التسلل إلى حياتنا الشخصية على الإنترنت هل ماتت الخصوصية؟

15-11-2010

التسلل إلى حياتنا الشخصية على الإنترنت هل ماتت الخصوصية؟

«الخصوصية ماتت... وعلينا دفنها». تلك هي الخلاصة التي خرج بها المحقق الأميركي في دعاوى «خصوصية الانترنت» ستيف رامبام قبل أعوام، واضعاً كل ما يحكى عن إجراءات تقنية وقانونية لحماية حياتنا الشخصية على الشبكة الالكترونية في خانة «الأساطير».
ولعلّ رامبام يبدو محقاً، وما يؤكد قوله هو استمرار السجال حول «خصوصية الانترنت»، والذي تجدد خلال الأسبوعين الماضيين، على خلفية الدعوى القضائية التي رفعتها إحدى المنظمات الحقوقية الأميركية ضد شركة «غوغل» العملاقة، بعدما تبيّن أن خاصّية «باز» (Buzz)، التي أضافتها الشركة على خدمات التواصل الاجتماعي، قد نقلت كل عناوين البريد الالكتروني الخاصة بمستخدمي خدمة «جي مايل» إلى الشبكة الالكترونية، ما جعلها متاحة لكل الأعضاء من دون استئذان أصحابها.
لكنّ للحقوقيين والمشرّعين رأياً آخر، فالخصوصية بالنسبة لهم حق أساسي لا يموت، ولهذا فإنّهم يعتقدون أنّ القوانين ما زالت قادرة على حماية الأفراد من «الانتهاكات الالكترونية» للخصوصية، وإن كانوا يقرّون بالصعوبات التي تحول دون حماية هذا الحق بشكل مطلق، وذلك بالنظر إلى الوتيرة السريعة لتطوّر «ثورة المعلوماتية»، فضلاً عن الطابعين الكوني واللامركزي لشبكة الانترنت، ما يجعل التعامل مع ظاهرة انتهاك الخصوصية أمراً بالغ التعقيد.
احذر... أنتَ مراقب!
ويجمع خبراء المعلوماتية على أن ما حدث مع مستخدمي موقع «غوغل» من انتهاك للخصوصية ما هو إلا نموذج بسيط للخطر الذي يتهدد متصفحي الشبكة الالكترونية، متحدثين عن وسائل عديدة يمكن لجهات معينة أن تستخدمها لرصد كل حركة نقوم بها على شبكة الانترنت.
ولعلّ هذه الانتهاكات قد تصل حد التسلل إلى ملفاتنا الشخصية، وربما مراقبتنا عبر الكاميرات المثبتة في أجهزة الكومبيوتر الخاصة بنا من دون أن نشعر بذلك، وهو أمر، «وإن كانت القدرة عليه متفاوتة بالنظر إلى نظم الحماية والتشفير التي يعكف المبرمجون على تطويرها بشكل مستمر، إلا أنّه يبقى ممكناً، أقله من الناحية النظرية»، حسبما يوضح خبير في المعلوماتية.
ويشير الخبير إلى أنّ خرق الخصوصية على شبكة الانترنت يمكن أن يتم من قبل جهات ثلاث أساسية هي: مزوّد خدمة الاتصال بالانترنت (Internet Service Provider)، والمواقع التي يزورها المتصفح، بالإضافة إلى مخترقي الشبكة (Hackers) أفراداً أو أجهزة أمنية واستخباراتية.
ويوضح أن باستطاعة مزوّد الخدمة أن يرصد كل ما تقوم به على الانترنت (مكان وزمان الدخول إلى الشبكة، المواقع التي تم تصفّحها، الكلمات التي جرى البحث عنها، الحوارات، الرسائل الالكترونية المتبادلة... إلخ)، وذلك من خلال رقم الانترنت الخاص بالمستخدم (Internet Protocol)، وأدوات أخرى تعرف بالـ«Proxy» و«Packet Sniffer»، وهي برمجيات قادرة على تحليل كل حركة تجري على الشبكة الالكترونية.
ويشير الخبير إلى أنّ شركات الانترنت غالباً ما تحرص على سرّية هذه المعلومات، بحيث ترفض تسريبها إلا بطلب خاص من السلطات القضائية المختصة، لكنه يوضح أنّ «ذلك لا يعني أن هذه المعلومات محميّة من اختراقات أجهزة الاستخبارات الكبرى».
ويضيف الخبير أنّ المواقع الالكترونية التي يزورها المتصفح قادرة بدورها على تحديد حركته فيها، وذلك من خلال إدخال ملفات صغيرة تعرف باسم «Cookies» على القرص الصلب (Hard Disk) في جهاز الكومبيوتر. وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ المنتديات الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، وأهمها «فيسبوك» و«تويتر»، غالباً ما تتضمن ثغرات تمكّن المتطفلين من الاطلاع على أدق التفاصيل الشخصية للمشتركين فيها، وإن كانت هذه المواقع تعمل باستمرار على ابتكار سبل لحماية الخصوصية.
أما الاختراق (Hacking)، فيمثل التحدّي الأكبر الذي يواجه الأفراد والشركات والمواقع الالكترونية، وهو يبدو أشبه بحرب مفتوحة لا قاعدة ثابتة لها سوى استفادة كل طرف من ثغرات الطرف الآخر. وهي تتم عادة عبر برامج معقدة وأشكال مختلفة، قد تصل إلى حد رصد تحركاتنا الشخصية، عبر اختراق أجهزة الكومبيوتر المحمولة، وربما مراقبتنا داخل منازلنا.
تحدّيات قانونية
ولعلّ واقعاً كهذا يطرح إشكاليات معقّدة حول سبل التعامل قانونياً مع ظاهرة انتهاك الخصوصية الفردية على الشبكة الالكترونية.

وسام متى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...