الإقتصاد اللبناني في حالة شلل

يتطور العدوان الاسرائيلي باتجاه تصاعدي يوما بعد يوم، أي ان التدمير المنهجي الذي تحدثه الآلة العسكرية الصهيونية تصعّد من وتيرة همجيتها، فطالت المصانع في منطقة الشويفات، بعد أن قصفت الجسور والطرقات ومعامل الطاقة وقطعت أوصال القرى والبلدات في الجنوب وبعض الاحياء في بيروت، عممت قصفها على سائر المناطق اللبنانية، في خطة منها لإيقاف وشل الحركة الاقتصادية بالكامل من صناعة وتجارة وزراعة، وبالتالي شل حركة اللبنانيين، وفرض حصار شامل عليهم ومنعهم من الذهاب الى أعمالهم والعودة منها، لكن على الرغم من كل ذلك يتمسك اللبنانيون بالحياة، كذلك المسؤولون، في القطاعين العام والخاص يرفضون إملاءات اسرائيل، ويسيرون المرافق الحياتية العامة بما تيسر من الامكانيات وبمن توافر له الحضور الى العمل، أو من استطاع اليه سبيلا بين الغارة والاخرى.
واذا كانت الضاحية الجنوبية أحد الاهداف الرئيسية للعدوان الاسرائيلي بحيث ان الحركة شبه متوقفة فيها، نظرا للغارات المتواصلة، فقد لجأ المسؤولون في بعض الوزارات الى استحداث مراكز بديلة لها، وأمكنة يسهل الوصول اليها من دون تعريض الموظفين والمستخدمين الى الخطر، كما جرى في وزارة العمل، أو نقل الموظفين الى مراكز تابعة للوزارات، حماية لهم وللمواطنين الذين ترتبط حاجاتهم بها مثلما جرى في وزارة الصحة، أو القيام باستحداث مكاتب جديدة تنسيقية بين إدارات المؤسسات بهدف الاستغناء عن العمل الروتيني الذي يجري في الايام العادية، وذلك كما يحصل في مؤسسة كهرباء لبنان.
وزير العمل الدكتور طراد حمادة، حيث تقع الوزارة في وسط الخطر الناجم عن الاعتداءات المتواصلة على الضاحية الجنوبية، أكد  انه نتيجة القصف الذي لا ينقطع على المنطقة (الوزارة مقفلة)، اضطر الى العمل في مركز يخص الصندوق الوطني وهو تابع الى منظمة العمل العربية من أجل الاستمرار في العمل، خصوصا مصلحة القوى العاملة، التي تتمنى على المصانع والمعامل الاستمرار في العمل مع الاخذ في الاعتبار سلامة العمال وأصحاب العمل، ومن ثم دفع الاجور في هذه الظروف الصعبة اقتصاديا واجتماعيا، وكذلك لمتابعة أوضاع المصانع والمعامل ومعرفة الظروف التي تعمل خلالها وتقديم العون المتيسر لها.
وتمنى حمادة السلامة للجميع عمالا وأصحاب عمل، ودعا الموظفين (الحضور ضئيل جدا) الى الالتحاق بأعمالهم في مقر منظمة العمل العربية والمؤسسة الوطنية للاستخدام في منطقة المتحف، وقال ان وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في سوريا أجرت اتصالا معه أبلغته فيه أنها تضع كل إمكاناتها بتصرف وزارة العمل اللبنانية، وهو بدوره سيبلغ ذلك الى مجلس الوزراء والى وزارة الشؤون الاجتماعية.
