أيقونة الحركة النسوية
في مقالة كانت قد نشرتها صحيفة (الغارديان) في ملحقها الثقافي، تحدثت فيها شيخة الأدب الإنكليزي المعاصر (دوريس ليسينغ) عن التاريخ المضطرب لروايتها الشهيرة (المفكرة الذهبية) التي صدرت بطبعتها الأولى عام 1962، والتي جلبت انتقادات كثيرة لأدباء ونقاد ما تورعوا عن أن يصفوا العجوز الروائية ذات الثمانية والثمانين ربيعاً بألقاب مثل: كارهة الرجال، ومحطمة الرجولة، لكن أحداً ممن كتبوا وانتقدوا روايتها لم يتنبه أبداً إلى أصالة بناء الرواية.. إلا الناقد الصحفي نيكولاس تومالين، الذي كتب إليها –كما قالت- يطيب خاطرها بالقول: (لا تعيريهم أي اهتمام، فهم ليسوا إلا جهلة فقط) ومثله أكدت ممثلة سويدية عالية المستوى الثقافي، عندما قالت لها مدافعة عن الرواية في مواجهة السخط الذي انصب على الكاتبة: (إنها ليست روايتك بل هي روايتي فأنا لم أقرأ ما يشبه المفكرة الزرقاء «في إشارة إلى أن الرواية مقسمة لعدة مفكرات كل واحدة بلون) ولن أقرأ غيرها ما حييت..».
رواية ليسينغ هذه التي تعد للآن أكثر الروايات رواجاً في العالم هي انعكاس لأفكارها ومشاعرها عبر قصة كاتبة تجهد لتحليل عصرها، تناقش أفكاره، وتناقشه بأفكارها.
ليسينغ (أيقونة الحركة النسوية) والتي تعد الأكبر سناً بين الفائزين بجائزة نوبل للآداب عام 2007، عن روايتها «مذكرات من نجا» اعتبرت فوزها- كما صرحت للصحافة البريطانية آنئذ- بمنزلة (طبقة السكر التي تزين الكعكة) بعد أن تلقت نبأ فوزها بعد عودتها هي وابنها المريض من المشفى لتشاهد الجموع المتجمهرة أمام منزلها، بما يشبه من يصور حدثاً سينمائياً، معجبون.. وكاميرات.. وعدسات.. الخ، كلها اجتمعت لتقول لها: أنت الفائزة بجائزة نوبل للآداب..
وقد جاء في حيثيات الجائزة: (رواية ملحمية للتجربة النسائية التي سبرت غور حضارة منقسمة على نفسها، معتمدة الشك والحماسة والقدرة الرؤيوية).
ولدت ليسينغ عام 1919 في إيران، من أبوين بريطانيين وعاشت فترة صباها في زيمبابوي، لتكتشف مجاهل إفريقيا، والتمييز العنصري، وآلام الفقراء ومآسيهم، لنرى فيما بعد كيف تجسد هذا العالم المأسوي في رواياتها، ولاسيما في سيرتها الذاتية، بعد أن عادت إلى إنكلترا عام 1949 لتقول في خلاصة تجربتها: (تعلمت الكثير من نفسي من خلال سيرتي الذاتية) ولتؤكد قولها: (لم أستطع يوماً أن أرغم نفسي على الإجابة عن أسئلة غبية)!!.
د. رغداء مارديني
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد