منشورات فيردييه»، ليحصل على 30 ألف يورو، أمام كريستين أنغو وروايتها «أسبوع عطلة» (الصادرة عن فلاماريون). وهي كانت فازت عنها قبل فترة بجائزة «ساد»، وقد صنفت قصتها في خانة «X» أي الفئة التي تنتمي إلى الكتابة الإباحية، حيث تستعيد فيها قصة علاقة محرمة بين فتاة وأبيها.
في العودة إلى تاريخ جائزة «ديسمبر»، فهي تأسست العام 1989 باسم جائزة «نوفمبر» وعرفت من دورتها الأولى حضورا بارزا في الساحة الأدبية، بسبب لجنة تحكيمها المؤلفة من العديد من الكتّاب البارزين وعلى رأسهم ماريو فارغاس يوسا وموريس نادو وأنجلو رينالدي وبرنار فرانك وفلورانس مالرو، قبل أن تتغير اللجنة التي ترأسها فيما بعد الروائي شارل دانتزيغ. وكانت تمنح في شهر تشرين الأول من كل عام وفق اسمها القديم، إلا أن بيير برجيه استلمها العام 1999، ليصبح ممولها الأول، مقدما الثلاثين ألف يورو، ليغير اسمها مع الاحتفاظ بتاريخ إعلانها في هذا الشهر. وقد كافأت منذ نشوئها أسماء بارزة في الرواية الفرنسية لتكتسب «صيتا» حسنا، بخلاف العديد من الجوائز الأخرى.
جائزة هذا العام، ووفق «الشائعات» والتكهنات التي كانت تحيط بالمناخ العام، كانت تميل أكثر إلى كريستين أنغو، إلا أن النتيجة جاءت بخلاف التوقعات لتذهب إلى ماتيو ريبوليه، وبحسب أحد صحافيي التلفزيون الفرنسي على موقعه الخاص في «تويتر»، فإن اللجنة كافأت هذه الرواية التي «تعد رواية مصالحة مع ألمانيا»، وهو يستعيد فيها ذكرى أزمات القرن العشرين، ليتساءل عما بقي من تلك الأزمات التي وقعت بين فرنسا وألمانيا في خلال القرن المنصرم. «أعمال الرأفة» هي الرواية الثانية لريبوليه البالغ 42 عاما، وكان يعمل مخرجا سينمائيا أنتج هو نفسه العديد من أعماله، قبل أن يتفرغ للكتابة.
وجد كتاب ريبوليه حين صدوره الصدى الواسع عند النقاد والصحافيين، فعلى سبيل المثال كتب عنه دانتزيغ في «الماغازين ليتيرير» أنه «واحد من أفضل الروايات التي صدرت في بداية هذا الموسم» ويضيف: «لا شيء أكثر نزاهة من هذا الكتاب الذي يروي لحظة من حياة الراوي الباحث عن محو الهم. هذا الهمّ اسمه ألمانيا. وألمانيا هذه، كما يقول، اجتاحت فرنسا ثلاث مرات، لتقتل عائلتي أو بلدي، لذلك كيف عليّ أن أفهمها وأن أتصالح معها (...). وعندما لا تعود هناك حروب لتجتاح الحيوات كما البلدان، يتبقى للبشر حميميتهم وسلامهم»...
إسكندر حبش
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد