«أولاد القيمرية» يشعلون المنافسة؟!
يدرك صناع الدراما السورية أن «سوق» دراما البيئة الشامية رابحة بامتياز، وأن الجمهور العربي يتابع بشغف هذه النوعية من الأعمال، لذلك اتجهت عدة شركات إنتاج هذا العام لتقديم أعمال تتناول البيئة الشامية. ومن هذه الأعمال «أولاد القيمرية» سيناريو وحوار حافظ قرقوط وعباس النوري وإخراج سيف الدين سبيعي، ويتكئ العمل على نجوم الدراما الشامية المخضرمين منهم والشباب، ليدخل في منافسة مع ثلاثة أعمال شامية أخرى في رمضان.
البداية كانت مع الفنان الكبير رفيق سبيعي الذي قال: أعتقد أن مسلسل أولاد القيمرية يختلف عن بقية المسلسلات كعرض للحياة الاجتماعية الدمشقية التي تعود المشاهد على رؤيتها، فهو لا يعتمد على تقديم الفلكلور الدمشقي أو البيئة الدمشقية بقدر اعتماده على علاقات المجتمع ببعضها، إضافة إلى أن العمل يعكس حالة التجارة في زمن الاستعمار العثماني، والمعروف منذ القدم أن دمشق بلد تجارة وتجارها معروفون بسمعتهم، ويختلف هذا العمل عن غيره من المسلسلات الشامية السابقة في أنه لا يركز على الحارة فقط وعلاقة الناس ببعضهم والمثل العليا في المجتمع فقط، فالعمل يصور حياة دمشق كتجارة وعلاقات إنسانية بين العائلات والناس الذين يتعاملون مع بعضهم، وأعتقد أن هذا المنحى الجديد سيعطي زخماً لهذا العمل. وأضاف سبيعي: المسلسل باختصار يجسد علاقة ابن البلد بالسلطة العثمانية، فهذه هي المرة الأولى التي يطرح فيها موضوع الموظف في الدولة، وكيف كان يتصرف ويقف في وجه الخطأ ليعطي صورة لامعة ونظيفة ومشرفة عن ابن البلد الحقيقي.
ولدى سؤالنا عن التكرار في معظم الأعمال الشامية قال سبيعي: عندما تتدخل التجارة في أي شأن كان، سنشاهد البضاعة الرائجة، وقد كثر مقلدوها، وشركات الإنتاج اليوم هي التي تفرض وجود هذا النوع من المسلسلات بعد أن لاقت إقبالاً من الجمهور، علماً أن الإبداع لا يقف عند هذا الحد الذي يصبح تقليداً فيما بعد، لأن الإبداع هو ابتكار شيء جديد والدليل أن مسلسل «أيام شامية» عندما عرض لفت الانتباه كثيراً وسارت قافلة من الأعمال بعده. وأضاف سبيعي: أنا سعيد جداً لأن الدراما السورية استطاعت بناء مكانة لنفسها، حتى صار هناك إصرار على دبلجة الكثير من الأعمال الأجنبية باللهجة السورية الدارجة، وهو ما كنا نفتقده قبل عشرين عاماً، وأذكر أن الفنان فريد شوقي جاء للعمل في سورية بعد تأميم الانتاج السينمائي، وفي جلسة حضرها عبد الحي أديب قلت إننا نحاول تقديم سينما سورية فقال إن اللهجة ستكون عائقاً، وهذا لم يحصل، وأصبحت اللهجة السورية مطلوبة في جميع الدول العربية بما فيها مصر التي تعد عاصمة الفن العربي، وأنا فرح جداً لأنني شهدت هذا اليوم، وأتمنى أن نركز مستقبلاً على إنتاج أعمال سينمائية سورية جيدة ومهمة ونحن قادرون على ذلك مادمنا قد نجحنا في الدراما التلفزيونية.
وعن عمله تحت قيادة ابنه المخرج سيف الدين سبيعي قال: شهادتي في سيف مجروحة وعليك أن تسأل الآخرين، لكني أقول إن الكثيرين اعتبروا مسلسل «الحصرم الشامي» الذي أخرجه في العام الماضي من أهم ما قدم في أعمال البيئة الشامية، وأنا أفتخر بسيف الذي يستطيع أن يحمل اسمي ويكمل مسيرتي.
من جانبه قال الفنان عباس النوري أحد كتاب العمل ونجومه: لا أريد أن أطرح نفسي ككاتب فأنا مجرد محاول، وحتى كفنان أنا أجرب وأقدم وجهة نظر قابلة للحوار والنقاش، فأنا أقترح، والتجارب الفنية هي في النهاية اقتراحات، وهذا العمل هو رؤية تاريخية حقيقية لأحد أهم أحياء دمشق القديمة، وهو حي القيمرية، الحي الذي ولدت فيه، والمسلسل يمثل نسيجاً اجتماعياً حقيقياً، وسمي «أولاد القيمرية» لأنه ينتمي إلى مكان وزمان، وسنشاهد فيه شخصيات حقيقية تشبه الكثير من الشخصيات التي ربما مازالت موجودة بشكل من الأشكال، وأضاف النوري: أولاد القيمرية يتحدث عن قضايا لا تزال ملحة في وقتنا الراهن ويعاني منها مجتمعنا بشكل كبير، ولأول مرة يقدم العمل الشامي صورة عن كيفية إدارة البلاد على المستوى السياسي، والحس القومي لأبناء الشام في الزمن العثماني، وسواء حققنا النجاح أم لم نحققه، فإنه يكفينا الصدق والالتصاق بالواقع والتعبير عنه دون أي زيف.
وأكد الفنان عباس النوري أن: كل عمل يقدم وجهة نظر ونحن كفنانين قدمنا مجموعة أعمال نتحمل مسؤوليتها بشكل فني، لكننا لا نتحمل المسؤولية على المستوى الفكري، لأن الأمر يخص من يتبناها وهذا ليس استياء وانسحاباً من المسؤولية.
ويجب ألا نغفل أن هناك رموزاً سورية هي صاحبة الفضل في وصول الدراما السورية إلى الجمهور العربي وتحديداً مسلسلات البيئة الشامية ومنهم رفيق سبيعي ودريد لحام ونهاد قلعي الذين قدموا شخصيات مازالت في ذاكرة المشاهد العربي ولهم الفضل فيما آلت إليه الدراما السورية اليوم.
وعن العمل الذي كان أحد كتابه قال: الشخصية الرئيسة في العمل هي «أبو كامل» «رفيق السبيعي» وهو الأخ الكبير ويعتبر بمنزلة أب لأخوته، وهو دافئ جداً، لكنه قاس في بيته، وله سلبيات كبيرة جداً، ويخالف الكثير من القضايا شرعياً دون أن ينتبه، لأنه يتبع مصلحته كتاجر.
وعن كثرة الأعمال الشامية قال: بيئة الشام هي بيئة محببة ومؤثرة جداً وقادرة على تصدير قيمها ودفء علاقاتها وامتصاص كل ما حولها، وهذه ميزة الشام الدائمة، فللشام ثقافة عريقة ومتنوعة، والبيئة الشامية بفعل تأثيرها وحضورها الدائم حضارياً وتاريخياً أصبحت في الذاكرة العربية بطريقة غير مباشرة، وقد صدّرت رموزاً كبيرة ومهمة عبر تاريخها الفني، والآن تكرس هذا الحضور عبر هذه الأعمال، لأنها أصبحت بيئة إغراء درامي كبير وأخشى أن تتحول إلى حالة من الاستثمار التجاري.
وقال المخرج الشاب تامر إسحاق الذي يشارك في العمل، من باب التعاون الفني، مع مخرجه سيف سبيعي: العمل يتميز بأنه يعتمد على حقائق عاشتها دمشق وعلاقتها بالسلطة العثمانية وعلاقة «الحكمدارية» والموظفين والمثقفين بدمشق التي كانت بيئة للثقافة والعلم، وهذا التنوع بالإضافة للخط الاجتماعي يقدم نسيجاً حقيقياً لهذه البيئة في وقت من الأوقات، والمشاهد لم يعتد على رؤية هذا النمط وإنما اعتاد حكايات الجدات، وهذا العمل يخرجه من هذا الجو وينقله لعالم أوسع أقرب إلى الحقيقة، وأضاف إسحاق: نحن ندرك أن هناك منافسة موجودة في أعمال شامية أخرى، لكننا نعمل بجهد وتميز بغض النظر عن وجود هذه الأعمال ونتمنى أن يرضي العمل كل مَنْ سيتابعه.
أما الفنان فادي صبيح فقال: ألعب شخصية الشيخ عبد الواحد، وهو أصغر أبناء بيت الفوال، وهو رجل الدين والعقل في العائلة، وقد حاولت تقديم هذه الشخصية بالتنسيق مع الأستاذ سيف الدين سبيعي بطريقة مختلفة عن الطريقة النمطية والكلاسيكية، فرجل الدين في العمل يضحك ويغضب ككل الأشخاص. وأضاف صبيح: لا شك في أن العمل له ما يميزه عن غيره من الأعمال بقصته وأسلوب سرد الحكاية التي تختلف عما سبقها من أعمال، وأعتقد أنه قفزة مهمة في هذا الشكل من الدراما.
أما الفنان الشاب طارق عبد الهادي صباغ فقال: أجسد شخصية كامل، وهو شاب يحب العلم مثل عمه الذي تبوأ منصباً كبيراً، ويأمل أن يكون مثله، لكن والده يمنعه، لأنه يرى أن كل شيء يتم عبر التجارة.. ويحاول كامل بأقصى الطرق التخلص من قدره في التجارة، وأن يصل لهدفه عبر الدراسة، فيطلب تدخل عمه عبد الله ليصل إلى ما يريد، وأضاف صباغ إن العمل متميز ويقدم طرحاً مختلفاً عما سبقه.
مصعب العودة الله
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد