أردوغان يهدد سوريا بـ«الأطلسي»
استغل رئيس الحكومة التركي رجب طيب أردوغان عودته من الدوحة ليواصل التصويب اليومي الحاد على خصومه من سوريا إلى العراق، مطلقا مواقف في كل اتجاه ومن مختلف المواضيع.
وانطلاقا من كلام وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون من أن لتركيا الحق في تزويد حلف شمال الأطلسي بالمعلومات عن الوضع على الحدود مع سوريا، أعلن أردوغان أن كلام كلينتون مهم، وانه في حال تكرار سوريا انتهاك الحدود التركية، فإن أنقرة ستستخدم حقها وفقا للقانون الدولي. وقال «إننا سنفعل ذلك ونزوّد الحلف بالمعلومات، ليكون أعضاء الحلف على بينة مما يجري على الحدود. إن حدود تركيا هي حدود حلف الأطلسي. وإذا حصل شيء فإن الحلف يتدخل وفقا للمادة الخامسة من نظامه. وإذا ما حصل انتهاك ثان للحدود (من جانب سوريا) فسنستخدم حتى النهاية كل حقوقنا الطبيعية الناتجة من القانون الدولي».
وتنص المادة الخامسة من معاهدة الناتو على أنه في حال تعرّض أي بلد عضو في الحلف لأي اعتداء، يمكن الأعضاء الباقين التدخل دفاعا عنه، وفقا للحق الذي أعطته المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.
وفي الموضوع السوري، قال أردوغان إنه نصح الرئيس الأميركي باراك اوباما لدى لقائه به سابقا في كوريا الجنوبية أن يكون أكثر حزما تجاه دمشق. ونفى أن تكون أنقرة تنفذ ما تريده واشنطن، مضيفا ان «لنا روابط وعلاقات قربى وحدودا مع سوريا، وهي في الأساس مسألة دولية. ولدى لقاء زير الخارجية أحمد داود اوغلو نظيره الصيني (يانغ جيتشي) قال له الأخير إننا لا نفكر كما في السابق، وهذا مهم جدا».
وانتقد أردوغان اقتراح روسيا إرسال 300 مراقب إلى سوريا لأنه غير كاف، و«قد قلت لأمير قطر انه يجب إرسال على الأقل من ألفين إلى ثلاثة آلاف مراقب. كما يجب إدخال الأمم المتحدة في العملية، ومراقبة انسحاب الدبابات إلى الثكنات. وإذا تحقق ذلك فلا يمكن ظلم السلطات السورية ان يستمر بسهولة».
وشكك من جديد بتطبيق مبادرة مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية الى سوريا كوفي انان، معتبرا انه «ليس في نية سوريا سحب دباباتها إلى الثكنات، وعدد المنشقين عن الجيش السوري بلغ 60 ألفا، وكل عدد الجيش السوري 290 ألفا». وجدد الدعوة إلى دعم «الجيش السوري الحر» والمعارضة بمساعدات إنسانية. وقال إن «جهود حل المشكلة السورية بالطرق الدبلوماسية تتواصل، ولكن هذا لا يمكن ان يستمر طويلا. يجب تحديد المهلة ليس بالأشهر بل بالأسابيع». وأضاف إن «القيادة السورية تواصل فقدان حضورها. السياسة الصينية تتغير ومشروع إرسال المراقبين الذي اقترحته روسيا يظهر أنها (روسيا) لا يمكن ان تستمر في الوقوف إلى جانب السلطة في سوريا».
وحول ما يشاع عن عودة العلاقات بين دمشق وحزب العمال الكردستاني، قال أردوغان ان هناك «تحركات للحزب في سوريا، ولكن لم يصل الدعم السوري إلى مرحلة مؤثرة جدا. النظام السوري لديه نية في استخدام حزب العمال الكردستاني لكن هذا سيخلق مشكلات لسوريا».
في هذا الوقت حذر زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض في تركيا كمال كيليتشدار أوغلو من أن «حدوث أي تدخل عسكري في سوريا، بحسب ما ترغب أميركا، سيفتح الطريق أمام حصول هيلكية مختلفة جديدة للأوضاع في الشرق الأوسط».
واعتبر كيليتشدار أوغلو، في مقابلة مع شبكة «خبر تورك» أمس الأول، انه «نتيجة لذلك ستنفصل المنطقة الكردية، وبالتالي الســماح لقــيام دولة ثانية في منطقة الشرق الأوسط مرتبطة مئة في المئة بأميركا من بعد إسرائيل»، مضيفا «نحن نعارض اختيار طريق التدخل العسكري في سوريا، ونؤمن بضرورة التوصل إلى حل دبلوماسي للمشكلة». وشدد على ضرورة وضع تركيا التوازنات الحــساسة في المنطــقة بعين الاعتبار، موضحا أن «التدخل العــسكري في الشرق الأوسط سينتقل إلى تركـيا أيضا لذا يجــب ألا تكــون تركيا جزءا من مخططات القوى الخارجية المهيمنة على المنطقة».
من جهة ثانية، لم يوفر أردوغان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي من انتقاده، بعدما أعلن المالكي ان تركيا تتحول إلى عدو في المنطقة. وقال أردوغان إن «الذي يتدخل في شؤون العراق ليس تركيا بل القوات التي دخلت قبل عشر سنوات، وجاءت من على بعد عشرة آلاف كيلومتر، وخرجت قبل مدة» في إشارة إلى قوات الاحتلال الأميركي.
وأضاف أردوغان ان المالكي نفسه هو الذي اقترح دخول تركيا إلى العراق لتوقيع اتفاقيات اقتصادية، بلغ عددها 48 اتفاقا. واعتبر ان «سيادة الديموقراطية لا يكون بالتجبر الذي يمارسه المالكي، وهو يتحدث عن الصدام المذهبي، فيما لا قلق عندنا بهذا الصدد، ومن الواضح ان في عالمه الداخلي مشكلة مذهبية». وتابع ان «غالبية الزعماء الشيعة في العراق ليسوا مرتاحين لسلوك المالكي بل ان احد أهم الزعماء الشيعة (أياد علاوي) ولن أذكر اسمه، وصف المالكي بأنه أكثر دكتاتورية من صدام حسين. كما لن يستطيع ان يفرق بين تركيا والعراقيين وهو لم يف بتعهداته يوما».
وتدخلت وزارة الخارجية التركية في النزاع. وقالت، في بيان، ان «تركيا ليس لديها نية التدخل في العراق أو الشؤون الداخلية لأي دولة مجاورة». وأضافت ان «أساس الأزمة السياسية، التي يجد العراق نفسه فيها، هي ان الساسة العراقيين يسعون لتعزيز السلطة واستبعاد الآخرين وليس (اتباع) سياسات تقوم على أساس المبادئ الديموقراطية والشاملة. إنها لحقيقة انه يمكن إيجاد هذا المفهوم الخاطئ للسياسات وراء المفاهيم الخاطئة التي أدت الى توجيه اتهامات ضد تركيا من قبل رئيس الوزراء المالكي الذي حرض على الازمة في العراق».
محمد نور الدين
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد