أفلام "كان" أبرز محاور "عيد السينمائيين"

10-05-2009

أفلام "كان" أبرز محاور "عيد السينمائيين"

 يوم الأربعاء المقبل موعد عشّاق السينما مع الدورة الجديدة من مهرجان “كان” السينمائي الدولي، وبعد 62 سنة على إطلاقه أول مرّة كاملاً (هناك مرّة اغلق فيها أبوابه بعد يومين من افتتاحه إثر غزو ألمانيا لبولندا سنة 1939) لا يزال هذا المهرجان الفرنسي عيداً جامعاً لكل من لديه علاقة ما بالسينما: من النقاد الذين يريدون الاشتراك في فرحة العيد، إلى المخرجين والمنتجين وبقية صانعي الفيلم،إلى رؤساء الشركات التجارية والمؤسسات الثقافية على حد سواء، إلى طلاب السينما في المعاهد وصولاً إلى قطاعات الموظّفين العاملين في حقول الخدمات العامّة مثل قيادة السيّارات الموضوعة بتصرّف النخبة، والحرس الخاص والموظّفين المنتشرين لتأمين الشؤون جميعاً. كل هؤلاء وغيرهم ينتظرون المهرجان لأسباب تتراوح بين العمل الإضافي والمتعة الصافية بالتواجد في مهرجان حافل كهذا.

المحور يبقى تلك الأفلام الكثيرة والمتعددة، وفي جانب ثالث، المتباينة. التي يجمعها المهرجان ليعرضها ما بين الثالث عشر والرابع والعشرين من الشهر ويبلغ عددها في الأقسام الرسمية للمهرجان فقط 58 فيلماً.

أربعة من هذه الأفلام شاهدها هذا الناقد في مناسبات سابقة هي فيلم بدرو ألمودوار الجديد “عناقات مكسورة” المعروض ضمن المسابقة، و”شمشون ودليلة” لوورويك ثورنتون و”ثمين” للي دانيالز، وهما فيلمان يعرضان في نطاق تظاهرة “نظرة ما”، كما فيلم “أمريكا” للبنانية- الكندية شيرين دبس، المعروض في التظاهرة المنفصلة التي تقيمها جمعية المنتجين الفرنسيين تحت مظلّة “نصف شهر المخرجين”.

أبرز هذه الأفلام، نسبة لشهرة مخرجها على الأقل، هو الفيلم الجديد للإسباني بدرو ألمودوار الذي اشترك أكثر من مرّة في مسابقات المهرجان الفرنسي ولم ينل بعد السعفة الذهبية رغم ما يتمتّع به من مكانة وتقدير.في السنوات الأخيرة مال المخرج الإسباني بدرو ألمودوار إلى تكثيف المعنى الآتي من عمق الشخصيات التي يتناولها كاشفة عن المزيد من توجهه البحث عن الهوية الأسبانية في أعماله. ألمودوار أكثر مخرجي فترة ما بعد حكم الجنرال فرانكو شهرة، والوحيد الذي وازاه هذه الشهرة من إسبانيا كان المخرج الراحل لوي بونويل الذي انتهى إلى الهجرة إلى المكسيك بعيداً عن متناول حكم فرانكو اليميني، وفي حين أن أعمال بونويل كانت، في مجملها، سوريالية فإن أعمال ألمودوار، في مجملها، ميلودراميات عاطفية وبضع دراميات داكنة الصورة آخرها، في هذا الاتجاه “تعليم سيئ”، لكن البحث عن ذات إسبانيا في شخصياته لا يتوقّف وهو طابع مشترك بين غالبية السبعة عشر فيلماً التي حققها إلى الآن.

يدور “عناقات مكسورة” عن حب صعب وعلاقة أصعب بين الممثلة التي تحاول الهرب من تعلّق مليونير بها، فرش لها الطريق وصرف عليها وأسسها بين نجمات السينما الاسبانية من فرط إعجابه بها. وإلى حين بادلته التقدير وارتبطت معه بعلاقة عاطفية، لكنها الآن تريد الهرب منها ومنه.

يسرد الفيلم قصّته ذات الإطار البسيط ظاهرياً عبر سلسلة من “الفلاش باك” مصدرها مخرج وكاتب سينمائي سابق يجلس الآن في دارته بعدما أصيب بالعمى (لويس هومار). كيف اكتشف الممثلة الجميلة لينا (كروز) وأحاطها بما يناسب موهبتها؟ وكيف استبدلت لينينا كل طموحاتها الفنية بالعيش الرغيد منذ أن تعرّفت إلى رجل الأعمال أرنستو (جوزي لويس غوميز) الذي ساعدها الوصول إلى ما تبتغيه لكن ليس من أجل جمال عينيها فقط؟

يستعير ألمودوار هنا من السينما الواقعية الإيطالية بعض أوجه التعبير لكنه يعتمد أكثر على نصوص وشروط معدّلة بما يناسب الموضوع الميلودرامي الذي يعمل تحت مظلّته. عملياً، لا الكتابة ولا اختيار مواقع التصوير يؤدّيان إلى ما أدّى اليه النوع المعروف ب”الفيلم نوار”. كذلك لا ينجح التصوير في استعادة تلك الأعمال النادرة في تاريخ السينما في الخمسينات حين كان الأبيض والأسود أكثر تأثيراً في دفع المشاعر، تلك التي داخل الممثلين وتلك التي داخل المشاهدين، إلى التلاقي في فضاء الصالة. لذا فإن النتيجة تخص المخرج وأسلوبه في النهاية ما سيقسم المشاهدين إلى معجبين متيّمين، كالعادة أو حذرين.

إلى ذلك، فإن العنصر المثلي دائم الوجود في أفلام ألمخرج يعاود الإطلالة هنا. في الأساس كل قصص الحب في أفلام ألمودوار لا تشي بالحب الطبيعي بل تحاول أن تؤكد أنه أشبه ب”عناقات مكسورة”، كما يفصح العنوان.

محمد رضا

المصدر: الخليج
 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...