«عواء الذئب»: قصة حقيقية في ذكرى حرب ١٩٧٣

11-10-2010

«عواء الذئب»: قصة حقيقية في ذكرى حرب ١٩٧٣

استعادت الفضائية السورية منذ أيام الفيلم التلفزيوني «عواء الذئب» (إنتاج التلفزيون) حيث بدا واضحاً قلة خيارات القناة الرسمية، في مجاراة ذكرى حرب تشرين 1973، خصوصاً أن الأعمال الدرامية التي أنتجها التلفزيون في السنوات العشر التي تلت الحرب لم تتعد أصابع اليد. أول هذه الأعمال كان فيلم «عواء الذئب» الذي أنتج العام 1974، من إخراج الراحل شكيب غنام. صلاح قصاص في مشهد من القيلم
الكاتب خالد حمدي الأيوبي نقل الفيلم عن قصة واقعية لرجل من منطقة الزبداني، يأسر طياراً إسرائيلياً تُقصف طائرته من قبل سلاح الطيران السوري. وهو من أكثر الأعمال التي استطاعت تقديم صيغة درامية قاربت الذهنية السورية في سبعينيات القرن الفائت، حيث نجد في نص «الأيوبي» طاقة جيدة على دغدغة المشاعر الوطنية من خلال حكاية رجل يُدعى «ديب بو عمر» (صلاح قصاص) يعمل في التهريب ومتهم في قتل أحد رجال الجمارك، يصادف أثناء اختبائه عن أعين الشرطة طياراً إسرائيلياً جريحاً (الفنان رضوان عقيلي) بعد إصابة طائرته «الفانتوم» وتفجرها بصاروخ سوري. يُسر «بو عمر» عندما يخبره الطيار الجريح بأنه طيار سوري يقاتل في جيش بلاده، ولكنه سرعان ما يفاجأ وهو منهمك بإعداد الطعام لضيفه، بمسدس الاسرائيلي مصوّباً باتجاهه. فينجح الرجل في انتزاع مسدس غريمه الإسرائيلي. وهنا تبدأ مفارقات غنية، من خلال حوارات شفافة وذكية تدور بين «بو عمر» والطيار الإسرائيلي الذي يُفتضح أمره. فيعرض على «بوعمر» مبلغاً لقاء تهريبه الى اسرئيل. لكن «بو عمر» يرفض قائلاً «الحيّة ما بتصير خيي يا موسى».
تعرض لقطات قريبة لكل من وجهي قصاص وعقيلي، تكشف عن لغة بصرية مكثّفة، للكلام الدائر بين رجلين عدوّين يتناولان الليل والشاي في مغارة باردة.
وتنتهي الحكاية بسوق «بو عمر» للطيار الإسرائيلي وتسليمه لمخفر القرية. ما يبعث الخوف في نفس خديجة (سلوى سعيد) لعلمها بأن زوجها بو عمر سلم نفسه للشرطة، وأن حبل المشنقة أصبح بانتظاره. فيردد «بوعمر»: «ألف حبل مشنقة ولا يقولوا بو عمر خاين يا خديجة..». فتصبح هذه الجملة بمثابة صرخة دللت على تماسك المجتمع أيام الحرب، مبيناًً قدرته على مواجهة عدوّه بعد نكسات ونكبات متتالية.
تبدو حكاية «عواء الذئب» رغم مشاكل السيناريو الذي كتبه لها شكيب غنام، وصعوبة التصوير الخارجي آنذاك، أكثر ملامسة لمشاعر السوريين الذين حفظوا «ألف حبل مشنقة» في الكادر الأبيض والأسود، لنلاحظ مشاهد مصورة سينمائياً في شارة النهاية، آخذةً طابعاً وثائقياً للحادثة الأساسية.
أعقب التلفزيون السوري «عواء الذئب» بإنتاج تمثيلية «العريس1975» لشكيب غنام أيضاً، وتمثيلية «حكاية من تشرين» من إخراج هاني الروماني، ومن ثم «الولادة الجديدة 1985» إخراج غسان باخوس. لينقطع بعدها إنتاج التلفزيون من الأعمال الدرامية التي تتناول الحرب حتى العام 1990، تاريخ إنتاج «سهرة من تشرين» الذي كان عبارة عن خمس سهرات تلفزيونية أشرف عليها شكيب غنام أيضاً. لكنها لم تنل صدى ما سبقها، ليظل «عواء الذئب» العمل الأبرز بين هذه السلسلة التلفزيونية المتقطعة، والعمل «اليتيم» في أرشيف تلفزيوني يحتفظ بلقطات حقيقية من معركة 1973 قام بتصويرها قسم السينما في الجيش السوري.

سامر محمد اسماعيل

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...