«سوريا دراما».. فضائية على ورق
كان من الصعب أن نخفي تفاؤلنا بقناة الدراما الفضائية (سوريا ـ دراما) نتيجة المناقشات التي دارت بين إدارة القناة وعدد من المعنيين بالدراما السورية من مخرجين وممثلين ونقاد في لقاء جمعهم دعت إليه إدارة التلفزيون.
ولا سيما أن القائمين على القناة أكدوا أن إدارة التلفزيون تبنت من المناقشات تلك التي «دعت إلى أن تكون القناة الجديدة عمق الدراما السورية، بمعنى الكشف عنها وملاحقتها منذ ولادة الفكرة مروراً بتنفيذها، بثها، وانتهاء إلى ما بعد البث وصداها بين الناس..».
إلا أن أشد الناس تشاؤماً لم يكن يعتقد أن القناة الوليدة وبعد أشهر عدة من النقاشات الحماسية حول هويتها والمأمول منها، ورغم انطلاق بثها التجريبي في شباط الفائت، ستتكون من مجرد ثلاث غرف إدارية (ما زالت تفتقد لجزء من معداتها الأساسية) لمديرها ومدير برامجها ومدير دائرة التشغيل فيها، وحسب، بينما لا تمتلك من قدرتها الفنية ـ التشغيلية شيئاً، معتمدة في حيزها الفني ـ التشغيلي على قنوات التلفزيون الثلاث الأخرى.
الحديث عن الأمور الإدارية وحصة قناة الدراما من مكاتب المبنى الضخم للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون سيبدو من نافل القول.. هكذا قد يرى البعض، مؤكداً أن المهم هو النتيجة ولندع أمور «البروزات» الإدارية جانباً.. سيدافع البعض على "استعارة الحيز الفني التشغيلي من القناة الثانية» بأنها كلها قنوات للتلفزيون السوري، وإمكاناتها هي إمكانات لقناة الدراما حكماً.. وهذا أمر قد نقبله على مضض متجاهلين أن الغرف الإدارية الثلاث تم انتزاعها بالقوة من غرف القناة الثانية، فما بالنا بالأمور الأخرى كغرف المونتاج وما إلى ذلك..؟!
المشكلة أن الحديث عن أهمية قناة الدراما السورية كان غالباً ما يساق على أنها ضرورة لدعم الدراما السورية والترويج لها، في وقت يتفق كثير من صنّاع الدراما أنفسهم على أن لا معنى لقناة الدراما دون أن تكون بحد ذاتها مؤسسة إنتاجية مستقلة لها قانونها الاقتصادي الخاص. وهو الأمر الذي لا يبدو أن القائمين على التلفزيون قد أدرجوه ضمن مهام القناة، ولا سيما مع وجود مديرية متخصصة بذلك في التلفزيون السوري هي مديرية الإنتاج التلفزيوني، وهي شركة الإنتاج الأسوأ في قطاع الدراما السورية.. ولا نأتي بجديد هنا، لأنها تعاني من المشكلات ما لا تستطيع معها أن تكون طرفاً في الإنتاج الدرامي السوري، وتالياً لا يمكن الحديث عن دور لقناة (سورية ـ دراما) في تأسيس نواة قطاع إنتاجي تديره المؤسسات الوطنية دون أن تخضع لإملاءات الآخرين... وهكذا سيقتصر دور القناة الجديدة الداعم على شراء الأعمال الدرامية من الشركات، وهي مسألة تمليها، نظرياً، ضرورة منافسة قنوات الدراما الشبيهة، إذ لا يمكن للقناة السورية أن تنافس الآخرين بمسلسلات الأبيض والأسود، أو بمسلسلات سبق أن عرضت على الفضائيات الأخرى.. وبتقدير أهل الصنعة، فإن القناة تحتاج على الأقل مسلسلاً أو مسلسلين يعرضان أول مرة على شاشتها بمعنى أن التلفزيون بحاجة نظرياً لشراء العروض الأولى وربما الحصرية لاثني عشر عملاً تلفزيونياً، وهو أمر يبدو مستحيلاً إذا ما قيس بالمبالغ التي يدفعها التلفزيون السوري ثمناً للأعمال الدرامية، وهي مبالغ ضئيلة مقارنة بتلك التي تدفعها بعض المحطات العربية التي لا تستبعد منافستها لقناة الدراما السورية، فعلى ماذا نعوّل حين نتكلم عن دعم القناة الجديدة للدراما التلفزيونية..؟!
ماهر منصور
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد