البنتاغون: رادار «الأطلسي» في تركيا يبدأ نهاية 2011
لم تكد أنقرة تؤكد، أمس، ما شاع قبل أسابيع أن نظام الإنذار المبكر التابع للدرع الصاروخي سيتم نصبه على الأراضي التركية، حتى سارعت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إلى الإعلان أن نظام الرادار للإنذار المبكر، التابع لحلف شمال الأطلسي، سيبدأ العمل في تركيا بنهاية العام الحالي، وانه سيكون مرتبطا بسفن الدفاع الصاروخي العاملة في البحر المتوسط.
وقال المتحدث باسم البنتاغون العقيد ديف لابان، في واشنطن، «من المتوقع أن يبدأ هذا الرادار بالتحديد العمل بنهاية هذا العام». وأضاف انه سيكون مرتبطا بسفن الدفاع الصاروخي العاملة في البحر المتوسط، وان «الهدف هو نشر هذه السفن قبل نهاية العام».
وشددت موسكو على ضرورة حصولها على ضمانات قانونية لحمايتها من أخطار مشروع الدرع الصاروخي. وقالت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، إن «احتمال نشر (عناصر) من الدرع الأميركية المضادة للصواريخ في تركيا يجعل الحصول على ضمانات قانونية صلبة من جانب الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي أمرا ضروريا أكثر». وكالات
*وكانت أنقرة قد أكدت أمس، ما شاع قبل أسابيع أن نظام الإنذار المبكر التابع للدرع الصاروخي سوف يتم نصبه في الأراضي التركية.
وجاء التأكيد على لسان وزارة الخارجية التركية نفسها عندما أجاب الناطق باسمها سلجوق اونال على سؤال بهذا الخصوص. وقال اونال انه في نهاية عملية مشاورات شاملة شارك فيها أعضاء حلف شمال الأطلسي، بما فيها تركيا، وافق «الأطلسي» في قمة لشبونة العام الماضي على مفهوم الإستراتيجية الجديدة للحلف. وتهدف هذه العقيدة إلى ضمان امن الحلف في مواجهة التهديدات اعتمادا على التكنولوجيا المتطورة المتلائمة مع شروط العصر.
وأضاف أونال انه «في هذا الإطار تقرر تطوير نظام دفاع ضد تهديدات الصواريخ البالستية. وقد أعطت تركيا دعمها منذ اللحظة الأولى للجهود المبذولة لتطبيق القرار». وأشار إلى أن تركيا بصفتها ركيزة من ركائز الحلف، وبناء على توجيهات الحكومة، فقد تقرر نشر نظام الإنذار المبكر التابع لنظام الدرع الصاروخي على الأراضي التركية. واعتبر أن هذه الخطوة ستعزز قدرة حلف شمال الأطلسي الدفاعية كما ستقوي نظام الدفاع الوطني التركي.
وبذلك تؤكد أنقرة رسميا، وللمرة الأولى، جميع الشائعات والتسريبات التي كانت تنشر في وسائل الإعلام التركية، وكانت الحكومة تلتزم الصمت تجاهها.
ويأتي تأكيد نشر نظام الدرع الصاروخي على الأراضي التركية، في مناطق لم يكشف عنها، في ظل تقارب تركي قوي مع حلف شمال الأطلسي من خلال مشاركة انقرة في عمليات الحلف ضد قوات العقيد الليبي معمر القذافي، حيث ادت تركيا دورا مساندا، جويا وبحريا، للعمليات، كما من خلال الدور القيادي لقاعدة ازمير الأطلسية، وكذلك من خلال تقديم تغطية إسلامية لعمليات كان وزير الداخلية الفرنسي السابق وصفها بالصليبية.
ويأتي تأكيد الخارجية التركية لنشر نظام الدرع الصاروخي في لحظة سياسية إقليمية ودولية حساسة، حيث يسود الفتور العلاقات التركية- الإيرانية من جراء المسألة السورية، فضلا عن التوتر غير المسبوق في العلاقات التركية- السورية، خصوصا أن نظام الدرع الصاروخي موجه في الأساس ضد إيران وسوريا والدول المعارضة للسياسات الغربية والإسرائيلية في المنطقة.
كذلك جاء التأكيد بعد تهديدات الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بضرب إيران عسكريا إذا أصرت على الاستمرار في برنامجها النووي، معتمدا في تهديده على حلف شمال الأطلسي الذي بات يغري بعد إطاحته القذافي الدول الغربية على تكرار استخدامه أو التهديد به لابتزاز خصومه.
وسوف تعطي الموافقة التركية إشارة سلبية جدا تجاه محيطها الإقليمي المباشر، ما سينعكس مزيدا من التوتر مع جيرانها الجنوبيين، فضلا عن روسيا، التي كان نظام الدرع الصاروخي في الأصل يستهدفها، قبل أن تضاف إليها سوريا وإيران وبالتالي إعطاء دور مركزي لتركيا في هذا النظام.
والمفارقة في الموافقة التركية على الدرع الصاروخي أنها جاءت بعد تسريب مضمون تقرير «بالمر» حول الهجوم الإسرائيلي على «أسطول الحرية» والذي لم يحمّل إسرائيل مسؤولية وبرر فعلتها في المياه الدولية ولم يطلب منها الاعتذار، وحيث كان رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان ووزير خارجيته احمد داود اوغـــلو يتوقعان أن يكافئ الغرب تركيا على انسجامها مع سياساته في الأشهر الأخيرة بحيث يحفظ تقرير «بالمر» لهما ماء الوجه تجاه الرأي العام التركي الذي كان ينتظر من حكومته ردة فعل أقوى تتناسب مع دماء الأتراك التسعة وحجم العدوان الذي حصل.
*محمد نور الدين- السفير
إضافة تعليق جديد