واذا كان العمل في وزارة العمل على طريق الانتظام، إلا انه في وزارة الصحة أفضل، فيؤكد الوزير محمد جواد خليفة  على ان الحضور لا يتعدى الخمسين في المئة. لكن ذلك لا يمنع من متابعة العمل، فيحل موظف محل زميله وإداري مكان إداري آخر، فغرفة العمليات التي أنشأها في الكرنتينا يداوم فيها الموظفون وهي تختص بأدوية السرطان والادوية المزمنة، وقد أوعز الى المستشفيات بتسليم دواء السرطان للمرضى المحتاجين وإرسال فاتورة لوزارة الصحة، باعتبار ان المرضى معروفون من قبل الوزارة ، كما أرسل أدوية الى كل المناطق التي تحتاجها، في حين ان الطبابة تسير بشكل طبيعي، لكنه شكا من بعض الفوضى التي يحدثها المسؤولون عن المهجرين. وأعلن الوزير خليفة ان سوريا ترسل كميات كبيرة من الادوية من خلال الجسر الممتد بين لبنان وبينها في هذا الاطار، وانه يجري اتصالات مع دول عربية مختلفة من أجل المساعدة في تأمين الادوية.
أما الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي فيجري العمل فيه وفق الظروف الامنية ووفق المناطق من حيث بعدها أو قربها من أماكن الخطورة. ويقول مدير عام الصندوق  ان المركز الرئيسي يعمل بشكل طبيعي، علما ان حضور الموظفين لم يتعد الخمسين في المئة، وهذه النسبة تتدرج في الفروع من 30 الى حدود 80 في المئة، ما يعني ان الحضور جيد، مع ان المهم تلبية حاجة المضمونين الى الاستشفاء. وقد أقفل فرع الضاحية الجنوبية منذ اليوم الاول للقصف في حين أن مركز الشويفات أقفل امس مع مركز الدورة، بعد سقوط القذائف على المرفأ.
وأكد كركي ان الاعمال التي تنجز في المركز الرئيسي وفي الفروع العاملة تقتصر على تلبية طلبات الاستشفاء وتأمين الموافقات عليها، إضافة الى عمليات القلب المفتوح. وقال كركي انه طلب الى الاطباء المراقبين في النبطية وصور تسهيل وتلبية حاجات المضمونين، خصوصا ان هؤلاء الاطباء يتواجدون في المستشفيات. واختصارا يشير كركي الى ان العمل يجري على طريقة التوفيق بين حاجات المواطنين المضمونين وبين سلامة الموظفين والمواطنين معا.
وفي ما خص وزارة الاقتصاد، يقول الوزير سامي حداد لقد طرحت موضوع دوام الموظفين في مجلس الوزراء، وأشدد في هذا الاطار على ضرورة حضور كل الموظفين، إلا الذين لديهم ظروف استثنائية. ففي الايام العادية لم تكن إمكانيتنا قوية، فهل ستكون أقوى في هذه الظروف الممتازة للاستغلال، وذلك في اشارة الى بعض التجار الذين يرفعون الاسعار دون وازع من ضمير. وهنا يشدد الوزير على دور المواطن المفترض فيه ان يبلغ عن التجاوزات، وان كان مفتعلها سيحاسب بعد زوال الازمة، وقد أصبحت الوزارة وزارة تموين فقط. وهنا أقول ان القمح والطحين متوافر لأكثر من شهرين ولا يجوز افتعال أزمات، ونقوم حاليا بتأمين احتياجات القرى الجنوبية بمؤازرة الجيش اللبناني، لكن القمح موجود في الاهراءات وقد انسحب الموظفون من العمل لدى سقوط القذائف على المرفأ. علما ان المطاحن تعمل بشكل طبيعي إلا ان بعضها يشكو من قلة المازوت مع ان الحاجة له لا تكون ملحة ونقول للجميع ان المواد الغذائية والمحروقات مؤمنة ولا لزوم للتهافت على أي شيء.

هذا وقد أقفلت بورصة بيروت امس بناء على طلب كبار المساهمين من وزارة المالية، بسبب الظروف التي يمر فيها لبنان. وقال وزير المالية جهاد ازعور ان البورصة ستغلق ابوابها لاسباب امنية على الرغم من استمرار التعاملات في سوق العملات.
من جهة ثانية شهدت المصارف امس حركة سحوبات عادية من قبل المودعين لتلبية حاجياتهم الضرورية، وبقيت الليرة محافظة على سعرها حيث تداول السوق الدولار بالاسعار التي كانت قبل العدوان، اي ب1514 ليرة

المصدر: السفير