«ضيعة ضايعة» تنافس «مستر بين» و«بورات»؟

23-08-2008

«ضيعة ضايعة» تنافس «مستر بين» و«بورات»؟

باسم ياخورقد يكون »ضيعة ضايعة« من أكثر المسلسلات الفكاهية العربية حضوراً على عشرات المواقع الالكترونية، ما يعطي انطباعاً انه »ضائع« وحقه مهضوم بين المسلسلات العديدة التي تقدّمها الشاشات التلفزيونية العربية.
يجعل المسلسل المشاهد في حنين إلى الماضي، فبين اللهجة السورية القروية القديمة، المناظر المصوّرة، البيوت التراثية، طرقات الضيعة وطبيعة شخصيات المسلسل، ينجذب المتابع إلى »الضيعة الضائعة« كما تجذب الآثار السياح، فتجعلنا المشاهد نتحسّر على ما كانت عليه بعض قرانا. ربما هذا بالضبط هو هدف المخرج الليث حجو والمؤلف ممدوح حمادة، اللذين اعتمدا تمثيل شخصيات قروية بسيطة تعيش في قرية ساحلية سورية نائية، فابتكرا شخصيات مميزة يؤديها عدد من الممثلين بينهم باسم ياخور، نضال سيجري، عبدالناصر مرقبي، آمال سعد الدين، تولاي هارون، جرجس جبارة وغيرهم.
وبرغم الجاذبية الكبيرة لللهجة المحكية المنتقاة، والتي تجعل بعض »اللطشات« حاضرة في اللغة اليومية لمتتبعي المسلسل، حتى هنا في بلاد الاغتراب بين أبناء الجاليات العربية، وبرغم الاحتراف العالي في القدرات التمثيلية، كان لافتاً ان غالبية الحلقات أتت بنهايات غير مقنعة. إذ غالباً ما تكون فكرة كل حلقة وحوارات الدقائق الأولى فائقة الجاذبية، ونادراً ما تنتهي الحلقات بالزخم التشويقي ذاته.
يسعى المسلسل بوضوح نحو إتقان صورة الضيعة، مع ذلك بقيت فيه ثغرات واضحة. فعلى سبيل المثال لا الحصر، لم نشاهد فيه أياً من الدواجن رغم أننا سمعنا صياح الديك بوضوح في أكثر من حلقة، والأمر نفسه انطبق على ثغاء الماعز وعواء الكلاب، من دون ان يكون للمشاهد حق الرؤية بالصورة، فبدت الحيوانات الأليفة وكأنها ترتدي قبعة الإخفاء في المسلسل.. حاضرة بالصوت فقط. اللافت أيضاً في هذا المسلسل طريقة التصوير، التي وإن بدت سينمائية للوهلة الأولى، لكن المخرج لم يعط للتقطيع التوجه ذاته، فأصبحت اللقطات مطوّلة في كثير من المشاهد وفقدت بعض جاذبيتها.
مع ذلك، يبقى هناك شعور أن العمل يستحق المتابعة مع قصص لرجال المخفر والمختار والصبية المغرومة بالأمل لا بالعريس، وزوجات رجال الضيعة، وصاحب الدكان الوحيد والبيوت الحالمة.
أما من حيث المضمون، فالبساطة هي سمةُ ظاهر المواضيع، خصوصاً أن بعضها يبدو مألوفاً أو مقتبساً عن عالم المسرح، لكن قيمة المسلسل الحقيقية تكمن في كونه يجعلنا نفهم كم من ضيعنا ضاعت، وكم من مواهبنا بقيت مقموعة، وكم من جماليات شُوّهت في بيئتنا، وكم من تراثنا ذهب مع الزمن.
ليس من باب المبالغة أن نقول إن »ضيعة ضايعة« برنامج مؤهل لأن يحوّل فيلما سينمائياً، إذ من المؤكد أن شخصيات هذه »الضيعة الضائعة« ستكون أقرب إلينا من شخصيات فكاهية غربية مثل »مستر بين« و»بورات« وغيرهم، فعلى الأقل الضحك في هذه الضيعة.. ضحك تراثي!
تعرضه قناة »أبو ظبي« كل سبت السابعة والنصف مساء بتوقيت بيروت

شربل سلامة

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...