أبولينير والأدب الآيروتيكي

18-07-2007

أبولينير والأدب الآيروتيكي

ارتبط إسم غيوم أبولينير بشعر رفع اليومي الى مصاف الاسطورة، وبغنائية شُيَّدت على احساس عميق بالحب الهارب والجمالية المباغتة. لكن قلة أدركت ان ابولينير تلطى، أوائل القرن العشرين، وراء أحرف إسمه الاولى، ليصدر مرجعاً في فنون الايروتيكية، يزاوج بين الانحراف والجريمة وبقي طويلا ممنوعاً ومبغضاً. في نحو مئة صفحة، اختزل هذا الكتاب، الذي وزِّع على نحو مستتر "من تحت المعاطف"، عصارة الممنوعات. في شكل قصة تتردد بين المنحى الاستشراقي والرواية الشعبية، وصف ابولينير تجوال الامير فيبيسكو، وارث الاريستوقراطية الرومانية، ولقاءاته وعلاقاته، مع خادمه كورنابو، من باريس الى بور او برانس. طرح أبولينير في إباحية متخمة بالهذيان الفاحش، وبالتفصيل، مسائل حيوية: وهن الامبراطورية الروسية، وتفوق اليابان والفوضى الفرنسية وازدواجية الروح الالمانية وتطرف الصرب، لتمسي رواياته من بين أبرز المؤلفات السياسية في القرن العشرين التي ترصد الشغف الحانق وتصنع التاريخ البشري. لكنه وصل الى هذيان التاريخ من خلال تخبط الامير فيبيسكو في هذيان الحواس. بالنسبة الى الشخصية الرئيسية، فإن الامكنة لا تتعدى كونها إشكالية ثانوية، اوروبا أو آسيا، شقة للعزوبية، أو قنصلية، أو قطار أوريان – اكسبرس. لا يتردد البطل أمام أي تجربة أو تفصيل، أكان ذلك يتعلق بالسن أم بالجنس أم بالحياة والموت. هو أسير لذة الجسد التي يقاربها بمغالاة رابليه، من خلال تمارين حيوانية. ذهب أبولينير بعيداً في وصف عالم يمارس نكران الذات ووصل الى حد الغرق في اللجج الاكثر قتامة للعنف البشع والحاقد. في المحصلة، مات بطله فيبيسكو معاقبا،ً لأنه دفع بعيداً تشريحه للجسد الحي وتجاربه التحليلية، وفي هذا استعارة ملائمة لماهية الروائي. أصدر أبولينير كتابه الصادم في شتاء 1906 أي بعد عام على إصدار فرويد "الأبحاث الثلاثة عن نظرية الجنسانية"، ومن الجلي أن الفرنسي دفع باستيهاماته بعيداً ليتفوق الكاتب على الطبيب.

المصدر: النهار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...