أولمرت يعرض على سوريا:الجولان مقابل القطعية مع إيران وحزب الله
يأمل رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت بالانتقال من المحادثات غير المباشرة مع سوريا إلى مفاوضات مباشرة في كانون الثاني المقبل. ويجري الحديث عن صيغة وديعة متبادلة يلخصها المسؤولون الإسرائيليون بـ»عمق الانسحاب في الجولان بعمق القطيعة مع إيران وحزب الله«.
وأشارت صحيفة »إسرائيل اليوم« الى أن المفاوضات المباشرة مع سوريا ستبدأ في كانون الثاني المقبل. وقالت أن الإعلان عن هذه المفاوضات قد يتم خلال زيارة الرئيس التركي عبد الله غول إلى إسرائيل مطلع العام المقبل. ونقلت عن مصادر سياسية قولها أن أولمرت يأمل بتحويل تلك الزيارة إلى موعد للإعلان عن انطلاق المفاوضات المباشرة.
وأوضحت الصحيفة أن أولمرت سأل السوريين قبل حوالي شهر عن مدى استعدادهم لاستئناف المفاوضات غير المباشرة في ظل استقالته من رئاسة الحكومة، وأن السوريين ردوا بالإيجاب وهم يطلبون مقابل المفاوضات المباشرة »وديعة« على شكل تعهد بالانسحاب إلى حدود العام .١٩٦٧ غير أن أولمرت بات يطالب بـ»وديعة« سورية تنص على وقف دعمهم للمنظمات التي تعمل ضد إسرائيل.
من جانبه أشار المراسل السياسي في القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي إلى أن أولمرت بات يتحدث عن »الوديعة المشروطة«. وتقوم فكرة الوديعة المشروطة على أساس أن »عمق التعهد بالانسحاب في الجولان يكون بعمق التعهد بالقطيعة مع إيران وحزب الله«.
وبحسب المراسل السياسي لصحيفة »هآرتس« باراك رابيد فإن أولمرت ليس في وارد تقديم وديعة لسوريا على شكل وعد بالانسحاب إلى حدود العام ١٩٦٧ مقابل استئناف المفاوضات المباشرة. ومع ذلك قالت مصادر سياسية في تل أبيب لـ»هآرتس« أن أولمرت يدرس بدلا من ذلك اقتراحات بديلة تسمح بالانتقال إلى المحادثات المباشرة. وبين هذه الاقتراحات تقديم وعد »عمومي« بالبحث في قضية »رسم الحدود«.
وقيل أن الاتصالات الأسبوع المقبل ستبدأ بين ديواني أولمرت ورئيس الحكومة التركية طيب رجب أردوغان للتنسيق مع الجانب السوري بشأن إجراء الجولة الخامسة من هذه المحادثات.
تجدر الإشارة إلى أن صحيفة »يديعوت أحرنوت« كانت قد نشرت الأسبوع الفائت أن أولمرت بعث برسالة إلى الأتراك يطلب فيها السعي لاستئناف المحادثات التي توقفت في آب الفائت بسبب التطورات السياسية في إسرائيل. وفي حينه أوضح ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية أنه معني باستئناف المحادثات مع سوريا الأمر الذي أثار زوبعة سياسية داخل الحكومة وفي الحلبة السياسية. وبدا أن المعارضة لهذه الخطوة كبيرة في داخل الحكومة نفسها. فوزراء شاس عارضوا الخطوة وأكدوا أن لا صلاحيات لرئيس الحكومة بفعل ذلك. كما أن زعيم حزب العمل إيهود باراك تعامل بتحفظ مع هذه الخطوة مشددا على جواز الاتصالات وحظر الاتفاقات. وكذا كان حال زعيمة كديما تسيبي ليفني التي قالت أنها ترفض محاولات فرض وقائع على الأرض في ظل حكومة انتقالية. غير أنه خلافا للتحفظ الأولي الذي أبداه باراك عاد إلى تأييد الخطوة مع سوريا. وقال أن »بوسع سوريا أن تكون شريكا لسلام يمكن أن يقود أيضا إلى سلام مع اللبنانيين. ومحظور علينا نحن كقيادة مسؤولة أن نضيع هذه الفرصة«. ومع ذلك قال أنه ينبغي »استخدام العقل واستذكار أن هناك على الدوام حاجة للأميركيين القادرين على توفير المادة اللاصقة«.
تجدر الإشارة إلى أن الاتصالات الإسرائيلية السورية ليست قصرا على الحكومة التركية. ففي الاسبوع الفائت لعب وزير الخارجية الدنماركي بير ستيغ مولر دورا في هذه الاتصالات. وكان مولر قد اجتمع مع الرئيس بشار الأسد قبل حوالي أسبوعين ثم اجتمع مع رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت يوم الثلاثاء الماضي في تل أبيب، وابلغه أن الرئيس الأسد أعرب عن رغبته في مواصلة المفاوضات مع إسرائيل، وأشار إلى أنه »بالغ الجدية« في ذلك. وقد رد أولمرت على مولر بتأكيده أنه أيضا »جدي في نواياي مع السوريين«. وقال مولر أيضا أن الرئيس الأسد تحدث أمامه عن استعداد للانتقال إلى مفاوضات مباشرة حتى في ظل إدارة بوش إذا حصل من إسرائيل على أجوبة مرضية على وثيقة »النقاط الست« التي أرسلت لإسرائيل عبر الأتراك.
وذكرت صحيفة »هآرتس« أن هذه الوثيقة تتضمن ثلاث نقاط تتعلق برسم الحدود في هضبة الجولان وثلاث نقاط تتصل بالترتيبات الأمنية في أي اتفاق سلام بين الدولتين.
وتتوقع مصادر إسرائيلية ألا تجري الاتصالات مع السوريين بالسهولة التي يجري الحديث عنها لأسباب عديدة. وبين أهم أسباب العرقلة الخلاف الدائر داخل الحكومة الإسرائيلية وفي الحلبة السياسية عموما بشأن المحادثات مع سوريا. كما أن التوتر في العلاقات الأميركية السورية وخصوصا بعد الغارة على السكرية ومقتل ثمانية سوريين يجعل من المتعذر حدوث تقدم على هذا الصعيد مع إدارة بوش.
وأشارت »يديعوت أحرنوت« إلى أنه من المقرر أن ينال رئيس طاقم ديوان رئاسة الحكومة السابق يورام تورفوفيتش الإذن بمواصلة إدارة المفاوضات مع سوريا. وكان تورفوفيتش قد استقال من منصبه، لكن أولمرت طلب منه مواصلة إدارة هذا الملف سوية مع مستشاره السياسي شالوم ترجمان. ومن الجائز أن قرار المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية مناحيم مازوز أنه ليس ثمة ما يمنع إيهود أولمرت على رأس حكومة انتقالية من إجراء مفاوضات مع سوريا تضمن أيضا السماح لتورفوفيتش بمواصلة إدارة الملف تحت شروط معينة. من جانبها أشارت »يديعوت أحرنوت« إلى أن الطاقم الاسرائيلي المفاوض مع سوريا سيسافر في غضون اسبوعين الى اسطنبول في جولة المحادثات الخامسة التي جمدت قبل نحو شهرين.
ورغم الإيحاءات بأن أولمرت يطمح إلى استئناف المحادثات المباشرة مع سوريا في كانون الثاني المقبل فإن المقربين منه يشددون على أنه ليس في وارد أن يقدم مقابل ذلك وعدا بضمان الانسحاب إلى حدود العام .١٩٦٧ لكن مصدرا آخر مقربا منه قال أنه قد تنشأ حاجة إلى تعهدات قبل بدء المفاوضات المباشرة. وشدد على أن »تقديم الوديعة ليس بالأمر الذي لا يمكن التراجع عنه. فالواقع يشهد على أن ثلاثة رؤساء حكومة في إسرائيل قدموا الوديعة واستعادوها«.
من جهة أخرى وردا على مطالبات من أعضاء كنيست من الليكود، وفي مقدمتهم وزيرة التعليم سابقا ليمور ليفنات، قرر المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية ميني مازوز أنه ليس هناك في القانون ما يمنع الحكومة الانتقالية من إجراء مفاوضات سياسية. وأضاف أنه بموجب قرار المحكمة العليا في العام ٢٠٠١ ليست هناك في القانون أية قيود دستورية على صلاحيات الحكومة الانتقالية وأن العقيدة الدستورية في إسرائيل لا تحصر نشاطات الحكومة الانتقالية في أمور محددة. ومع ذلك شدد مازوز على أن قرار المحكمة العليا يلزم الساسة بالتعامل بالانضباط المناسب لمكانة حكومة منصرفة. وبالتالي فإن المستشار القضائي للحكومة لا يجد مكانا للتدخل في هذه القضية العامة. وأكد مازوز على أن تدخل القضاء والمحاكم في شؤون إدارة الدولة محفوظ فقط للحالات الشاذة، وهو لا يرى في المفاوضات مع سوريا شذوذا.
وقد أثار رد مازوز هذا غضب أعضاء الكنيست من اليمين. وقالت ليفنات لاحقا أنها بصدد عرض القضية أمام المحكمة العليا لأن هذا وقت غموض وعشية انتخابات وفقط بوسع الحكومة الجديدة أن تقرر ما ينبغي لها فعله. وأكدت أن إجراء مفاوضات من جانب حكومة انتقالية يقيد فقط المفاوضات مع سوريا.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد