«المئة الأفضل في تاريخ الدراما العربية»: قائمة للنسيان

18-12-2008

«المئة الأفضل في تاريخ الدراما العربية»: قائمة للنسيان

لم تنجُ قائمة أفضل مئة مسلسل في تاريخ الدراما العربية، التي أعلنها »اتحاد المنتجين العرب«، بناء على اختيار الجمهور والنقاد (وفق ما أشاع الاتحاد)، من علة الكرنفالات الثقافية العربية التي تقام تحت شعار »بلاد العرب أوطاني«، وتخرج في نهايتها بقرارات ونتائج مأخوذة بـ»الحرص على وحدة الصف العربي«. فاللائحة بمضمونها لا تختلف عن نتائج أي من المهرجانات العربية، بل وجاءت أكثر حرصاً على أن يخرج الكل راضياً، حين اختارت أن ترتب قائمتها أبجدياً، وهو الترتيب الذي نتبعه جميعاً »حتى ما يزعل حدا«، وقامت بتغييب عدد الأصوات المرشِّحة لكل من المسلسلات المختارة!
بعيداً عن النتيجة وما تثيره من إشكاليات، ثمة العشرات من المآخذ على طريقة إعداد القائمة، تتلخص جميعها في سؤال هام: ما أسس اختيار أفضل مئة مسلسل في تاريخ الدراما العربية، ولماذا التفكير أصلاً باختيار مثل هذه القائمة؟
يدرك المطلع على تاريخ الدراما العربية أن اختيار مثل هذا اللائحة من دون تحديد جغرافيا للمسلسلات المتنافسة أو فترة زمنية لها، يجعل النتائج فوضوية، فكيف للجمهور العربي أن يختار مئة مسلسل في تاريخ الدراما، وهو حتى تسعينيات القرن الماضي، أي قبيل انتشار عصر الفضائيات، لا يعرف أكثر من المسلسلات المحلية التي تعرضها قنواته الأرضية، إلى جانب ما يتاح لها من عرض لمسلسلات مصرية؟ ولعل ذلك السبب الرئيس كي نرى أن معظم المسلسلات السورية والخليجية التي دخلت القائمة هي من إنتاج السنوات العشرين الأخيرة، وما ورد من مسلسلات سورية وخليجية منتجة قبل هذا العام (»مقالب غوار« الذي حلّ في المرتبة ،٦٥ و»حمام الهنا« في المرتبة ٥٤ وغيرها)، هي من المسلسلات التي أعيد عرضها لاحقاً على الفضائيات.
ولعل المطّلع على تاريخ الدراما السورية وإنتاجها من الستينيات يعرف أن ما ورد من مسلسلات في القائمة لا يعبر عن حقيقة الأفضل درامياً في تاريخ الدراما السورية، إذ لا يمكن لأحد أن يسقط مسلسلات مثل »أسعد الوراق« و»حارة القصر« و»صح النوم« من إنتاج السبعينيات في الدراما السورية، وكيف للقائمة أن تتجاهل مسلسل »نهاية رجل شجاع« ومسلسل »هجرة القلوب إلى القلوب« وهما من إنتاج التسعينيات وفيهما حدثت ثورة على صعيد الصناعة الدرامية العربية لا السورية فقط لجهة التصوير خارج الاستديو واستخدام الكاميرا الواحدة، وكيف للقائمة أن تغفل مسلسل »الزير سالم« من إنتاج أواخر التسعينيات وهو المسلسل المؤسس للدراما التاريخية بالشكل السوري الذي اعترف الجميع بريادته.
اذا ما عرفنا أن القنوات المصرية حتى اليوم ما زالت تجد صعوبة في عرض مسلسل غير مصري، وأن المصريين تعرفوا على المسلسلات غير المصرية من خلال الفضائيات العربية فقط، سننتهي إلى نتيجة مؤكدة بأن شريحة كبيرة من المستطلعين لا تعرف حكماً كل إنتاج درامي عربي أنتج وعرض ما قبل انتشار الفضائيات.
ثمة ما يبعث للشك في أن للجمهور دوراً في اختيار مسلسلات القائمة، وإلا ما معنى أن يرد اسم مسلسل »الطريق إلى كابول« في القائمة، ولم تعرض منه سوى حلقات عدة بعدها تم إيقاف المسلسل ودفنه في مستودعات للنسيان؟
في الغالب قائمة اتحاد المنتجين العرب، هي قائمة للنسيان، أما المسلسلات التي تستحق في أن تكون في قائمة المئة الأفضل، فهي مسلسلات خالدة في ذاكرة الجمهور والنقاد، على حد سواء، ولا تحتاج لشهادة اتحاد المنتجين.

ماهر منصور

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...