الاتحاد الأوروبي يواجه أخطر تحدٍ منذ 30 عاماً والمصارف الفرنسية تسقط ضحية الديون اليونانية

15-09-2011

الاتحاد الأوروبي يواجه أخطر تحدٍ منذ 30 عاماً والمصارف الفرنسية تسقط ضحية الديون اليونانية

توزعت الأدوار الأوروبية أمس، بين من دقّ جرس الإنذار الاقتصادي مرة أخرى، وبين من طمأن على مصير اليورو. لكن أزمة الديون الأوروبية بدت وكأنها قد وصلت إلى مستوى جديد من الخطورة مع تخفيض وكالة «موديز» لتصنيف مصرفي «كريدي اغريكول» و«سوسييتيه جنرال» الفرنسيين العملاقين، ما يشير إلى انتقال مقلق لعدوى الديون اليونانية عبر القناة المصرفية.مواجهات بين متظاهرين ضد خطة التقشف الحكومية وشرطة مكافحة الشغب في روما أمس (أ ب أ)
وخفضت «موديز» تصنيف بنك «كريدي اغريكول»، احد اكبر المصارف الاوروبية، من درجة «ايه ايه 1» الى درجة «ايه ايه 2» بينما خفضت تصنيف بنك «سوسييتيه جنرال» من درجة «ايه ايه 2» الى «ايه ايه 3» معللة ذلك بالمخاوف من انكشاف هذين المصرفين على الدين السيادي اليوناني. ووضعت «موديز» المصرف الفرنسي الضخم «بي ان بي باريبا» تحت المراقبة السلبية.
وكانت أسهم البنوك الثلاثة انخفضت انخفاضا واضحا خلال الاسابيع الاخيرة وسط القلق بسبب ازمة ديون منطقة اليورو بسبب انكشاف البنوك على الدين المستحق على الحكومة اليونانية، فضلا عن مشكلات تتعلق بالديون في بلدان اخرى في منطقة اليورو وبالاخص ايطاليا. غير ان المصارف الفرنسية الثلاثة، فضلا عن البنك المركزي الفرنسي والحكومة الفرنسية، طمأنت الاسواق بالقول ان البنوك الفرنسية قوية بما يكفي لتحمل اي ضغوط يمكن ان تفرضها ازمة الديون.
وأعلن مصرف «بي ان بي باريبا» أنه ينوي بيع 70 مليار يورو من أصوله لتعزيز رأسماله وتخفيف حاجته للتمويل بـ60 مليار دولار بحلول العام 2012. وتراجعت أسهم «بي ان بي» 2.7 في المئة فيما تراجع سهم «سوسييتيه جنرال» 3.7 في المئة و«كريدي اغريكول» 1 في المئة.
ومن جانبها قالت المتحدثة بلسان الحكومة الفرنسية ووزيرة الموازنة فاليري بكريس ان البنوك الفرنسيـة لا تـزال «قويـة» رغم خفـض المستوى 
التصنيفي. وقالت بكريس «مازالت تلك البنوك تحظى بتصنيفات جيدة جدا، بل بين الافضل بالنسبة للمؤسسات المالية على مستوى منطقة اليورو». وتابعت «ليست هناك مشكلات تتعلق برأس المال ولا بالقدرة على سداد المستحقات ولا بالسيولة المالية.. ليست هناك مشكلة ثقة في البنوك الفرنسية».
غير ان وزير المالية البولندي ياسيك روستوفسكي الذي تتولى بلاده حاليا الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي، قال امام البرلمان الاوروبي في استراسبورغ ان «اوروبا في خطر». وأضاف «اذا انهارت منطقة اليورو فالاتحاد الاوروبي لن يتحمل ذلك، ويمكن ان تحدث كافة العواقب». يذكر ان الاتحاد الاوروبي يضم 27 بلدا بينها 17 بلدا يتعامل باليورو كعملة موحدة.
واعرب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الالمانية انجيلا ميركل عن اقتناعهما بان مستقبل اليونان ضمن منطقة اليورو، بعد ان اكد رئيس وزرائها جورج باباندريو تصميم حكومته على الوفاء بالتزاماتها، وفق ما صرحت به الرئاسة الفرنسية. وادلى ساركوزي وميركل بهذا التصريح بعد مؤتمر عبر الهاتف مع باباندريو في حين تسري شائعات قوية منذ ايام بشأن احتمال افلاس اليونان في الاسواق المالية الدولية.
