البرلمان المصري يناقش تطبيق قانون "حد الحرابة" الذي يعاقب بالصلب وقطع الأيدي والأرجل
خطا الإسلاميون في مصر أولى خطواتهم باتجاه تطبيق الشريعة الإسلامية في البلاد، إذ ناقش مجلس الشعب، يوم أمس، مشروع قانون يقضي بتطبيق "حد الحرابة" على جرائم القتل والسرقة، والذي يلحظ إنزال عقوبات قاسية على الجناة من بينها الصلب وقطع الأيدي والأرجل.
وكان النائب عن "حزب النور" السلفي عادل يوسف العزازي تقدم بمشروع قانون قائلاً: "إنه شرع الله، ولا خيار لنا في تطبيق شرعه وحكمه، كما قال تعالى: إنْ الحكم إلا لله". وأضاف إن "بعض الناس لا يأتون إلا بالعقاب الرادع، والعقوبات الوضعية (القوانين الحالية) غير رادعة"، مشيراً إلى "تدني نسبة ارتكاب الجرائم في المملكة العربية السعودية التي تطبق حد الحرابة مقارنة بالدول الأخرى".
وتقضي المادة الأولى من مشروع القانون بتطبيق "حد الحرابة" على "جرائم المجاهرة بأخذ المال أو القتل، أو أي جناية معتمدة على القوة بإشهار السلاح أو نزع الممتلكات"، فيما تشير المادة الثانية إلى أن العقوبة تلك تقع على "كل من شارك في الجريمة إذا كان بالغاً عاقلاً حتى لو باشر بعضهم، وكان الآخرون عوناً لهم".
ويمنح مشروع القانون الشرطة حق "التعامل مع هؤلاء بعد إنذارهم بالقوة حتى لو أدى ذلك لإطلاق النار عليهم وقتلهم"، لكنه يشير إلى ان "من استسلم أو وقع جريحاً لا يجوز الإجهاز عليه بالقتل أو إيقاع الأذى به".
ويحدد مشروع القانون العقوبة التي يمكن إنزالها بحق الجناة على النحو التالي: "إذا كانت الجريمة هي القتل وجب الإعدام قتلاً، وإذا كانت الجريمة الاستيلاء على المال أو الممتلكات قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف، وإذا صاحبت الجريمة قتلا واستيلاء على المال قتلوا وصلبوا حسب ما يراه القاضي ويقدره، وإذا كان مجرد إلقاء الرعب على الآمنين دون الجناية على نفس أو مال حبسوا حتى تظهر توبتهم".
ويقضي القانون كذلك بأنه "إذا قبض على الجناة ووجد معهم ممتلكات، فإن عرف أصحابها ردت إليهم أو إلى ورثتهم، وإن لم يعرف أصحابها وضعت في خزانة الدولة، وأنفقت في المصالح العامة"... وأما الأموال التي استولوا عليها ثم أتلفوها فإنهم يغرمون لأصحابها، وللقاضي الحق في الحجز على ممتلكاتهم وأموالهم مدة مناسبة يردون فيها ما أتلفوه أو قيمته، وإلا باع هذه الممتلكات الخاصة بهم والمحجوز عليها في مزاد علني لتحصيل حقوق المجني عليهم".
وتنص المادة العاشرة على أن "من تاب من هؤلاء الجناة وسلم نفسه للعدالة يسقط في حقه حد الحرابة، ولكن تبقى حقوق المجني عليهم".
وبالأمس، عقدت لجنة الاقتراحات والشكاوى برئاسة الدكتور طلعت مرزوق جلسة خاصة لمناقشة مشروع القانون المقترح، بعدما أحاله إليها رئيس المجلس سعد الكتاتني، وقد تمت دعوة الأزهر الشريف لإبداء رأيه في المشروع.
وأناب شيخ الأزهر أحمد الطيب عضو مجمع البحوث الإسلامية رأفت عثمان، ومفتي الجمهورية الأسبق نصر فريد واصل، ومستشار شيخ الأزهر عبد الدايم نصير، والمستشار القانوني في الأزهر محمد عبد السلام للمشاركة في النقاشات داخل البرلمان.