وقالت الرئاسة الفرنسية في بيان ان «رئيس الجمهورية والمستشارة الالمانية اكدا على انه من الضروري اكثر من اي وقت مضى تطبيق القرارات التي تبناها في 21 تموز الماضي رؤساء حكومات منطقة اليورو من اجل ضمان استقرار المنطقة». واضافت انهما ابلغا باباندريو «بأهمية التطبيق الصارم والفعال لبرنامج الاصلاح الاقتصادي اليوناني الذي تدعمه دول منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي ويتوقف عليه منح اليونان دفعات جديدة من البرنامج» المنطوي على تقديم مساعدات مالية. وقال البيان ان باباندريو «اكد تصميم حكومته التام على اتخاذ كافة التدابير الضرورية لتطبيق مجمل التزاماتها».
واضافت الرئاسة الفرنسية ان «رئيس الجمهورية والمستشارة على اقتناع بان مستقبل اليونان هو في منطقة اليورو. لا بد من تطبيق الالتزامات المتصلة بالبرنامج لكي يستعيد الاقتصاد اليوناني مسار النمو الدائم والمتوازن. ان نجاح خطة انعاش اليونان ستصب في مصلحة استقرار منطقة اليورو».
من جهته، قدم رئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروسو تقييما قاسيا لشدة ازمة ديون منطقة اليورو واصفا إياها بأنها معركة من اجل المستقبل الاقتصادي والسياسي لاوروبا. وفي كلمة له امام البرلمان الاوروبي قال باروسو ان المنطقة تواجه اخطر تحد منذ نحو ثلاثين عاما. واضاف باروسو «نحن نواجه اخطر تحد في جيل. هذه معركة من اجل الوظائف ورخاء الاسر في كل دولنا الاعضاء. هذه معركة من اجل المستقبل الاقتصادي والسياسي لاوروبا. هذه معركة من اجل ما تمثله اوروبا في العالم. هذه معركة من اجل التكامل الاوروبي نفسه».
وفي مناشدة عاطفية للاتحاد الاوروبي وخاصة الاعضاء السبعة عشر في منطقة اليورو للعمل معا على نحو اوثق قال باروسو ان زيادة التكامل هو السبيل الوحيد لوقف الدورة السلبية في الاسواق المالية. وتابع أمام البرلمان قائلا «ما نحتاحه الان هو قوة دافعة جديدة تبعث على الوحدة (بالفرنسية). دعونا لا نخاف من العالم. لحظة توحيد جديدة.. هذا امر لا غنى عنه. أيها الاعضاء الاعزاء طريق التعافي طويل ومؤلم بالنسبة للملايين من مواطنينا وبالنسبة لاعمالنا. لكنه لن يكون اقل إيلاما بمواصلة المماطلة او بتقديم افكار سريعة للاصلاح ستستغرق بالضرورة وقتا. بل لقد اصبح واضحا اننا نحتاج الى تكامل أكبر لسياساتنا الاقتصادية وتلك الخاصة بالميزانية».
وحذر المفوض الاوروبي للشؤون الاقتصادية اولي رين من عجز اليونان عن سداد ديونها او خروجها من منطقة اليورو معتبرا انه ستكون لذلك «كلفة بالغة» على اليونان نفسها وعلى اوروبا والعالم اجمع. وقال رين امام البرلمان الاوروبي «من المؤكد ان عجز اليونان او خروجها من منطقة اليورو ستكون له كلفة بالغة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي ليس في اليونان وحدها وانما ايضا في كل دول منطقة اليورو والاتحاد الاوروبي وكذلك شركائنا العالميين».
واشار رين الى ان الاتحاد الاوروبي في حاجة من اجل مواجهة هذه الازمة الى «مزيد من الاندماج» حتى تتخذ الاجراءات «بشكل اسرع واكثر فاعلية». وقال ان «الهياكل المؤسساتية القائمة غير كافية لمواجهة الازمة الحالية ونحن في حاجة الى تحرك توحيدي وذلك ينبغي ان يبدأ اليوم».

المصدر: وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...