وأشارت وسائل إعلام مصرية إلى أن الأزهر أبدى موافقته المبدئية على مشروع القانون. وقال محمد عثمان إن "القوانين دائمًا تكون ملك الواقع، والشريعة الإسلامية توجب عقوبات معينة يسميها العلماء حدوداً، لا يجوز التغيير فيها بزيادة أو نقصان، ولا بد من تطبيقها في كل العصور"، فيما أشار عبد الدايم نصير إلى أن"هذا الاقتراح يحتاج إلى مزيد من الدراسة لتحديد الحالات التي تهدد أمن واستقرار المجتمع وتستوجب تطبيق حد الحرابة".
في المقابل، انتقد مندوب وزارة العدل المستشار هيثم البقلي مشروع القانون بسبب "عدم دقة صياغته". وأوضح أن كثيراً من مواد مشروع القانون موجودة في قانون العقوبات وبعض القوانين الأخرى مثل قانون الشرطة والقانون المدني.
وفي ختام الجلسة، قررت اللجنة إعطاء مهلة للنائب العزازي، لإعادة صياغة مشروع القانون بدقة، ووضع ملاحظات وزارة العدل في الاعتبار، وتحديد اجتماع آخر لمناقشته ووفقاً لآلية البرلمان.
وإذا وافقت لجنة الاقتراحات والشكاوى على مشروع القانون ستتم إحالته للجنة الشؤون الدستورية والتشريعية لإعداد تقرير تتم مناقشته في جلسة عامة لمجلس الشعب لإقراره أو رفضه حسب رأي الأغلبية التي تسيطر عليها التيارات الإسلامية.
وأثناء مناقشة مشروع القانون أمام اللجنة احتشد عدد من نواب "حزب النور" لتأييد زميلهم، وقال النائب إبراهيم راغب إن "تطبيق حد الحرابة سيعيد الأمان إلى البلدة المباركة (مصر)، فيما قال النائب محمود غريب إن القانون هو "النبتة الأولى لمجلس الشعب لتطبيق شريعة الله في الأرض"، مشيراً إلى أن "المصريين أعطوا أصواتهم للإسلاميين لهذا المقصد، وسنواصل تقديم بقية مشروعات القوانين لتطبيق بقية الحدود".
بدوره، أشاد النائب "الإخواني" جمال حشمت بمشروع القانون، مذكراً بأن مجلس الشعب قام في العام ١٩٨٧ بتشكيل لجنة لإعادة صياغة مشاريع القوانين لتتطابق مع نص المادة الثانية من الدستور، التي تنص على أن الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع، لكن رئيس مجلس الشعب السابق فتحي سرور رفض إصدارها.
في المقابل، شن حقوقيون هجوماً عنيفاً ضد مشروع القانون، مشيرين إلى أنه يتعارض مع الاتفاقيات والالتزامات الدولية التي وقعت عليها مصر منذ سنوات طويلة.
وقال الخبير القانوني عبد الله خليل إن هذه العقوبات تندرج تحت العقوبات غير الإنسانية، ولا يقرها المجتمع الدولي، لافتا إلى أن تطبيق هذه العقوبات يسيء إساءة بالغة لسمعة مصر في المحافل الدولية.
من جهته، قال عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان حافظ أبو سعدة إن البرلمان "لا يستطيع وضع قانون عقوبات من دون وجود دستور"، مشدداً على أن مشروع القانون المقترح "يخالف الإعلان الدستوري الذي يجرم التعذيب حتى لو كان بالقانون، لافتاً إلى أن تطبيق الحرابة وقطع الأيدي والأرجل يعد شكلاً من أشكال التعذيب".
بدوره، قال الفقيه القانوني شوقي السيد إن مشروع قانون "حد الحرابة" يعد "تعبيراً غريباً على التشريعات الجنائية"، مشيراً إلى أن قانون العقوبات الحالي مليء بالنصوص الرادعة ولكن لا يتم تطبيقها بشكل جدي.
وقال المتحدث الرسمي باسم حركة "6 ابريل" طارق الخولي "إننا نواجه فقهاً مستورداً لا يعرف وسطية وسماحة الإسلام"، محذراً من أن مشروع القانون المقترح "قد يغالي في تنفيذ العقوبة على المتظاهرين والثوار بوصفهم مفسدين في الأرض وهذا ما نتخوف منه".
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد